اخبار لبنان
موقع كل يوم -هنا لبنان
نشر بتاريخ: ٣ أيار ٢٠٢٥
في ظلّ استمرار التهديدات التي تمثلها ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران على الداخل اليمني والملاحة الدولية، تتصاعد الدعوات الوطنية للتوحّد الداخلي بالتوازي مع حملةٍ عسكريةٍ غير مسبوقةٍ تقودها الولايات المتحدة، محققةً ضرباتٍ موجعةً للبنية العسكرية للحوثيين، في إطار عملية 'الفارس الخشن' التي بدأت في منتصف آذار الماضي.
نداء التوحّد لمواجهة الخطر الحوثي
في موقفٍ يعكس إدراكًا لحجم التحدّيات الوطنية، دعا نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، اللواء سلطان العرادة، المكونات السياسية والاجتماعية اليمنية كافّة إلى تجاوز الخلافات والانقسامات القديمة، والالتفاف حول القوّات المسلحة في معركتها المصيرية ضد ميليشيات الحوثي الإرهابية.
وأكد العرادة، خلال لقائه رئيس وأعضاء 'التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية'، أن استعادة مؤسّسات الدولة المختطفة هي 'مسؤولية وطنية كبرى' لا يمكن أن تتحقّق إلّا من خلال 'العمل بروحٍ جماعيةٍ وتعزيز الاصطفاف الوطني'، بحسب ما نقلته صحيفة 'الشرق الأوسط' نقلًا عن وكالة الأنباء الرسمية (سبأ).
وشدّد على أن اليمن في هذه المرحلة لا يحتمل صراعاتٍ جانبيةً، داعيًا إلى 'إعلاء الصوت الجمهوري' لمواجهة الخطاب الطائفي للحوثيين، والعمل على خطابٍ موحدٍ يُمثّل إرادة جميع اليمنيين في استعادة الدولة وتحقيق تطلّعاتهم في وطنٍ يتّسع للجميع.
في السياق ذاتِه، أكد أحمد عبيد بن دغر، رئيس التكتل الوطني، أن هدف المكوّنات السياسية مجتمعةً هو إنهاء الانقلاب الحوثي وتوحيد الموقف تجاه القضايا المصيرية، مشددًا على أهمية التمسك بالثوابت الوطنية الجامعة.
واشنطن تصعّد: أكثر من 900 غارة
في موازاة الحراك السياسي والدعوات لتوحيد الصف الداخلي، تواصل الولايات المتحدة تنفيذ عملية 'الفارس الخشن' العسكرية، والتي تستهدف بشكلٍ مكثّفٍ مواقع الحوثيين في مختلف المحافظات اليمنية. ووِفقًا لإحصائية خاصة نشرتها 'العين الإخبارية'، فقد نفّذت القوات الأميركية أكثر من 914 غارةً جويةً على أهدافٍ حوثيةٍ موزعةٍ بين 11 محافظة، أبرزها صنعاء، صعدة، والحديدة، في الفترة الممتدة ما بين 15 مارس/آذار ونهاية أبريل/نيسان.
تنوّعت طبيعة هذه الضربات بين عملياتيّة، دقيقة، تكتيكيّة واستراتيجية، ما يدلّ على مستوى التخطيط والتنسيق الاستخباراتي الدقيق المُصاحب للعملية، والذي يهدف ليس فقط إلى الحدّ من قدرة الحوثيين على الهجوم، بل إلى تفكيك بنيتهم العسكرية وقدراتهم التقنية والقيادية.
أبرز الأهداف والمواقع المستهدفة
تصدّرت صنعاء قائمة المحافظات الأكثر تعرضًا للقصف، بنحو 278 غارةً استهدفت مواقع ثابتة ومتحركة. وتلتها صعدة، المعقل التاريخي للحوثيين، بـ211 غارةً طالت شبكة الأنفاق والمنشآت المحصّنة التي تضمّ قيادات الجماعة. ثم جاءت الحديدة بـ185 غارةً كونها تمثل نقطة انطلاق تهديدات الحوثيين للممرّات المائية في البحر الأحمر.
أما في مأرب، التي تعتبر خط تماس حيوي بين الجيش اليمني والحوثيين، فشهدت نحو 93 غارةً، استهدفت الخطوط الخلفية للجماعة. كما امتدّت الضربات إلى محافظات عمران، الجوْف، البيضاء، ذمار، حجة، وإب، حيث تم استهداف مخازن أسلحة، ومنشآت اتصالات، ومنصات إطلاق صواريخ.
ومن أبرز العمليات النوعية:
* مقتل منصور السعادي، قائد القوات البحرية للحوثيين، بغارةٍ دقيقةٍ في الحديدة في 19 مارس/آذار.
* تدمير منشأة لصواريخ 'سام-2' تحت الأرض في معسكر جربان جنوبي صنعاء في 8 أبريل/نيسان.
* ضربة نوعية في التحيتا أسفرت عن مقتل 70 عنصرًا حوثيًا بينهم قادة ميدانيون، في 2 أبريل/نيسان.
* قصف سيارة استخباراتية حوثية قرب دار الرئاسة في صنعاء، أدّى إلى مقتل ضابط كبير في 9 أبريل/نيسان.
* شلّ شبكات الاتصال بين القيادة الحوثية والميدان، عبر ضرب منشآت الاتصالات في برع (الحديدة) وجبل بعدان (إب).
الخسائر الحوثية وتراجع القدرات
على الرَّغم من تكتّم الحوثيين عن حجم خسائرهم الحقيقية، إلّا أنّ التقديرات الأميركية تُشير إلى مقتل أكثر من 650 عنصرًا حوثيًا، معظمهم من القيادات المتوسطة والمسؤولين عن تشغيل الصواريخ والطائرات المُسيّرة. وتشير الإحصاءات إلى أن هذه الضربات خفّضت من فعالية الهجمات الحوثية بشكلٍ لافتٍ، حيث انخفضت إطلاقات الصواريخ الباليستية بنسبة 69%، وهجمات المسيّرات الانتحارية بنسبة 55%.
وتُجمع التحليلات على أنّ هذه الخسائر النوعية ستحتاج الجماعة سنوات لتعويضها، خاصةً في ظل استهداف بنية الاتصالات، وأنظمة الدفاع الجوي، ومرافق تصنيع وتخزين الأسلحة المتقدمة، ممّا يعمّق حالة الاستنزاف داخل الحوثيين.
الدعم الإقليمي والدولي: ضرورة لا خيار
في ضوء هذه التطوّرات، جدّد مجلس القيادة الرئاسي دعوته لتوسيع الشراكة الاستراتيجية مع القوى الإقليمية والدولية، لحماية الممرّات البحرية وضمان حرية الملاحة، وهو ما شدّد عليه أيضًا السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، الذي أكد أن 'تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر والمحيط الهندي تُعدّ خطرًا جديًا على الأمنيْن الإقليمي والدولي'، مشيرًا إلى أنّ بلاده ستواصل التعامل بحزمٍ مع هذه التهديدات.
معركة متعدّدة الجبهات
الملف اليمني اليوم بات مفتوحًا على جبهاتٍ عدة: سياسية، عسكرية، وأمنية. وبينما تمضي واشنطن في حملة 'الفارس الخشن' لتقويض القدرات الهجومية للحوثيين، تبرز الحاجة الملحّة لتماسك الجبهة الوطنية الداخلية، وهو ما شدّد عليه سلطان العرادة بقوله: 'المعركة مصيرية، ولا يمكن كسبها إلّا بوحدة الصف الجمهوري وإعلاء مصلحة اليمن فوق كل اعتبار'.