اخبار لبنان
موقع كل يوم -التيار
نشر بتاريخ: ٥ أب ٢٠٢٥
تؤكد روسيا، في تعاملها مع المرحلة الانتقالية في سوريا، التزامها بمبادئ سياستها الخارجية القائمة على احترام سيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها، مع دعمها لحوار وطني شامل يضمن حقوق جميع مكونات المجتمع السوري. وترى موسكو أن دورها في سوريا لا يقوم على فرض الإملاءات أو التصادم مع الأطراف الفاعلة، بل على المساهمة في تهيئة مناخ سياسي متوازن يتيح تجاوز العنف والقمع، بما يخدم مصالح الدولة السورية ويعزز الأمن الإقليمي.
على خلفية الأحداث التي أدت إلى سقوط نظام الرئيس بشار الأسد نتيجة عجزه عن مقاومة هجمات المعارضة المسلحة، اتخذت القيادة العسكرية والسياسية الروسية، بحسب ما يؤكد السفير الروسي السابق في لبنان الكسندر زاسيبكين قرارًا بالتعامل مع السلطات السورية الجديدة انطلاقًا من مقاربة براغماتية، دون التخلي عن المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية الروسية تجاه سوريا، والتي ترتكز على احترام سيادتها ووحدة أراضيها وضمان الحقوق المتساوية لجميع مكونات الشعب السوري.
وقد بدا واضحًا، وفق زاسيبكين أن المرحلة الانتقالية في سوريا لم تُستكمل بعد، ما يجعل من الضروري بالنسبة لروسيا دعم الحوار الوطني السوري وتشجيع السلطات الجديدة على انتهاج سياسة متوازنة، والعمل على تجاوز مظاهر العنف والقمع.
إن العلاقات بين روسيا وسوريا قائمة على أسس موضوعية راسخة، تشمل تقاليد التعاون في المجالات الاقتصادية والعسكرية والتعليمية. أما الاعتبارات الجيوسياسية، فلا تزال، وفق زاسيبكين ذات أهمية بالغة، لا سيما في ظل التطورات الجوهرية التي يشهدها النظامان الدولي والإقليمي. وتبقى سوريا عنصرًا محوريًا في بناء منظومة أمنية مستقرة في الشرق الأوسط.
وتقدّر روسيا، كما يقول زاسيبكين، أن لها دورًا إيجابيًا تلعبه لمصلحة الدولة السورية، كونها لا تسعى لفرض شروطها أو الصدام مع أي طرف، بل تضع في أولوياتها المساهمة في تهيئة الظروف المناسبة لتطبيع الأوضاع في سوريا. وتتمتع روسيا بعلاقات جيدة مع معظم دول المنطقة، بما في ذلك تركيا والمملكة العربية السعودية. أما في ما يتعلق بإسرائيل، فروسيا تدين أعمالها العدوانية وانتهاكاتها المتكررة لقرارات مجلس الأمن، وهو موقف يصب في مصلحة السلطات السورية، خاصةً في ظل الدعم الأميركي الثابت لإسرائيل.
من الطبيعي أن يشكّل الوجود العسكري الروسي في سوريا، من خلال القاعدتين العسكريتين، جزءًا مهمًا من العلاقات الثنائية، يقول زاسيبكين. ويجري التفاوض حول مصير هاتين القاعدتين منذ البداية، في وقت تحاول فيه الدول الغربية، في إطار سياستها المعادية لروسيا، دفع موسكو للخروج من سوريا. غير أن السلطات السورية لا تخضع لمثل هذه الضغوط، وروسيا مقتنعة بأن وجودها في سوريا ينسجم مع المصالح الأساسية للدولة والشعب السوري، ويدعم نهج السياسة المتعددة الأبعاد والمتوازنة.
وفي السياق، قال زاسيبكين ان زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى موسكو جاءت لتشكّل خطوة مهمة على طريق تطوير التعاون الثنائي ورافقه في الزيارة وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، حيث التقى نظيره الروسي أندريه بيلوسوف وسط أجواء إيجابية. وقد أكد الجانبان الطابع الاستراتيجي للعلاقات بين البلدين، وأشارا إلى آفاقها الواسعة على المدى البعيد، بما في ذلك مراجعة الاتفاقات الثنائية القائمة. وفي هذا السياق، فإن مشاركة الرئيس السوري أحمد الشرع في القمة الروسية-العربية تُعد خطوة طبيعية تنسجم مع مستوى العلاقات بين البلدين، ومع الديناميات الجديدة في العالم العربي.
أما فيما يخص الرئيس السابق بشار الأسد، فمن المؤكد، كما يشير زاسيبكين، أن قرار منحه اللجوء في روسيا سيظل قائماً لأسباب إنسانية، وليس مطروحاً في أجندة المفاوضات الجارية بين موسكو ودمشق.