اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٤ تشرين الثاني ٢٠٢٥
خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
أمس أيضاً، كما أول أمس، وكما هو الحال منذ نحو عشرة أيام، لا يزال هناك عنوان واحد في إسرائيل تتبناه تقريباً كل وسائل الإعلام الإسرائيلية وكل التصريحات السياسية في إسرائيل، ومفاده أن الوضع بين إسرائيل ولبنان ينتظر أن ينفجر عسكرياً في أية لحظة.. قد يحدث الآن أو غداً، الخ..
ويوم أمس عنونت صحيفة معاريف تقول: 'استعداد للتصعيد ضد لبنان..'.
يبدو لافتاً أن معاريف تؤكد أن إسرائيل في حالة من الاستعداد لمعاودة الحرب ضد لبنان، وليست في حالة توجس أو تحسب من أنها قد تعاود الحرب..
ومن خلال متابعة الإعلام الإسرائيلي خلال الأسبوعين الأخيرين يظهر بوضوح أن إسرائيل تسوق ثلاثة اعتبارات أو ذرائع رئيسية بوصفها مسوغات كافية لجعلها تعاود الحرب ضد حزب الله، وضد لبنان، وأيضاً لجعل إعلامها يقول أن الحرب ضد لبنان ليست فقط حتمية، بل لم يعد ممكناً منع نشوبها:
أبرز هذه الأسباب أو الذرائع التي تطرحها إسرائيل كمعطيات قائمة تجعل منع الحرب مستحيلاً هي التالية:
الذريعة الأولى تقول أن حزب الله يعيد بناء قدراته العسكرية على نحو يخلق تهديداً عسكرياً لإسرائيل يعيد الأمور إلى مرحلة ما قبل ٧ أكتوبر ٢٠٢٣؛ وأن إسرائيل تحت أي ظرف لن تسمح بهذا الأمر لأنها بالأساس لن تسمح بتشكل عوامل تهديد عسكرية في لبنان تسمح بأن يتكرر انطلاقاً منه ما حدث ضد إسرائيل انطلاقاً من غزة في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣. أي أن إسرائيل لا تزال تستعمل حدث ٧ أكتوبر الذي تسميه بالمذبحة كعنوان للاستثمار به لتبرير حروب جديدة سواء ضد الفلسطينيين أو ضد لبنان أو سورية، الخ..
الذريعة الثانية تقوم على معلومة افتراضية وتحليلية ولكن الإعلام الإسرائيلي يقدمها على أساس أنها معطى واقعي وقائم؛ ويقول مضمونها أن قيادة حزب الله تتقصد ممارسة تكتيكات احتواء عمليات الاغتيال الإسرائيلية لعناصرها في جنوب الليطاني؛ لأنها تقوم بتنفيذ بجهد استراتيجي في العمق اللبناني، وذلك من خلال إعادة تذخير أنفاق الحزب في شمال الليطاني وفي البقاع بمزيد من الصواريخ الدقيقة.
وفي هذه النقطة تريد إسرائيل نقل ثقل التركيز الإعلامي من جنوب الليطاني إلى شمال الليطاني من ناحية وإلى البقاع بشكل خاص من ناحية ثانية؛ لأن خطط إسرائيل فيما لو فعلاً نفذت تهديداتها للبنان؛ ستركز على ثلاثة فعاليات؛ أهمها القيام بمناورة برية محدودة في البقاع؛ الثانية القيام بحملة جوية استراتيجية والثالثة القيام بإنزالات جوية على بقع جغرافية يوجد فيها ترسانات صاروخية وعسكرية أساسية لحزب الله.
والواقع أن هذه العمليات مرسومة في خطة معدة منذ سنوات يطلق عليها تسمية 'عربات النار'؛ وهي خطة مؤلفة من عدة مراحل؛ وأنجزت إسرائيل عدة مراحل منها (سهام الشمال وتغيير الحقل الاستراتيجي في العراق وضرب المفاعل النووي الإيراني قبل ٢٠٢٦)؛ وبقي مرحلة أخيرة من خطة 'عربات النار' تتضمن تنفيذ سيناريو 'حرب شهر' لإسقاط النظام الإيراني و'حرب قتال عدة أيام' لإنجاز كامل مهمة اجتثاث حزب الله، وأخذ لبنان من ضفة سياسية إلى ضفة سياسية أخرى.
والواقع أن تنفيذ هذا الجزء الأخير من خطة عربات النار كانت تفاصيله وضعت بالتنسيق بين المستويين العسكريين الأميركي والإسرائيلي؛ ولكن هذا الأمر حدث منذ سنوات وقبل حدوث طوفان الأقصى؛ وعليه فإن السؤال اليوم هو هل مازالت هذه الخطة على الطاولة؛ وهل ما زالت واشنطن تؤيد تنفيذ هذه الخطة، خاصة وأنها تشتمل أيضاً على شن الحرب على إيران؛ وأخيراً هل هذه الخطة – أقله من وجهة نظر إدارة ترامب – لا تزال مناسبة بعد دخول المنطقة مرحلة نتائج اجتماع شرم الشيخ؟؟.
الذريعة الثالثة الأساسية التي يطرحها بكثافة الإعلام الإسرائيلي وتطرحها بخبث التسريبات الصحفية؛ تقول أن الدولة اللبنانية لا تجرؤ على تنفيذ كامل مهمة حصرية السلاح، وأيضاً الجيش اللبناني لا يستطيع فعل ذلك بالنظر لإمكاناته المحدودة، وبالنظر لأن القرار السياسي في لبنان لا يريد ملامسة موضوع سلاح الحزب لأن ذلك يؤدي إلى حرب أهلية في لبنان.
ولعل هذه الذريعة الثالثة هي الأخطر لأنها تحاول وضع الدولة اللبنانية داخل مرمى هدف العدوان الإسرائيلي الجديد؛ وباختصار فإن الرسالة الإسرائيلية تريد القول: اولا الحرب لم ممكن منعها (وفي هذه الجزئية إشارة إلى أن رغم دخول المنطقة مناخ اجتماع شرم الشيخ إلا أن هذا الأمر لا يمنع اجتثاث الخطر الموجود في لبنان)؛ ثانياً يجب على العالم أن لا يعتمد على الدولة اللبنانية لنزع خطر حزب الله وإيران من لبنان؛ وهذا يعني أنه يجب على العالم أن يغطي حرب تدمير ترسانة الحزب وما هو قائم من الدولة اللبنانية.
المطلوب أن تستنفر الدبلوماسية اللبنانية لكشف خلفيات ما تبثه إسرائيل من ذرائع كل هدفها هو تدمير مسار تعافي الدولة في لبنان؛ وجعل الحرب هي الخيار الوحيد وهي البديل الحتمي عن البحث عن تسويات لكل القضايا التي تخص لبنان.




 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 






































































