اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تشير التطورات الأخيرة، في ما يتعلق بـانتقاد الشباب الجمهوري للسياسة الإسرائيلية والدعم المفرط لها، إلى تحوّلات هامة قد يكون لها تأثير كبير على السياسة الأميركية المستقبلية ونفوذ اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة.. وقد كشفت استطلاعات الرأي عن هذه التحوّلات الهامة، حيث أكدت النتائج الأكثر لفتاً للانتباه تآكل الدعم التقليدي لـ “إسرائيل” داخل القواعد المحافظة، التي كانت تُعدّ ركيزة الدعم غير المشروط.
حيث أظهر استطلاع (BIG DATA POLL) أنّ الشباب الجمهوريين (18-29 عاماً) بنسبة 33,4% يتعاطفون مع فلسطين، مقابل 27,9% يتعاطفون مع “إسرائيل”. وهذه هي المرة الأولى التي تتفوق فيها نسبة التعاطف مع فلسطين على “إسرائيل” في هذه الفئة العمرية ضمن الحزب الجمهوري.
أما أنصار حركة “أميركا أولاً” (18-29 عاماً): فقد كان الانحياز أكثر وضوحاً هنا، حيث اختار 40,8% من هذه الفئة (المرتبطة بدونالد ترامب) التعاطف مع فلسطين، مقابل 24,2% فقط لـ “إسرائيل”.
أما استطلاع مركز بيو للأبحاث (Pew Research Center) فقد أظهر انّ نسبة 46% من الشباب بين (18-29 عاماً): قالوا، إنّ الطريقة التي تنفذ بها “إسرائيل” ردّها على هجوم 7 أكتوبر غير مقبولة، بينما قال 21% فقط إنها مقبولة. وهذا يتباين بشكل حاد مع الفئات الأكبر سناً.
بدوره أظهر استطلاع جامعة هارفارد وشركة هاريس بول تحوّلاً دراماتيكياً في مواقف الشباب (18-24 عاماً)، حيث عبّر نصف الشباب الذين تمّ استطلاع رأيهم عن أنهم في صف حركة حماس (في إحدى صيغ الأسئلة الجدلية)، وأكدت الأغلبية المطلقة (60%) أنّ عملية طوفان الأقصى كانت مبرّرة وأنها نتاج المحنة التي يعيشها الفلسطينيون… وانّ 51% من الشباب في هذه الفئة العمرية يعتقدون أنّ الحلّ للصراع هو نهاية كيان “إسرائيل” وتسليمه للفلسطينيين. (هذه النسبة ارتفعت بشكل كبير مقارنة باستطلاع سابق.
ومن المتوقع أن يكون لهذا التحوّل في الرأي العام، ولا سيما بين جيل الشباب من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، تأثيرات جوهرية على المدى المنظور، أبرزها:
أولاً، تغيير في الإجماع الحزبي في دعم “إسرائيل”: لطالما كان الدعم المطلق لـ “إسرائيل” إجماعاً تاريخياً بين الحزبين في الولايات المتحدة. لكن هذا الإجماع، تآكل بين الشباب، بمن فيهم الجمهوريون، على خلفية الموقف من حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث أصبح الشباب الجمهوري، أكثر ميلاً لتبني سياسة “أميركا أولاً” التي تفضّل المصالح الداخلية على السياسة الخارجية المتمحورة حول “إسرائيل”، قد يدفع صناع القرار مستقبلاً إلى إعادة تقييم طبيعة “العلاقة الخاصة”.
ثانياً، ضغوط على المرشحين للانتخابات: من المتوقع ان يتزايد الضغط على المرشحين الرئاسيين والكونغرس من كلا الحزبين لتعديل مواقفهم لتتماشى مع تطلعات الناخبين الشباب الذين يزداد تعاطفهم مع القضية الفلسطينية وينظرون بسلبية إلى سلوك “إسرائيل” في غزة، وخاصة بعد مشاهد الدمار والمجازر الوحشية.
ثالثاً، تقييد الدعم غير المشروط لـ “إسرائيل”: قد يؤدي هذا التحوّل إلى تقييد الدعم العسكري والمالي غير المشروط لـ “إسرائيل” في المستقبل. الشباب الجمهوري، على سبيل المثال، يرفضون استخدام أموال الضرائب لدعم حملات عسكرية إسرائيلية مدمرة.
وتشير المعطيات والدراسات واستطلاعات الرأي في أميركا إلى أن نفوذ اللوبي الإسرائيلي الواسع في أميركا يواجه تحديات غير مسبوقة وقد بدأ بالضعف، على النحو التالي:
ـ تآكل “العلاقة الخاصة”: يرى بعض الباحثين الإسرائيليين أنّ الأزمة لا تقتصر على الرأي العام، بل هي تراجع هيكلي في الأسس التي قامت عليها “العلاقة الخاصة”، بما في ذلك القيم المشتركة والمصالح الأمنية المشتركة، التي اهتزت أمام التداعيات الإنسانية في غزة.
2 ـ “إسرائيل” تخسر دعم جيل أميركي كامل: يحذر خبراء إسرائيليون من أنّ “إسرائيل” تخسر الشباب الأميركي إلى الأبد”، بما في ذلك الشباب من المسيحيين الإنجيليين البيض الذين كانوا تقليدياً أقوى الداعمين الشعبيين. هذا التراجع يوصف بـ”الهاوية الجيلية”، مما يهدّد الحليف الشعبي الأكثر أهمية لـ “إسرائيل” على المدى الطويل.
3 ـ سقوط الاحتكار الإعلاعي والسردية، بفعل دور وسائل التواصل الاجتماعي، ذلك انّ وصول الشباب المباشر إلى الحقائق والمشاهد من غزة أدى إلى رفضهم للسردية التقليدية التي تبناها آباؤهم وأجدادهم، مما أضعف من قدرة اللوبي الاسرائيلي على احتكار السردية والتغطية على السياسات الإسرائيلية.
لقد أدت حملة الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى تحوّل غير مسبوق جعل من الصعب على الإعلام التقليدي، حتى الذي يُنظر إليه على أنه متأثر باللوبي الإسرائيلي، إخفاء أو التعتيم على الحقائق بالكامل بفعل العوامل التالية:
العامل الأول، السوشيال ميديا وكسر الحصار: أصبح الشباب يعتمدون على مصادر بديلة مثل البودكاست ومنصات التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومة بدلاً من الإعلام التقليدي (مثل فوكس نيوز وغيرها). هذه المنصات نقلت مشاهد الدمار والأحداث القاسية بلا وساطة ولا رواية جاهزة، مما شكل وعياً جديداً ومختلفاً.
العامل الثاني، تهاوي الدعاية الإسرائيلية المستندة الى لعب دور الضحية، حتى داخل الأوساط المؤيدة تقليدياً لـ “إسرائيل”، بدأت تظهر مواقف ناقدة. وهذا يشير إلى أنّ الترويج لفكرة “إسرائيل” الضحية التي اعتمدت عليها “إسرائيل” لكسب الدعم باتت تواجه تحدي إقناع الشباب بعد انكشاف زيف هذه الدعاية، حيث أصبح الموقف الإنساني العام هو الفيصل.
العامل الثالث، تراجع استراتيجية التشويه: لا يزال اللوبي الإسرائيلي يحاول احتواء موجة المعارضة عبر وسائل مختلفة، أبرزها شيطنة الفلسطينيين ومهاجمة أنصارهم باتهامات مثل معاداة السامية. لكن فعالية هذه التكتيكات تتضاءل أمام حجم الإدانات ووضوح المشاهد.
باختصار، يمثل انتقاد الشباب لسياسات “إسرائيل”، في كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، نقطة تحوّل قد تدفع نحو تغيّرات جذرية في السياسة الأميركية تجاه “إسرائيل” على المدى الطويل، وتحدّ من نفوذ اللوبي الإسرائيلي عبر تآكل الدعم الشعبي والجيلي.
انطلاقاً مما تقدّم فإنه من المهمّ لتعزيز هذا الاتجاه في رؤية الشباب الأميركي، تشكيل مركز دعاية عربي إسلامي في الولايات المتحدة مهمته إيصال الحقيقة حول ما يحصل يومياً من جرائم وفظاعات وممارسات تعسّفية تقوم بها قوات الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة والضفة الغربية وعموم الأرض الفلسطينية المحتلة.











































































