اخبار لبنان
موقع كل يوم -جنوبية
نشر بتاريخ: ١ أيار ٢٠٢٥
شهدت المناطق الدرزية في ريف دمشق الخميس تطورات لافتة بعد إعلان التوصل إلى اتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار في جرمانا وأشرفية صحنايا التي سيطرت عليها قوات وزارة الدفاع السورية، في حين ناشد الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في السويداء، المجتمع الدولي التدخل لحماية أبناء الطائفة.
الشيخ الهجري: «الحماية الدولية حق مشروع»
وفي بيان لافت أصدره الخميس، اعتبر الشيخ حكمت الهجري أنّ «طلب الحماية الدولية هو حق مشروع لشعب قضت عليه المجازر»، مناشدًا المجتمع الدولي «التدخل بشكل سريع ومباشر لحفظ السلم الأهلي ووقف العنف الذي يستهدف أبناء الطائفة الدرزية».
وجاءت مناشدة الشيخ الهجري بعد يومين من الاشتباكات الدامية في منطقتي جرمانا وأشرفية صحنايا ذات الغالبية الدرزية، والتي خلّفت عشرات القتلى والجرحى.
بالمقابل،كانت قد سارعت وزارة الخارجية السورية إلى الرد على هذه الدعوات، معتبرةً أن طلب الحماية الدولية «غير شرعي ومرفوض بالكامل»، وأنه يأتي من أطراف «تعمل خارج إطار القانون السوري». ووصفت الخارجية في بيان رسمي هذه الدعوات بأنها «محاولة واضحة لتدويل وضع يجب أن يُعالج حصراً ضمن مؤسسات الدولة السورية»، مؤكدة التزام الحكومة السورية «بحماية كل مكونات الشعب السوري، بمن فيهم الدروز»، ومشددة على رفضها «القاطع» لأي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية.
وقف إطلاق نار هش برعاية حكومية سورية
في غضون ذلك، ذكرت وكالة «سانا» الرسمية السورية مساء الأربعاء، أنه تم التوصل إلى «اتفاق مبدئي» لوقف إطلاق النار في جرمانا وأشرفية صحنايا، بحضور محافظي ريف دمشق والسويداء والقنيطرة وعدد من وجهاء ومشايخ الطائفة الدرزية.
لكن مصادر محلية من السويداء تحدثت عن «عدم وجود ضمانات واضحة لتنفيذ هذا الاتفاق»، وسط حالة كبيرة من فقدان الثقة بين الأهالي والسلطات، وفقًا لما ذكره شيخ العقل يوسف جربوع الذي اعتبر أن «الأحداث بدأت باستهداف ممنهج للطائفة».
وأكد جربوع في الاجتماع «رفضه تسليم أي مطلوب من أبناء الطائفة الدرزية»، مشيرًا إلى أن «من يجب تسليمهم هم من قاموا بالاعتداءات على المدنيين».
كما رفض قائد حركة «رجال الكرامة»، الشيخ يحيى الحجار، خلال الاجتماع نفسه طلب المسؤولين الحكوميين تسليم مطلوبين من أبناء الطائفة، معتبراً أن من يجب تسليمهم هم «من نفذوا الاعتداءات العشوائية على السكان الآمنين في بيوتهم، بعد فبركة تسجيل صوتي كان حجة لإثارة الحوادث الأخيرة». ونقلت شبكة السويداء 24 أيضاً عن أهالي في الأشرفية تعرضهم لـ«عمليات نهب طالت أموالهم وممتلكاتهم من قبل القوات الأمنية»، واعتقال مدنيين وحدوث تجاوزات.
كذلك، قدّمت الشبكة صورة أقل تفاؤلاً، مشيرة إلى أن الاجتماع انتهى دون «اتفاق واضح»، باستثناء نقاط عامة «غير ملزمة» تشمل وقف إطلاق النار وتشكيل لجنة مشتركة لبحث تداعيات الأحداث وآلية لانتساب شباب المدينة للأمن العام لاحقاً. وأشارت الشبكة إلى استمرار «أزمة الثقة» ورفض تسليم المطلوبين من قبل وجهاء الدروز.
عمليات إعدام ميداني
تزامنا، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان الخميس عن إعدام «9 من أبناء الطائفة الدرزية ميدانياً، وأُحرقت جثث بعضهم، بعد وقوعهم في كمين نفّذته قوات تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية، إلى جانب مجموعات رديفة، أثناء توجه رتل يضم مجموعات من شبّان الطائفة من السويداء إلى بلدة صحنايا بريف دمشق، بهدف دعم المجموعات المحلية المسلحة هناك».
ووفقاً للمصادر، نُفذ الكمين على طريق دمشق – السويداء، «ما أسفر عن ارتفاع عدد القتلى من الطائفة الدرزية إلى 15، وسط ترجيحات بارتفاع الحصيلة نظراً لوجود عدد من المصابين»، بحسب المرصد.
من جهتها، كشفت وكالة «سانا» عن «انتشار للأمن العام السوري في بلدة الصورة الكبرى بريف السويداء لتعزيز الأمن».
التدخل الإسرائيلي: إجلاء جرحى دروز
وفي تطور استثنائي، أعلنت إسرائيل كذلك عن إجلاء ثلاثة مواطنين دروز سوريين أصيبوا بجروح خطيرة إلى مستشفى «زيف» في صفد شمال إسرائيل لتلقي العلاج، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة السورية قبل أكثر من عقد.
وقبلها، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي، أنه «نفذ عدة غارات جوية استهدفت مجموعات مسلحة كانت تهاجم المدنيين الدروز في أطراف دمشق»، مشيرًا إلى أن «الغارات جاءت كتحذير شديد للنظام السوري الجديد، الذي نطالبه بالتحرك فورًا لوقف العنف ضد الدروز».
وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها إسرائيل عن ضربة عسكرية لدعم الدروز السوريين منذ الإطاحة ببشار الأسد.
خلفية الاشتباكات: تسجيل صوتي يشعل العنف
تأتي هذه الأحداث في أعقاب توتر كبير بدأ في 28 نيسان الماضي، في منطقة جرمانا جنوب شرق دمشق، بعد انتشار تسجيل صوتي مسيء للنبي محمد، نُسب زورًا إلى شيخ درزي، الأمر الذي تسبب باشتباكات عنيفة أدت إلى مقتل 14 شخصاً على الأقل.
وامتدت المواجهات لاحقًا إلى منطقة أشرفية صحنايا، ما أسفر عن مقتل نحو 22 شخصًا، من بينهم عناصر من قوات الأمن السورية.
وتسببت هذه الأحداث في موجة غضب واسعة بين أبناء الطائفة الدرزية في سوريا وامتدت الاحتجاجات إلى مناطق داخل إسرائيل، حيث خرج دروز الجليل المحتل بمظاهرات احتجاجية واسعة تضامنًا مع ذويهم في سوريا.