اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الأول ٢٠٢٥
المطلوب عربيًا وإسلاميًا الالتحاق بمسارات تحرير فلسطين
جزم المؤرخ الفلسطيني د. أسامة الأشقر أن عملية 'طوفان الأقصى' التي انطلقت من غزة صبيحة السابع من أكتوبر 2023م، وما زالت تداعياتها مستمرة في ذكراها الثانية، حسمت معركة الوعي عربيا وإسلاميا وعالميا لمصلحة القضية الفلسطينية التي أضحت قضية عالمية وإنسانية وأخلاقية وقانونية.
ووصف الأشقر تلك العملية العسكرية الفلسطينية بـ'الحدث المفصلي'، و'علامة فارقة' في تاريخ القضية والأمة الإسلامية والمنطقة عامة بل أشبه بـ'زلزال هائل' أحدث اضطراب وقلب الأمور العميقة جدا في الشرق الأوسط.
ولذلك، كشفت المعركة حجم الخذلان العربي -بحسب الأشقر- وتخوّف رسمي عربي من نتائج 'الطوفان' ومدى ما وصفه بـ'الانحطاط السياسي العربي' في نصرة القضية الفلسطينية وشعبها الذي يتعرض لإبادة جماعية.
وقال: التأمل في 'الطوفان' والتأمل في التغيرات السريعة والهائلة في المنطقة والمواقف الدولية يثبت أن 'أي تأخير في فهم هذا (الطوفان) لن يكون في مصلحتك، هذا الطوفان يحتاج لمرشدين وأدلاء للبحث عن الفرص الكامنة فيه'.
وعاد الأشقر لإطلاق وصف آخر على 'الطوفان' مشبها إياه بـ'قذيفة هائلة' تستوجب من الجميع الالتحاق بها، واستطرد: 'الطوفان لا ينتظر المترددين!، لا ينتظر المتوقفين أو ذو الحسابات الكثيرة!، الطوفان: قذيفة هائلة!'.
'حتى لو توقفت الحرب الإسرائيلية على غزة؟، كرر حديثه بأن 'هذا الطوفان سيتجه اتجاهات كبيرة وسيندفع نحو موجات هائلة وضخمة!'، وشرح أكثر: موجات فلسطينية فلسطينية، موجات عربية ومحيطة، موجات إقليمية، فلسفية، اقتصادية، اجتماعية، إعلامية وغيرهما.
ورغم إقراره بأن 'الواقع في غزة كارثي' وزاوية النظر تختلف من شخص لآخر حول 'طوفان الأقصى' كالباحث أو المفكر أو المقاوم أو الغزي النازح في خيمته أو الجريح أو العائلة المكلومة، لكنه تنبأ بـ'مشهد كبير قادم .. سيغير هذه المشاهد القاسية والمؤلمة'.
جاء ذلك، خلال حلقة 'نبض بودكاست' أجرتها 'شبكة قدس الإخبارية' مع المؤرخ الفلسطيني.
'منطق مخطط الطوفان'
'هل كان الطوفان أكبر من الأمة العربية أو الإسلامية؟'، قال المستشار السياسي في (مركز الراصد للدراسات) إنه لا يمتلك معلومات عن خطط 'الطوفان' أو المخططين له، لكنه علق على المخطط معتقدا بأنه 'استغرق عدة سنوات لتجهيز هذا العمل الكبير'.
وتطرق إلى 'الوضوح الشديد' في طريق 'الطوفان'، رغم الكثير من العقبات، 'وأظن أنه فكر بمنطق أن القضية الفلسطينية ما زالت على حالها منذ 80 عاما، ولا زالت فلسطين محتلة غير محررة .. هل المشكلة في الفلسطينيين؟ أم المشكلة في الأمة؟ أم المشكلة في الهيئات والمؤسسات الأممية والدولية؟'.
ورسم مشهد القضية الفلسطينية في عدة مسارات (افتراضيا) جالت في ذهن 'مخطط الطوفان'، أولها/ 'اتفاقية أوسلو' الممتدة منذ أكثر من ربع قرن ولم يحصل فيها الفلسطيني على حكم مدني ولا حكم سلطة، فـ'المشروع العالمي لم ينجح بتقديم حل للقضية الفلسطينية، حتى السلطة باتت غير مقبولة إسرائيليا ولا أمريكيا'.
ونبه إلى أن الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال تحاول اليوم تفكيك السلطة مع الحفاظ على جوهرها الأمني القائم على التنسيق والتعاون الأمني مع أجهزة الاحتلال.
والمسار الثاني الذي دار في ذهن 'مخطط الطوفان' -من منظور الأشقر- هو محطات النضال/ انتفاضة الأقصى عام 2000، وصول المقاومة للشراكة في الحكم والقرار الفلسطيني انتخابات 2006م، 'ورغم دحر الاحتلال عن غزة إلا أنه حاصر غزة وخنقها دون تمكينها لأن تكون مركز إسناد للساحة الحقيقية وهي الضفة أو القدس'.
ولاحقا 'معركة الفرقان' 2008 التي توجت بصمود المقاومة، 'معركة حجارة السجيل' 2012، 'معركة العصف المأكول' 2014 التي أبدعت فيها المقاومة، 'معركة سيف القدس' 2021 ثم 'معركة وحدة الساحات' 2022 وصولا لمعركة 'طوفان الأقصى' المستمرة.
وتطرق في حديثه إلى 'المقاومة الشعبية' التي جاءت عبر مسيرات العودة 2018 التي قمعها جيش الاحتلال بالقسوة والنار والمجازر الدموية.
'بيئة فاسدة وانحطاط سياسي'
وخلص إلى أن الأزمة الفلسطينية تكمن في وجود 'بيئة سياسية داخلية فاسدة .. كل هذه السنوات من المجازر والقتل، لم تدفع المستوى السياسي (منظمة التحرير) للالتحام مع الشعب الفلسطيني ونضاله' ضد الاحتلال ومستوطنيه.
وعربيا، ستجد أن هذه البيئة وصلت مرحلة 'الانحطاط السياسي' ولا يمكنها تقديم أية مساعدة سياسية بل قررت التعامل مع القضية الفلسطينية بأنها 'شأن داخلي' وفصلت المسار الدبلوماسي بين الفلسطينيين و(إسرائيل) وهذا ما توجته الأنظمة العربية بسلسلة اتفاقيات التطبيع حتى أصبح الكيان الإسرائيلي 'جزءا من المكونات العربية .. وأضحت القضية الفلسطينية جزءا من المجهول'.
ولخص الأشقر تلك المسارات التي جابت 'ذهن المخطط الاستراتيجي': المقاومة العسكرية، المقاومة الشعبية، المسار السياسي، حتى وصلنا درجة أن 'القضية الفلسطينية ذابت، ولم يعد أمام الفلسطيني أية خيار'.
والمسار الثالث/ هو (إسرائيل) ككيان لا يعيش بقوته الداخلية إنما يعيش من خلال 'رئة صناعية' للاحتواء العالمي للقوى العالمية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي 'أنت تتعامل مع أمريكيا'.
وأوضح أن 'البيئة الاستراتيجية تقتضي 'قفل الصنبور' فيجب أن تصدر أقوال أو مذاهب حول العلاقة الثنائية مع (إسرائيل)، لا يمكن تبرير هذه العلاقة؟، هل (إسرائيل) دولة كبيرة؟ هل (إسرائيل) تعتمد على صناعاتها وزراعتها؟ وذلك في إشارة إلى قوة هذا الكيان من خلال امتداده في المجتمعات العربية والإفريقية والأسيوية '(إسرائيل) تعيش خارج (إسرائيل)'.
ونبه إلى أن (إسرائيل) عبارة عن كتلة هائلة متدحرجة من الأعباء على الدول العربية أيضا.
وفي النهاية: جاء قرار 'طوفان الأقصى' وهو عبارة عن: 'فعل حاجة كبيرة لتغير البيئة الاستراتيجية .. وهنا جاء الفعل الكبير غير المألوف!' صبيحة 7 أكتوبر 2023.
نتائج أولية
وعدد الروائي الفلسطيني أبرز نتائج 'طوفان الأقصى' منذ انطلاقتها وكانت البداية أن: (إسرائيل) كيان قابل للهزيمة رغم التحصينات والرقابة العسكرية والأمنية والردع والإنذار المبكر والقدرة على الحسم والحرب.
ويشير إلى أن المقاومة انتصرت على 'فرقة غزة العسكرية' وأبادتها كاملا، وكسرت أول عمدة من عماد بناء الكيان الإسرائيلي 'كيان قابل للهزيمة أمام حركة فلسطينية'.
ورأى أن هذه النجاحات ستؤثر على الكيان المؤسس على التناقض والتنازع (المجموعة الصهيونية) و(المجموعة الدينية) وهذا دليل أن المجتمع الإسرائيلي مجتمع مفكك منذ لحظة تكوينه، وفيه عوامل تآكل حقيقية، وممكن تأخير النمو فيه'.
وذكر أن 'الطوفان' كشف المجتمع الإسرائيلي وكشف النظام الإسرائيلي وأدخل الانشقاقات والخلافات بينه حتى أن الأسئلة المؤجلة أصبحت قضايا صراع حقيقية.
وأكمل: 'هذا الصراع يتطور من أجل تخريج هذا المجتمع من الداخل، حاليا ما يمنع تخريج هذا المجتمع هو إطالة أمد الحرب في غزة، وبالتالي اليوم أو غدا ستطرح تلك الأسئلة والحسابات العسيرة'.
'دلالات الطوفان'
ومن وجهة نظره، فإن المديات الاستراتيجية لهذه المفاعيل الاستراتيجية، تسير بسرعة هائلة جدا، 'سورية، لبنان، الأردن، وهناك تغيرات كبيرة تجرى بعيدا عن الإعلام .. الأنظمة جميعها تصيبها مجريات الطوفان في جميع العلاقات'.
وشدد على أن (إسرائيل) في النهاية لا يجب أن تظل محمية، والآن هناك تغير حقيقي يتمثل بفقدانها جمهورها وحاضنتها الأجنبية، التي تبدلت وأصبحت الآن تناصر القضية الفلسطينية التي استقطبت دعاة الحرية والإنسانية وأصبحت تؤثر سياسيا وداخليا في جميع الدول، 'ولن يستطيع بعد ذلك الصهاينة التحدث دوليا كما قبل طوفان الأقصى'.
وزاد في حديثه: 'الطوفان قيمته وفاعليته وحضوره في المدى الاستراتيجي لمفاعيله، أما تكتيكاته فثقيلة جدا جدا، وحقيقة أن شعبنا صمد صمودا تاريخيا'.
وعلى أية حال، خلص الأشقر إلى أن 'طوفان الأقصى' نجح بخلق وعيا هائلا في نفوس الأمة وشبابها، 'هذا الوعي لم يكن ليتحقق على مدار سنوات طويلة .. هذه معركة حسمت لصالح فلسطين'.
وهنا سجل عدة نقاط، فلم يعد مقبولا من أي أحد فلسطيني أو عربي أو إسلامي أو يساري استكمال معركة الوعي؛ لأنها حسمت بل إن المطلوب هو استكمال نتائج الطوفان الذي 'قدم أغلى ما عنده (الأرواح) .. الطوفان يريد تغير البيئة الاستراتيجية تمهيدا لمعركة التحرير .. وفي النهاية منحنا هذه المسارات الواسعة'.
ووجه دعوته لأنصار القضية الفلسطينية للتضحية، 'أيها الناس: هذه فرصتكم، هذه الموجات ستكبر وستزيد للاتجاه الصحيح أو غيره، هذا الطوفان من ضخامته سيجرف الجميع، إلا إذا قمت بفتح مسارات لهذا الطوفان، قفزات أمامية أو ستدخل في مواجهته'.
كما وجه المؤرخ والروائي الفلسطيني نصيحته الأخرى للأمتين العربية والإسلامية بأن المعركة مع هذا الاحتلال هي 'معركة وجود .. نكون أو لا نكون' محددا خارطة طريق الأمة: الإعداد، الجاهزية، الانخراط، وخاصة أن قضية فلسطين أضحت 'قضية التحرير، قضية عالمية'.
في المقابل، توقع أن تواجه (إسرائيل) خلال السنوات القادمة معاناة شديدة وستدفع ثمنا باهظا في جميع دول العالم، وسيخرج لها أعداء من جميع الأماكن وفي جميع الأوقات وصولا لانهيارها وتفككها.