اخبار لبنان
موقع كل يوم -يا صور
نشر بتاريخ: ٧ أيار ٢٠٢٥
#fixed-ad { position: fixed; bottom: 0; width: 100%; background-color: #ffffff; box-shadow: 0px -2px 5px rgba(0, 0, 0, 0.3); padding: 15px; text-align: center; z-index: 9999; right:0px; } #ad-container { position: relative; padding-top: 50px; /* ترك مساحة كافية لزر الإغلاق */ } #close-btn { position: absolute; top: -40px; right: 15px; background-color: #007bff; color: white; border: none; padding: 12px 16px; border-radius: 50%; font-size: 24px; cursor: pointer; box-shadow: 0px 4px 8px rgba(0, 0, 0, 0.3); transition: background-color 0.3s ease, transform 0.3s ease; } #close-btn:hover { background-color: #0056b3; transform: scale(1.1); } /* لجعل التصميم متجاوبًا */ @media (max-width: 768px) { #fixed-ad { padding: 10px; font-size: 14px; } #close-btn { top: -35px; padding: 10px 14px; font-size: 20px; } } @media (max-width: 480px) { #fixed-ad { padding: 8px; font-size: 12px; } #close-btn { top: -30px; padding: 10px; font-size: 18px; } }
×
652025
أبو شريف رباح
شهد الصراع العربي-الإسرائيلي خلال العقود الماضية تحولات متلاحقة لكن ما حدث منذ السابع من أكتوبر 2023 شكل نقطة انعطاف خطيرة في هذا الصراع قلبت المعادلة رأسا على عقب، فعملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس ضد الاحتلال الإسرائيلي تحولت سريعا إلى ذريعة لحرب إبادة جماعية شنتها إسرائيل على قطاع غزة في واحدة من أعنف الحملات العسكرية في تاريخ الحروب الحديثة، ولم يكن الرد الإسرائيلي مجرد عمل عسكري تقليدي بل مشروع تدميري شامل استهدف البشر والشجر والحجر حيث استخدمت إسرائيل قوة نارية هائلة سوت قطاع غزة بالأرض وأبادت أحياء بكاملها وقتلت عشرات الآلاف من المدنيين معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، وأعادت للاذهان مشاهد المجازر الجماعية وأبشع الجرائم التي عرفها التاريخ الحديث وسط صمت دولي مريب وعجز عربي غير مسبوق.
وامتد العدوان ليطال الجنوب اللبناني حيث سعت المقاومة إلى دعم غزة فقوبلت بردّ عنيف ممنهج فتم تدمير القرى الجنوبية وتهجير الآلاف السكان في انتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن خاصة القرار رقم 1701 الذي يفترض أن يكون ضمانة لوقف الأعمال العدائية الإسرائيلية، ومع ذلك استمرت الطائرات الإسرائيلية في انتهاك السيادة اللبنانية يوميا عبر الغارات والقصف المتكرر دون أي التزام بالقوانين الدولية أو احترام للاتفاقات، وسوريا التي تحولت منذ زمن إلى ساحة مفتوحة للطيران الإسرائيلي الذي لم يكتف بالقصف المتواصل لمواقع عسكرية بل طال معظم منظومات الدفاع الجوي والمطارات والموانئ مما سمح لإسرائيل بتوسيع نفوذها الجوي والبري دون ردع، واحتلال مواقع عسكرية حساسة من بينها قاعدة جبل الشيخ الاستراتيجية.
في العراق الغائب الأكبر عن مشهد المواجهة لم يسجل أي موقف فاعل رغم تاريخه الحافل في دعم القضية الفلسطينية، فقد أخرج العراق من معادلة الصراع بفعل عدة عوامل أهمها أزماته الداخلية ليتحول إلى متفرج على أحداث تعيد تشكيل الإقليم من جديد، وفي المقابل بقي اليمن على موقفه الداعم لغزة وفلسطين، لكن ذلك لم يمنع تعرضه لعدوان أمريكي–بريطاني عنيف دمر بنيته التحتية لا سيما المطارات والموانئ قبل أن تُكمل إسرائيل الحلقة بقصف ميناء الحديدة واليوم مطار صنعاء وإخراجهم من الخدمة.
في الواقع وبكل أسف باتت السيطرة الجوية الإسرائيلية مطلقة على السماء العربية، وطيرانها الحربي ومسيراتها تستبيح العرب دون أن تجد من يردعها فالسيادة الوطنية أصبحت رمزية والجيوش محيدة والحكومات مشلولة في وقت يفرض فيه المشروع الإسرائيلي بالقوة وتجهض فيه مقومات الردع العربي، وما نشهده اليوم ليس مجرد تصعيد عسكري بل إعادة رسم كاملة لواقع المنطقة حيث تتحرك إسرائيل كقوة مهيمنة تفرض سياساتها فوق القانون في ظل تشرذم عربي وانقسام إقليمي غير مسبوق، والمفارقة أن هذا الانقلاب الاستراتيجي يحدث في وقت تعيش فيه الأمة العربية أشد لحظاتها ضعفًا سياسيا واقتصاديا وسط اكتفاء الأنظمة ببيانات الإدانة أو التزامها بالصمت التام.
إن ما يجري اليوم ينذر بعواقب استراتيجية جسيمة لا تقتصر على فلسطين ولبنان وسوريا بل تهدد الأمن القومي العربي برمته فحين تصبح الأجواء العربية مباحة لطيران الاحتلال بلا مقاومة فإن كل الحدود تصبح قابلة للاختراق وكل السيادات معرضة للتلاشي وكل الشعوب مهددة، وإن استمرار هذا الانقلاب في ميزان القوة سيعمّق مأساة المنطقة ويفرض وقائع جديدة قد يصعب تغييرها لعقود قادمة.