اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
خاص الهديل..
قهرمان مصطفى…
زيارة وُصفت بأنها 'تاريخية'، حطّ وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في بيروت، ليكون بذلك أول مسؤول سوري رفيع يزور لبنان بعد سقوط نظام الأسد؛ لكنها بطبيعة الحال لم تكن زيارة بروتوكولية فحسب، بل حملت معها مؤشراً سياسياً عميق الدلالات، يحمل بين طياته أسئلة أكثر مما يحمل إجابات.
فبينما تحدث الوزير السوري عن 'رغبة في تجاوز الماضي' وعن 'فرصة لبناء علاقة سوية'، بدا واضحاً أن دمشق الجديدة تحاول إعادة تعريف علاقتها بلبنان بعد عقود من الوصاية والتوتر، وبعد مرحلة طويلة من الجفاء والقطيعة.
أما في بيروت، فقد استُقبل الشيباني بكلمات مشبعة بالدبلوماسية، حملها وزير الخارجية يوسف رجي، حين قال إن 'صفحة جديدة تُفتح بين لبنان وسوريا بعد معاناة الشعبين من النظام السابق'. عبارة تختصر حجم الأمل، لكنها أيضاً تذكّر بمرارة التاريخ.
لا شك أن سقوط النظام السوري لم يكن حدثاً سورياً صرفاً؛ فقد كانت تداعياته تمتد إلى لبنان بكل تفاصيله، من السياسة إلى الأمن إلى الاقتصاد. واليوم، تأتي هذه الزيارة لتطرح سؤالاً محورياً: هل يستطيع البلدان أن يؤسسا لعلاقة طبيعية فعلاً، بعيداً عن إرث النفوذ والهيمنة والشكوك المتبادلة؟
البيان الأبرز خلال اللقاءات كان إعلان تعليق عمل المجلس الأعلى اللبناني – السوري، وهو من أبرز رموز المرحلة السابقة، ما يوحي برغبة متبادلة في تفكيك إرث تلك العلاقة غير المتكافئة. لكن التحدي الأكبر لا يكمن في إلغاء المؤسسات الشكلية، بل في بناء الثقة المفقودة بين دولتين تداخلت مصالحهما وصراعاتهما لعقود.
ومن هنا يمكن القول أن لبنان، الغارق في أزماته السياسية والاقتصادية، يحتاج اليوم إلى جارة مستقرة ومنفتحة، كما تحتاج دمشق الخارجة من سنوات الحرب إلى بوابة اقتصادية وتنفس سياسي من خلال لبنان. فهذه المصالح المشتركة قد تشكل نقطة الانطلاق نحو علاقة جديدة، شرط أن تكون مبنية على الندية والاحترام المتبادل، لا على موازين القوة القديمة.
زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بيروت هي بلا شك إشارة سياسية مهمة: سوريا تحاول العودة إلى محيطها عبر بوابة بيروت، ولبنان يحاول بدوره فتح نافذة جديدة على دمشق من موقع مختلف. لكن السؤال يبقى: هل ما شهدناه هو عودة سوريا إلى لبنان كدولة شقيقة، أم عودة لبنان إلى مدار سوريا القديمة بثوب جديد؟
الجواب ستحمله الأسابيع المقبلة، عندما تبدأ 'للجان المشتركة' بالعمل، وحين تظهر طبيعة العلاقة الجديدة بين دولتين تعرفان بعضهما جيداً… ربما أكثر مما ينبغي.