اخبار لبنان
موقع كل يوم -صحيفة الجمهورية
نشر بتاريخ: ١٨ نيسان ٢٠٢٥
في عيد الفصح، كان أول وفاق مسيحي - إسلامي في التاريخ حين سمح النبيّ لأهل نجران النصارى بأن يصلّوا في مسجده في المدينة المنوّرة سنة 631 (1).
واليوم، ليس من مقالة أفصح في عيد الفصح من الرسالة التي تسلَّمها البطريرك الماروني بشارة الراعي في 21 كانون الثاني الماضي من المستشار الثقافي للجمهورية الإيرانية الإسلامية «كميل باقر» مصحوبةً بسجّادة عجمية هديّة، وقد جاء فيها:
«إنّ قيمة سيدنا عيسى «عليه السلام» في نظر المسلمين ليست أقلّ قيمة ومكانةً في عيون المسيحيّين، وقد أمضى نبيّ الله هذا مدّة حضورهِ بين الناس في جهادٍ مستمرّ في وجه الظلم والعدوان والفساد، ولو كان السيد المسيح - عليه السلام - بيننا اليوم لما فوَّتَ لحظةً في مواجهة رؤوس الظلم، ولمَا تحمّل تشريد البشر على يد القوى العظمى التي تقودهم إلى الحروب، نأمل في أن يعمل المسيحيّون والمسلمون فـي كل مكان من هذا العالم بهذا الدرس العظيم للسيد المسيح...» (2).
لعلّ السجادة التي أهداها المستشار الثقافي إلى البطريرك تنطلق من كتاب: «الصحيفة السجّاديّة» للإمام علي بن الحسين - «زين العابدين»: والتي تحتوي على: «العفو والدعاء إلى الله، والدعاء في مكارم الأخلاق، والدعاء عند الشدّة لجيرانه والتوبة عند الإبتلاء بالفضائح والذنوب».
زين العابدين - هو إبن الإمام الحسين الذي كان المصلوب الثاني في «كربلاء»، إنقاذاً للدين من الإنحراف، ومثالاً للتضحية في سبيل إنسانية الإنسان ومواجهة العنف والظلم والفساد والعدوان.
هكذا، شأن الملهمين الذين يموتون من أجل أن يحيا الله في نفوس الآدميّين ، فيما الآدميّون يجعلون الله يموت من أجلهم.
المسيح، عتَبَ عليه تلاميذه - وهو صاحب العجائب - كيف يسلّم نفسه للمذبحة ولا يستطيع الدفاع عن نفسه، فقال: «أقدرُ أن أطلب من أبي فيرسل لي جيشاً من الملائكة لقهر المعتدين، إنّما يجب أنْ يحدثَ هذا» (3).
يجب أن يحدث هذا، أيّ أنّه يُحمّل الإمبراطورية الرومانية عقوبة الصلْب وإثْمَ الجريمة، لعلّ الإمبراطوريات القيصريّة تكفُّ عن صلبِ البشرية على صلبانها.
في المقارنة بين ممملكة القيصر ومملكة الله، شاء المسيح أن يمثّل أمثولة الفداء والإقتداء، وفي نظرته إلى اللصَّين المصلوبَين معه، شاء أن يؤكّد أنّه حيث يُصلب الإنسان يُصلب الله.
لم يُصلب الله والإنسان في مكانٍ وزمانٍ كمثل ما هي حالهما اليوم، ولا سيّما في هذه المنطقة، مع أنّها مهدُ الرسالات ومبعثُ تجلّي الأديان.
في المسيحية أصبح هناك متمسّحون، وفي الإسلام متأسْلمون، وبدَل أنّ يستخدموا الدين وسيلة روحانية للإرتقاء نحو الله، يستخدمونه وسيلة شيطانية للإرتقاء نحو السلطة، فإذا الزعيم الديني يمثّل دوراً سياسياً والزعيم السياسي يقوم بوظيفة دينيّة، هكذا يقول: وزير الخارجية الأميركي «هنري كيسنجر»: «إنّ الصراع في منطقة الشرق الأوسط، هو صراعٌ بين نصفِ الله ونصفهِ الآخر».
في عالم الكهنوت: إنّ الإنسان في الظلام يرى الله وجهاً إلى وجه... «ونحن، حين لا نرى وجه الله، لا في النهار ولا في الظلام، فلا يعود الله يرى وجوهنا».
1 - رواه: إبن كثير في: «مسيرة القرآن العظيم» - وإبن إسحاق.
2 - جريدة الجمهورية: 22 كانون الثاني 2025.
3 - متى: 26 - 53.