اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ٢٢ أيار ٢٠٢٥
اللقاء الاخير الذي جمع رئيس الحزب 'التقدمي الاشتراكي' السابق وليد جنبلاط والحالي تيمور جنبلاط ، مع رئيس الحزب 'الديموقراطي اللبناني' طلال ارسلان ونجله مجيد في خلده، من ضمن متابعة التطورات السياسية والامنية في لبنان والوضع في سوريا بعد سقوط النظام السابق، والاحداث التي جرت واستهدفت افرادا من طائفة المسلمين الموحدين الدروز، انتهى اللقاء الى تشكيل لجنة تنسيق مشتركة، ضمت النائب اكرم شهيب ممثلا 'الاشتراكي'، والوزير السابق صالح الغريب ممثلا 'الديموقراطي اللبناني'، وباشرا مهمتهما في ان تبقى المناطق في الجبل وراشيا وحاصبيا مستقرة وآمنة، وعلى وحدة ومحبة مع مكونات اخرى فيها.
وجاء هذا التنسيق بين الحزبين 'الاشتراكي' و'الديموقراطي' لما لهما من حضور وتأثير في البيئة الشعبية الدرزية، التي شهدت بعد سقوط النظام السوري السابق، وما تبع ذلك من ردود فعل سلبية وتداعيات حول ما جرى من توترات امنية، واعمال خطف وقتل ضد مواطنين دروز، في جرمانا وصحنايا واشرفيتها ومحافظة السويداء وحمص وحلب، فتحرك شبان دروز في لبنان بقطع طرقات في مدينة عاليه وبعلشميه، وتخلل ذلك اشكال مع احد المشايخ من الطائفة السنية، مما خلق اجواء من التشنج والتحريض كادت ان تؤدي الى صدامات، لولا تداركها من قبل جنبلاط وارسلان وشيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز سامي ابي المنى، الذي ترأس اجتماعا استثنائيا للمجلس المذهبي الذي استنكر في بيان له، المس بالانبياء والرسل، وتمكن مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان من محاصرة الفتنة التي ما زال العمل لها قائما من الخارج والداخل.
من هنا، كان اتفاق جنبلاط وارسلان على تكليف شهيب والغريب العمل على الارض، لمنع حصول ردات فعل على حدث ما سواء في سوريا او لبنان، بعد ان رفع احد المراجع الروحية الدرزية، دعوة 'لحماية الدروز' من قبل العدو 'الاسرائيلي'، مما خلق انقساما درزيا حول هذا المطلب الذي يخدم المشروع 'الاسرائيلي' الذي يعمل له منذ عقود، تحت شعار 'حماية الاقليات'، الذي يوصل الى مشروع استعماري قديم، وهو تقسيم المشرق العربي الى دويلات طائفية ومذهبية.
هذا المشروع رفضه الدروز، وتصدى له قادته مع سلطان باشا الاطرش، الذي شارك لا بل اسس للثورة السورية الكبرى، التي كانت تدعو الى طرد المستعمر الفرنسي ورفض مشروعه تقسيم سوريا الى 'دويلات طائفية'، والابقاء على سوريا موحدة مع محيطها القومي، الذي كان اتفاق سايكس – بيكو قسّم المنطقة الى كيانات سياسية بين بريطانيا وفرنسا عام 1916.
وهذا الدور للدروز على مر تاريخهم لن يتراجعوا عنه، في ان تبقى طائفة الموحدين في موقعها الوطني والقومي والعربي والاسلامي، وهي دفعت اثمانا على تشبثها به، وهو ما دفع جنبلاط وارسلان الى الالتقاء حوله، والتصدي لمن يحاول اخراج الدروز من معتقدهم الاسلامي وانتمائهم العربي ودورهم الوطني، وهذا ما نقله شهيب والغريب الى المرجعيات الروحية الدرزية، فالتقيا قبل ايام الشيخ ابو صالح رجا شهيب في عاليه، فجرى البحث في مواضيع تتعلق بالبيت الداخلي الدرزي، وتطورات الاوضاع على الساحة السورية. ووصفت مصادر تابعت حركة شهيب والغريب اللقاء بأنه كان ايجابيا جدا، وتفهم الحاضرون ما نقلاه لهم حول دور الدروز في هذه المرحلة الدقيقة والخطرة، التي تحصل فيها تطورات تغير خارطة المنطقة، والتي يجب على طائفة الموحدين ان تواجه التحولات بالثبات على مبادئها التوحيدية وقناعاتها الوطنية والقومية وألّا تخرج عما قام به الاسلاف.
فالمهمة التي يقوم بها شهيب والغريب، هي لتوحيد صفوف الموحدين الدروز روحيا وزمنيا، على موقف واحد موحد، لا يخرج عن ثوابتهم الاسلامية والعربية، وفق ما تقول المصادر التي تشير، الى ان كل من تم اللقاء بهم من مرجعيات روحية حتى الآن كانوا في التوجهات والقناعات ذاتها، وان ينصب الجهد من كل القوى داخل الطائفة الدرزية، بكل تلاوينها وتعدد انتماءاتها السياسية، على نشر وعي بين ابناء الموحدين الدروز، على عدم الانجرار وراء من يريد ان يستخدمهم في مشروعه، لا سيما العدو الاسرائيلي، كما اكدت المصادر التي ترى أن الطائفة الدرزية ليست مع 'الاوطان المذهبية' ومشاريع الكانتونات الطائفية وحاربته عبر تاريخها، واذا كان البعض تستهويه مثل هذه المشاريع، فليدفع الثمن وحده، وان الطائفة الدرزية موحدة، واذا ما كانت ستدفع الثمن، ففي الموقع الصح، وألّا تخون تاريخها ودورها وموقعها الاسلامي والعروبي.
وان اخذ جنبلاط وارسلان على عاتقهما ان يمنعا المشروع 'الاسرائيلي' من ان يتسلل الى الطائفة الدرزية، فانهما يتكئان على شريحة واسعة من الموحدين الدروز بانهم لن يكونوا الا في الموقع الوطني، وان الجغرافيا هي في المحيط القومي، وهم فيها، وليس بمشروع 'اسرائيل الكبرى'.
هذا التنسيق الاشتراكي – الديموقراطي لا تغيب عنه قوى سياسية وحزبية ومرجعيات روحية، حيث يلاقي ترحيبا لجهة تحديد الخط السياسي الوطني، ثم لعدم حصول خرق داخلي يهدد الامن والاستقرار في الطائفة الدرزية حيث توجد، او مع الجوار من ابناء طوائف اخرى تجمعهم بهم هوية وطنية لبنانية واحدة.