اخبار لبنان
موقع كل يوم -الكتائب
نشر بتاريخ: ٢٢ أيار ٢٠٢٥
أسئلة كثيرة وُضعت على طاولة النقاش بعد صدور نتائج الإنتخابات البلدية في عاصمة الشمال طرابلس حيث غاب المكوّن المسيحي عن التمثيل في المجلس البلدي المؤلف من 24 عضوا، وارتفعت الأصوات المطالبة بالمحافظة على المناصفة في المجلس البلدي في بيروت. وعلى رغم كسر المعادلة بالخرق الذي أحدثه المرشح محمود الجمل من لائحة 'بيروت بتحبك' تمكنت لائحة 'بيروت بتجمعنا' التي ضمت ائتلافا حزيبا من كل الأطياف والأضداد من إيصال 23 عضوا يمثلون كافة الطوائف والعائلات البيروتية.
هاجس المناصفة والحفاظ على هذا العرف الذي كرسه الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونجله سعد من بعده، دفع بنواب بيروت إلى طرح اقتراحات قوانين لضمان المناصفة قانونا وليس عرفا، مع تعديل صلاحيات المحافظ. وتم التداول في الأوساط عشية الإنتخابات باعتماد اللوائح المقفلة والمكتملة، لضمان عدم التشطيب. لكن أيا من اقتراحات القوانين لم يتجاوز عتبة مجلس النواب. إلا أن إصرار النواب السياديين على إجراء تعديلات في قانون الإنتخابات البلدية لا يزال على حماوته فهل يكون الحل بتغيير النظام أم بتطبيق القوانين والنوم على حرير المناصفة؟
قانوناً كرست المادة 24 من الدستور مبدأ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وبناء عليه يتم توزيع المقاعد النيابية (128 مقعدًا) مناصفة بين الطوائف، وليس بالضرورة وفق عدد السكان. مما يعني أن لا حاجة لتشريع جديد لضمان المناصفة في النيابة، لأن الأمر دستوري. لكن هذه المعادلة تسقط في الانتخابات البلدية لأنه لا يوجد نص قانوني يفرض المناصفة، والإنتخابات تجري على أساس أكثرية الأصوات، وليس على أساس المناصفة الطائفية. من هنا تبرز المطالبة في المدن المختلطة حيث البلديات الكبرى بتشريع جديد لضمان التوازن الطائفي.
مصادر ملمة في الشأن الانتخابي توضح لـ'المركزية' أن اقتراح اللوائح المقفلة قد يصلح لضمان التمثيل الطائفي أو المناطقي، لكنها تحدّ من حرية الاختيار الفردي، ما يفتح الباب أمام نقاشات واسعة عدا عن أن اعتمادها يتطلب تشريعا واضحا في القانون، ويمكن استخدامها لتشكيل توازنات دقيقة. ويخشى البعض أن يؤدي فرض المناصفة في البلديات إلى تعزيز الطائفية بدل معالجتها.
وفي ما خص تعديل صلاحيات محافظ بيروت تعتبر المصادر أن المسألة ممكنة من الناحية الدستورية والقانونية، لكنه يتطلب إجراءات تشريعية واضحة مع الإشارة إلى أن صلاحيات المحافظ في بيروت تفوق تلك المعطاة دستوريا لباقي المحافظين مثل قانون تنظيم البلديات وفق المرسوم الاشتراعي رقم 118/1977 الذي يحدد صلاحيات المحافظ. ويكفي أن يتقدم عدد من النواب أو الوزراء باقتراح قانون لتعديل صلاحيات المحافظ ومناقشته في مجلس النواب وفي حال إقراره يصار إلى توقيعه من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة. وفي بعض الحالات، يمكن لمجلس الوزراء أن يُصدر مراسيم تُعدل في التفاصيل التطبيقية، طالما لا تتعارض مع القانون.
'قد يأتي تعديل الصلاحيات كجزء من مشروع اللامركزية الإدارية أو الإصلاح الإداري، وهو مطروح منذ سنوات ولم يُطبّق بشكل شامل حتى الآن' خلاصة يبدأ بها الخبير في الشؤون الإنتخابية سعيد صناديقي الذي يوضح لـ'المركزية' أن الحل في ما سُميَ بمشكلة المناصفة في بلدية بيروت لا يكمن في اللوائح المقفلة إنما بالتمثيل على صعيد المناطق الذي يضمن التمثيل الحقيقي للأحياء ويحافظ على التوزيع المذهبي والطائفي من دون تغيير النظام أو تقسيم مجلس البلدية إلى مجلسين'. ويلفت إلى أن المناصفة كانت مجرد شعار للحملة الإنتخابية في بيروت وليست واقعا' لأنها، أي المناصفة، كانت مؤمنة في اللوائح الثلاثة مما يؤكد أن شعار 'الخطر على المناصفة' كان من عدة الشغل،والهدف من ذلك زرع الخوف في نفوس الناخبين والخشية من التوجه نحو التشطيب.وهذا النوع من النظام الحزبي بامتياز، يصلح ربما في الإنتخابات النيابية، لكن في البلدية هناك صبغة العائلات والإنماء ولا يمكن اعتماد اللوائح المقفلة'.
الحل 'الإنتخابي' في بلدية بيروت ينسحب على انتخابات بلدية طرابلس بحسب صناديقي ويذكّر بأن غياب المكون المسيحي عن مجلس بلدية طرابلس ليس بجديد لأن النتائج جاءت تكرارا لما كانت عليه في انتخابات العام 2016 مع فارق أنه في الإنتخابات الأخيرة كانت هناك لائحتان أما في انتخابات ال2016 فكانت ثلاثة.
ويشير صناديقي إلى أن نتائج الإنتخابات في بلديات صور وصيدا ستحمل الكثير من المفاجآت في ما يسمى بالمناصفة علما أنه هناك عائلات مسيحية في (صور) وتحديدا في 'حي المسيحيين' الذي يضم أكبر مطرانية للموارنة. و في صيدا يوجد حي مار نقولا ويضم عائلات من طائفة الروم الأرثوذكس. لكن اللافت أن شعار 'الخوف على المناصفة' لا يطرح في أي منهما لأن الرأي العام اعتاد على صبغة معينة في مجلسهما البلدي'.
ويختم صناديقي ' المشاكل التي تصدرت عناوين الإنتخابات البلدية في بيروت وطرابلس كانت جزءا من الحملة الإنتخابية، أما على الأرض فالحل يكمن في العودة إلى قانون اللامركزية الإدارية الموسعة الذي صدر على عهد الرئيس الأسبق ميشال سليمان ويكفي أن يصار إلى تطبيقه عملا بما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري '.