اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ٢٩ أيلول ٢٠٢٥
بيروت ـ اتحاد درويش
وسط مهمة صعبة وشاقة، يسعى لبنان للخروج من الأزمة المالية والاقتصادية التي أصابته في 2019 ووضعته على حافة الانهيار الشامل وتركت تداعياتها القاسية على مختلف القطاعات، وطالت عموم اللبنانيين بمختلف نواحي حياتهم المعيشية والاقتصادية والمالية.
فهل بدأ مسار الإصلاح يشق طريقه من خلال تحقيق إصلاحات توقف التدهور الاقتصادي والمالي، من خلال خريطة طريق تضعه على سكة التعافي الذي يحتاج فيها إلى الاستقرار السياسي والأمني على حد سواء، واستطرادا، ما هي الخطوات التي تحققت على طريق النهوض بالاقتصاد ووقف الانهيار.
وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي د. محمود جباعي لـ«الأنباء»: «يحاول لبنان الخروج من الأزمة التي أصابته والدخول في مرحلة الثبات، وهناك نية عند المعنيين في هذه المحاولة».
وتوقف جباعي عند جملة من المؤشرات التي من شأنها المساهمة في لجم الانهيار على ضوء مؤشرات إيجابية على كل الأصعدة الاقتصادية والمالية والنقدية.
وتطرق «إلى موازنة 2026 التي هي أفضل الممكن بعجز صفر وبتوقع زيادة في الإيرادات من 800 إلى 900 مليون دولار، أي ما يقارب حوالي 20% زيادة عن العام الماضي، وهذا مرده إلى الجهود المبذولة في وزارة المال بموضوع الرقابة على الجمارك والإسراع في تركيب أجهزة سكانر، والمكننة في المطار والمرفأ لمزيد من الرقابة، وهذا من شأنه رفع الجباية من دون زيادة الرسوم والضرائب ويساهم في تغطية العجز والهدر الذي كان يحصل».
وفي الملف النقدي، رأى جباعي «أن لبنان لا يزال يحافظ على استقرار سعر الصرف على سعر 89.500 منذ مارس 2023، ويعود سبب ذلك تماهي السياسة بين وزارة المال والبنك المركزي وسعي الإدارة المالية والنقدية إلى السيطرة على الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية في السوق، إضافة إلى أن البنك المركزي الذي تمكن من رفع احتياطاته إلى 2.5 ملياري دولار تقريبا منذ ما يقارب السنتين ونصف السنة، وهذا مؤشر ايجابي، فضلا عن أن وكالة s& p غلوبال ريتنغز قد رفعت تصنيف لبنان قبل شهر من cc إلى ccc، وهذا يعني أن لبنان حافظ على الاستقرار النقدي وإن كان لم يخرج بعد من الأزمة بما يخص التعامل بالليرة، الا أنها لمست قدرة الدولة اللبنانية على الإيفاء بديونها والتزاماتها بالليرة اللبنانية، وهذا الأمر يشكل خطوة في طريق صعود لبنان من أزمته».
وفي الملف الاقتصادي، أشار جباعي «إلى أن الناتج المحلي ارتفع إلى 3.5% هذه السنة، على رغم الحرب الإسرائيلية القاسية التي مر بها لبنان. وهناك حديث عن أنه وصل اليوم إلى 4%، أي ما يقارب 30 مليار دولار، وهذا يدل على أن الهيئات الاقتصادية والقطاع الخاص يعملان بشكل جيد ويقومان بخطوات جبارة لرفع الناتج المحلي».
ولفت جباعي إلى«أن لدينا محفظة استثمارية تبلغ بين 3.5 و 4 مليارات دولار تقريبا، وهذا يؤكد على أن لبنان يشهد استثمارات وافتتاح مشاريع جديدة، على رغم المآسي التي مر بها من أزمة مالية خانقة إلى جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت إلى حرب الإسناد وحرب الـ66 يوما الإسرائيلية المدمرة، الا أن الشعب اللبناني والقوى العاملة فيه يحاولان دائما النهوض بلبنان. ولا يخفى أن العهد الجديد بقيادة الرئيس جوزف عون وانفتاحه على المجتمع العربي والدولي، واعطاء مؤشرات على أن لبنان منفتح على القرارات الدولية، يساهم ايجابا، عدا عما تقوم به الحكومة من إقرار قوانين اصلاحية».
وبرأي جباعي أن «كل الإصلاحات المالية والاقتصادية لا تكفي اذا لم يكن هناك استقرار سياسي وأمني مستدامين، وهذا ما يشكل العقبة الأساسية أمام النهوض الدائم. وفي حال حصوله وجرى توافق بين اللبنانيين والتزام من جانب لبنان كما هو ملتزم اليوم بمعظم القرارات الدولية، وجرى انفتاح من المجتمع العربي والدول العربية من دون استثناء وخصوصا دول الخليج المحبة للبنان، وقد عبرت عن مواقفها الداعمة للبنان في خلال الزيارات التي قام بها رئيس الجمهورية إلى هذه الدول، وهذا إذا حصل يساعد لبنان كثيرا للخروج من أزمته».
وعن المؤتمرين المخصصين لدعم الجيش اللبناني وإعادة الإعمار، أكد جباعي «أن ذلك يحتاج إلى الوفاق السياسي حول ما يطلبه المجتمع الدولي من لبنان، وهو حصر السلاح بيد الدولة، والتوافق بين اللبنانيين على المبادرات المطلوبة من المجتمع الدولي والعربي. وعندما يحصل مؤتمر إعادة الإعمار فإنه يساعد كثيرا في عملية النهوض الاقتصادي، خصوصا أن الموازنة اليوم تعتمد على النفقات الاستثمارية مما سيأتي من مبالغ في عملية إعادة الإعمار، لأنها ستساهم في عملية الانتاج والناتج المحلي ورفع النمو الاقتصادي، وتنعكس على الحركة الاقتصادية الشاملة. من هنا لابد القول بأن لبنان يحاول الخروج من الأزمة والدخول في مرحلة الثبات، ويستكمل ذلك بإعادة الإعمار، لأن من دونها تبقى هناك حلقة ناقصة».