اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ١٩ أب ٢٠٢٥
لم يعد ارتفاع الأسعار في لبنان مجرد أزمة ظرفية مرتبطة بتقلبات سعر الصرف، بل أصبح واقعًا يوميًا يثقل كاهل المستهلكين ويستنزف قدرتهم الشرائية. الفجوة الكبيرة بين المداخيل المحدودة وتكاليف المعيشة دفعت المواطنين إلى العيش تحت ضغط مستمر، فيما يكشف المغتربون العائدون هذا الصيف عن صدمة أكبر، بعد أن وجدوا أن كلفة الحياة في بلدهم تجاوزت كل التوقعات.
مغتربون أمام “صدمة الأسعار”
تقول ليلى حداد، مغتربة لبنانية مقيمة في إحدى دول الخليج، في حديث خاص لـ”لبنان الكبير”:
> “كنت أظن أن إجازتي ستكون فرصة للراحة واللقاء بالعائلة، لكنني فوجئت بمستوى الإنفاق اليومي. حتى الألعاب البسيطة للأطفال وأدوات الرسم كلفتني نحو 40 دولارًا، بينما لا تتعدى 20 دولارًا في الخارج. أما الألعاب الكبيرة فدفعت 180 دولارًا مقابلها، مع أنها لا تزيد على 100 دولار هناك”.
وتضيف:
> “أدركت أن كل يوم في لبنان يحتاج إلى نحو 100 دولار كمعدل إنفاق، وهذا من دون أي كماليات أو نشاطات ترفيهية”.
التجار يوضحون أسباب الغلاء
في المقابل، يحاول التجار في بيروت تفسير أسباب الارتفاع المستمر للأسعار. يقول جورج خوري، صاحب متجر للمواد الغذائية في الأشرفية، لـ”لبنان الكبير”:
> “الأسعار المرتفعة ليست خيارًا بيدنا. كلفة الاستيراد والنقل والرسوم كلها بالدولار. السوق صغير والمبيعات محدودة، لذلك السعر النهائي يخرج مرتفعًا على المستهلك”.
ويضيف جهاد بركات، صاحب مكتبة لبيع القرطاسية والألعاب في الحمرا:
> “التاجر في لبنان لا يملك القدرة على شراء كميات كبيرة لتخفيض الكلفة، كما يحدث في الأسواق الكبرى. أي تقلب بسيط في سعر الصرف ينعكس مباشرة على الأسعار، ما يضعنا في مواجهة دائمة مع الزبائن”.
ويشير أبو رامي، صاحب محل خضار وفواكه في الطريق الجديدة، إلى أن:
> “المواطن يظن أن التاجر يضاعف أرباحه، بينما الحقيقة أن هامش الربح صار ضئيلاً. صندوق البطاطا، مثلاً، إذا ارتفع سعره بالدولار في سوق الجملة، أضطر لرفع السعر فورًا، وإلا أتكبد خسارة”.
ويتابع:
“الزبائن باتوا يشترون بالكيلو أو نصف الكيلو فقط، بعدما كانوا يشترون بالكميات. هذا دليل على انهيار القدرة الشرائية، ونحن كتجار نعيش نفس المعاناة”.
قراءة اقتصادية
الخبير الاقتصادي شادي الحاج يوضح لـ”لبنان الكبير”:
> “لبنان يعيش أزمة غياب التوازن بين الدخل والإنفاق. الحد الأدنى للأجور لا يتجاوز 300 دولار، ومتوسط الرواتب بالكاد يصل إلى ألف دولار، فيما الأسعار توازي أحيانًا أسواقًا أكبر بكثير. النتيجة: قوة شرائية ضعيفة ومعيشة خانقة”.
ويضيف:
> “الاقتصاد اللبناني صغير ومجزأ، ما يمنع الاستفادة من وفورات الحجم التي تساعد عادة على تخفيض الأسعار. لذلك يبقى المستهلك في مواجهة مباشرة مع الغلاء، من دون أي شبكة حماية”.
“المئة دولار” تتبخر
بات اللبنانيون والمغتربون يصفون الواقع بعبارة واحدة: “المئة دولار لم تعد تكفي”. فهي بالكاد تغطي الإنفاق اليومي، ما يعكس حجم الهوة بين الأسعار المرتفعة والرواتب التي ما زالت تراوح مكانها.