اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ١٢ أب ٢٠٢٥
خاص الهديل..
بقلم: ناصر شرارة
في حال نجحت مساعي الحكومة اللبنانية بتمرير الورقة الأميركية بشقيها الخاص بالأهداف العامة ووضع خطة تنفيذية من قبل الجيش اللبناني؛ فهذا سيعني أن مبعوث الرئيس الأميركي توم براك حصل على جائزة ترضية ولكنها ثمينة تعوضه عن تعثره بالنجاح في ملفات أصعب مكلف بها في المنطقة.. ومن هذه الملفات مهمة استكمال المصالحة بين قسد وإدارة الشرع التي سجل إزائها فشلاً خلال آخر اجتماع سعى لعقده بين الكرد ودمشق؛ وأيضاً عدم نجاحه بتطبيع الوضع في السويداء حيث لا تزال الأخيرة محاصرة ولا يزال وقف النار القائم فيها أشبه بجرح مفتوح ولم يكتمل علاجه بالكامل؛ أضف أن العلاقات التركية الإسرائيلية لا تزال دون مستوى مسعى براك لجعلها تعيش حالة توازن وتفاعل وليس تشاحن وتنابذ في سورية..
بات واضحاً أن ترامب في خضم أنه يبحث عن جبهات اقتصادية جديدة لفتحها في حربه العالمية التجارية؛ فهو بالمقابل يبحث عن جبهات عسكرية يريد إطفاء نارها كي يقدمها كإنجاز يؤهله لنيل جائزة نوبل للسلام.
السؤال هنا هو هل يقدم براك نجاحه في لبنان كورقة لترامب كي يضعها في ملفه الذي لا يزال فارغاً والذي يتحرق لإرساله للجنة المانحة لجائزة نوبل!؟.
واستدراكاً هل حل أزمة لبنان هو ملف كاف لوحده حتى يرشح ترامب لنيل جائزة نوبل(؟؟)..
.. صحيح أن أزمة لبنان تكاد تكون تفصيلاً كبيراً وليس عقبة كبيرة داخل جدول أزمات الشرق الأوسط؛ ولكن مع ذلك فإن لبنان فيما لو أراد العالم أن ينظر إليه كبلد رسالة وليس فقط كبلد قليل الحجم والطاقات وكثير المشاكل؛ فهو سيبدو بلداً غاية في الأهمية للعالم الساعي لإبرام استقرار مطلوب بإلحاح على جبهة الهويات المشتعلة في الشرق الأوسط..
وقصارى القول هنا هو أن لبنان يصبح مهماً أو غير مهم وذلك بحسب إشكالية كيف ينظر العالم إليه ومن أية زاوية يريد أن يراه: فإذا كان العالم يريده أو يحتاجه كبلد رسالة فإن لبنان يصبح حجمه بحجم كل ديانات العالم؛ وإذا أراد العرب أن ينظروا إليه بوصفه البلد العربي المعولم وجسر الصلة الثقافي بين العرب والغرب؛ فإن لبنان يصبح سفير العرب فوق العادة إلى العالم، الخ..
وكل المشكلة اليوم تقع في مسألتين إثنتين: الأولى كيف يمكن للبنان أن يقدم نفسه للعالم ولمحيطه؛ هل هو بلد نائي بفعل مشاكله التي أدت لأن تنزع عنه صفة أنه مصرف العرب؛ والتي نزعت عنه أنه جامعة العرب والتي جعلته قرية عربية نائية؛ أم هو البلد اللؤلؤة على شاطئ المتوسط؟؟.
والسؤال الثاني مفاده هو أنه ليس مهماً فقط كيف يقدم لبنان نفسه للعالم؛ بل المهم أيضاً كيف يريد العالم أن ينظر إلى لبنان؛ فالعالم ليس أفلاطونياً؛ وعليه فهو ليس دائماً يريد رؤية الأشياء كما هي، بل غالباً ما ينظر للأمور بعيون تستدرج الأشياء كي تأخذ أشكالاً ليست على حقيقتها بل تشبه ما ترغبه مصالح الدول.
وحالياً يمر لبنان بمرحلة قد يشوبها تناقض أو ربما تجانس بين أمرين أساسيين أولهما إجابته من ناحية عن سؤال كيف يقدم نفسه للعالم؛ والأمر الثاني إجابة العالم عن سؤال كيف يريد هو من جانبه وضمن مصالحه المستجدة، أن يرى لبنان كموقع ودور وكمساحة مهمة أو غير مهمة؟؟..