الجلجلة اللبنانيّة... وتواريخ دمويّة

لكأن هذه الأرض مُصابةٌ بلعنةٍ ما، حتى باتت معقلا للمصائب والنزاعات. إذ يعبق تاربخنا بكلّ أشكال المشاكل والحروب، ولا نكاد ننتهي من واحدة، لنقع في أسوأ منها. إليكم أبرز المراحل التي شكّلت انعطافة غيّرت في مجرى تاريخنا.

كانت الحرب المدمّرة من 1975 حتى 1990، التاريخ الأسود الذي نقلنا من العصر الذهبي المتوهّج والبرّاق إلى حلقةٍ مُظلمة لا نجد مخرجا منها. بالتأكيد كانت سنوات الحرب من أصعب الفترات في تاريخنا الحديث، وبعيدا من الدمار والموت، إلا انها تسببت بانقسام داخلي عميق لا تزال آثاره واضحة في النفوس حتى يومنا هذا.الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، كذلك شكّل مرحلة مفصليّة، خصوصا مع خروج منظمة التحرير الفلسطينية، والذي كان وقعهُ أساسيّا في مجرى التطورات المتلاحقة.الاحتلال السوري من العام 1990 وحتى 2005، كان خنجرا وُضع طويلا في الخاصرة اللبنانية، فمزّق اقتصادها وقطاعاتها وقضى على بنيان الدولة فيها تحت ذرائعَ كثيرة، والاهم قيّد القرار اللبناني المستقلّ

اغتيال رفيق الحريري عام 2005، كان بالتأكيد تاريخًا مفصليًّا وبعدهُ ليس بالتأكيد كما قبله. فهو أدى إلى خروج الجيش السوري من لبنان بعد 29 عامًا من الاحتلال، وأظهر إلى العلن الانقسام العمودي في البلاد بين فريقين أسميا بـ8 و14 آذار، بين من يريد البناء والعلم والازدهار، وبين من يريد الحروب ومنازعة العالم أجمع.حرب تموز 2006، نتج عنها دمارٌ واسعٌ جنوبًا وفي مختلف أنحاء لبنان، وتعمّق حينها الانقسامُ السياسيّ تجاه سلاح حزب الله.أتت بعدها أحداث أيار 2008، حينما اجتاح حزبُ الله بيروت والجبل، مستخِدمًا سلاحهُ بشكلٍ مباشر في الداخل اللبناني، لتليها فترة من الفراغات الدستورية وتعطيل تشكيل الحكومات، خصوصا الفراغ الرئاسي الذي استمر سنتين ونصف من أجل إيصال ميشال عون إلى سدّة الرئاسة الاولى.الهاوية الاقتصادية عام 2019، والتي لا نزال حتى لا اليوم نعاني من جرائها، والتي أطاحت بالليرة اللبنانية، وأفقدت اللبنانيين مدّخراتهم، وتسبّبت بانعدام الثقة الدولة بلبنان، قبل أن ينفجر مرفأ بيروت ويطيحَ بما تبقّى... من أمل في نفوس اللبنانيين.

جلجلة لا تنتهي يعيشها اللبنانيون، وكلّ هذه المراحل تركت ندوبًا في النظام والدولة والمجتمع، صعبٌ التخلّص منها.