اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٢٣ أيار ٢٠٢٥
أُسدل الستار على الانتخابات البلدية والاختيارية في بعلبك الهرمل، بعد جولة ديمقراطية، اتسمت بالسخونة في بعض البلدات، والبرودة في أخرى، كشفت خلالها عن المزاج الشعبي في المناطق ذات الطابع الطائفي المتجانس وفي تلك المختلطة، ولعبت فيها الحسابات المحلية والسياسية دوراً حاسماً.
أما النتائج التي أفرزتها الصناديق، فيجب أن تقرأ بوعي لا انفعال، فهي إنذارٌ لمن قصّر، ودافع لمن انتخب، فالناس شاركوا، ومنحوا الثقة، والباقي مسؤولية من تصدر المشهد. ولعلّ القراءة الدقيقة للنتائج، تكشف الكثير عن التوازنات وعمق التحولات أو ثباتها في الشارع البقاعي.
على مستوى البيئة الشيعية، يتضح أن 'حزب الله' لا يزال يحتفظ بقاعدة شعبية متماسكة في محافظة قيل عنها دائماً إنها 'خزان المقاومة الشعبي'، رغم كل ما يقال عن تراجع أو تململ داخلي. فالمعركة لم تكن روتينية هذه المرة، بل خيضت في ظروف استثنائية: غياب الأمين العام لـ 'الحزب' السيد نصرالله، التصعيد الإقليمي بعد الحرب على غزة ولبنان، والضغوط الاقتصادية الخانقة ومع ذلك، نجح 'الحزب' في تعبئة جمهوره، ورفع نسبة الاقتراع في العديد من البلدات إلى مستويات أعلى من المتوقع.
في مدن وبلدات محورية مثل بعلبك، الهرمل ودورس، تحولت الانتخابات إلى اختبار جدّي للقوة والتفويض الشعبي. هناك لم يكتفِ 'الحزب' بالفوز، بل سعى إلى تسجيل فوارق كبيرة في الأصوات بين أول الخاسرين وآخر الرابحين. تلك النتائج جاءت مدعومة بجهد لوجستي واسع، وإنفاق مالي كثيف، ما يعكس الأهمية التي أولاها 'الحزب' لهذا الاستحقاق، وتعامل معه على أنه محطة لتجديد الشرعية الشعبية وتثبيت النفوذ.
أما في المناطق المسيحية ضمن بعلبك الهرمل سيما في بلدات دير الأحمر والقاع، نجحت 'القوات اللبنانية' بتثبيت حضورها وتأكيد معادلتها السياسية مستفيدة من تنظيمها الحزبي وارتباطها القوي بقواعدها المحلية. ففي البلدات المسيحية الخالصة خاضت المعارك من موقع القوة، وسجلت النتائج المرجوة التي عززت موقعها التمثيلي، وأكدت أنها لا تزال الفاعل الأول في البيئة المسيحية في هذه المناطق.
أما في البلدات والقرى المختلطة، حرصت 'القوات' على خوض الاستحقاق من باب الإنماء، واختارت عدم الانخراط في صراعات مباشرة مع القوى والأحزاب الأخرى، واكتفت بإنشاء تحالفات محلية، هدفها تحسين العمل البلدي والخدماتي.
وفي البلدات السنية الصرف، جرت المعارك بين العائلات التقليدية التي أعاد بعضها تثبيت نفسه، وأعادت شخصيات إلى الواجهة من جديد، حيث نجح رئيس البلدية السابق علي الحجيري في تثبيت موقعه السياسي عبر فوز اللائحة التي يدعمها بالتحالف مع نائب 'المستقبل' السابق بكر الحجيري.
أما في مدينة بعلبك، فشهدت الساحة السنية مواجهة مع لائحة 'حزب الله'، مع خطأ المبالغة في تصوير الأمر وكأن شخصاً يديره، إذ إن المعركة تعكس مزاجاً سنياً متغيّراً بعد سقوط نظام الأسد وشد الأزر بالرئيس أحمد الشرع. هذه الحالة تجعل المشهد السني هشاً ومفتوحاً على تجاذبات داخلية ما يحتم الحاجة لإطار تنظيمي أو قيادة تلتقط نبض الشارع.