اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٢٢ أيار ٢٠٢٥
من وحي ما شاهدته في الانتخابات البلدية والاختيارية، اجرؤ على التفاؤل بل قل «التشاؤل»، فأردّد ما أنشده المهلب بن أبي صفرة القائل:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسّرا
وإذا افترقن تكسّرت أفرادا
أحزاني تغمرني، تشدّني إلى إعصار الخوف والقلق. أغلق أبواب السمع، فتعصف في رياح الخبر.
يا للهول! أنّى لي أن أتابع الأخبار من فضائيات أصبحت دراكولا العصر تمتص الحقد لتعيش على نزيف دمائنا العربية على العموم.
هرعت من مكتبي، وصفقت الباب لأخلف ورائي تلفازا ينعق بما لم ينعقه الغراب يوما!
ماذا أصابهم؟ أين غابت عقولهم؟ من سكب في عروقهم قطرات مسمومة يلعقونها ثم ينفثونها، لعلّها تنسل إلينا، وتسكن فينا وتغدو كآفة لا تزيد الوجع إلّا طعنا وسكينا!
ماذا عنا يقولون، وهم لا يدرون؟ إننا لبنانيون، نقسم أنهم لا يفقهون، والمستحيل الذي يدسّونه بيننا لا يعقل أن يكون!
نزلت إلى الشارع الجبيلي ثم صعدت إلى ربى بلدتي حريصا - فاتيكان الشرق كما لقّبتها ذات يوم - علّني أجد ما يعيد إلى أوصالي حرارتها وينتزع من نفسي ضررا لحق بي، وسرعان ما تلحفت الدفء، وأنا أرى أمكنتي العزيزة تطفح بمواكب مختلفة، كانت بهتافها وأحاديثها مؤتلفة. مشيت منتشيا، ويقيني لا كذب فيه ولا أنين، فرعاية الله ستحميك يا وطني الحبيب من كل دنس وتدنيس، تماما كما حصل لسيدة حريصا ولبنان التي جمعت كل اللبنانيين حولها. فمهما حاولوا، ستبقى أعلامك المرفوعة تستدعينا شامخة، لنرفع رؤوسنا، ونتمسّك بلحمة ما زالت عنوانا لانتمائنا. نحن سنظل أسرة واحدة، موصود بابها أمام كل دخيل وكل عميل. عقولنا ومشاعرنا حصن حصين لكل شيطان مريد!
أنا متوحّد فيك يا وطني، ففرحك فرحي وألمك ألمي. ألمك يضرب في روحي قلما يمدّني بمداد من الروح الإلهي، ويزيل كل هذا الأسى ونحيا الفرح معا!
أنت وقف لله وملائكته تحميك. في جنباتك رقصت أجمل رقصات الطفولة ودندنت أحلى أغاني الفرح. أنت وهج الروح الذي لا ينطفئ! وستبقى جبلا شامخا ترنو إليه الأرواح وتتعلق به القلوب وتشخص له الهمم مهما أثخنته الجراح!
الجراح تلتئم، على ما يبدو، فلنمسح بمعونته تعالى عن عيوننا كل دمعة، ولنركن إلى رحمته ونعلم ان كل من مات لقضية يؤمن بها مات على الشهادة!
أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه