اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ٢٩ نيسان ٢٠٢٥
يعتبر فوز ليفربول بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز في الموسم الحالي 2024-2025، من بين أكثر إنجازاته تميزًا في السنوات الأخيرة.
ورغم صعوبة مضاهاة تتويجه في 2020، حين قاد يورغن كلوب الفريق لتحقيق أول لقب دوري منذ 1990، إلا أن هذا اللقب سيسجل كواحد من أكثر قصص النجاح غير المتوقعة في عصر الدوري الممتاز، لأسباب عديدة؛ أبرزها أنه تحقق في الموسم الأول للمدرب آرني سوت، وبتشكيلة لم تحظَ سوى بأدنى حد من التدعيم الصيفي.
رغم إنفاق ليفربول 30 مليون يورو لضم الحارس الجورجي جيورجي مامارداشفيلي من فالنسيا، إلا أن اللاعب سينتقل فعليًا في الموسم المقبل.
وعليه، لم يعزز النادي تشكيلته هذا الموسم إلا بلاعب وحيد هو فيديريكو كييزا، القادم من يوفنتوس مقابل 12 مليون يورو، والذي شارك حتى الآن في 4 مباريات فقط.
هذه السياسة المتقشفة جعلت صافي إنفاق ليفربول إيجابيا (+5 ملايين يورو)، بعدما جنى 47 مليون يورو من بيع اللاعبين.
وللمقارنة، بلغ صافي إنفاق مانشستر سيتي الموسم الماضي -120.8 مليون يورو، ومتوسط صافي إنفاقه خلال سلسلة ألقابه الأربعة المتتالية -92.5 مليون يورو.
وبهذا الإنجاز، فكّك سلوت أسطورة أن الإنفاق الضخم شرط للنجاح في الدوري الإنكليزي.
تفوق فريد
رغم أن قيمة شراء تشكيلة ليفربول الحالية تبلغ 665 مليون يورو، إلا أنها تحتل المرتبة السادسة في الدوري الإنكليزي الممتاز وفق أرقام موقع 'ترانسفير ماركت' المتخصص، قريبة من نيوكاسل (604 ملايين يورو)، وبعيدة عن مانشستر سيتي (1.1 مليار يورو).
منذ آخر لقب دوري، أنفق ليفربول 537.6 مليون يورو فقط على التعاقدات، وهو عاشر أعلى رقم بين أندية الدوري. والسر في نجاح هذا الاستثمار يعود إلى تركيز 88% من هذا المبلغ على 11 لاعبًا فقط.
بالمقارنة، أنفق مانشستر سيتي 896.4 مليون يورو على 17 لاعبا أساسيا، وأرسنال 774.5 مليون يورو على 22 لاعبا، وتشيلسي 1.52 مليار يورو على 31 لاعبا.
وعند حساب متوسط قيمة الصفقة للاعب الأساسي، يتفوق ليفربول بمتوسط 40.3 مليون يورو، مقارنة بتشيلسي (48.9 مليون يورو)، وأعلى من أرسنال (35.2 مليون يورو)، وأقل من مانشستر سيتي (52.7 مليون يورو).
ليفربول التزم بفلسفة الجودة على حساب الكمية، فلم يندفع وراء الكم كما فعل منافسوه، بل ركز على تدعيم التشكيلة بعناصر نوعية مؤثرة.
إرث كلوب الراسخ
رغم براعة سلوت، فإن نجاحه لم يأتِ من العدم. فقد ورث فريقًا بُني بعناية خلال السنوات الماضية. خلال المواسم الأربعة السابقة لهذا التتويج، أنفق ليفربول 496 مليون يورو على شراء لاعبين، استعدادًا للمنافسة على القمة.
ذات الاستراتيجية اتُبعت قبل لقب 2019-2020، حيث أنفق النادي 563 مليون يورو خلال أربعة مواسم تحضيرية، ثم أنفق مبلغا محدودا في موسم التتويج ذاته، بفضل اكتمال الفريق. لم تكن قلة الإنفاق دليلاً على ضعف الموارد، بل نتيجة الثقة في جودة التشكيلة.
بالتالي، من غير المنصف القول إن ليفربول فاز دون استثمار. فقد استغرق بناء هذا الفريق أربعة أعوام من العمل الذكي والهادئ. ومع ذلك، يظل الإنجاز الذي حققه سلوت مذهلاً، خصوصًا مع التفوق على أرسنال ومنافسيه، بإنفاق أقل بكثير من الفرق الكبرى الأخرى.
ليفربول هذا الموسم قدّم نموذجًا في أن التخطيط السليم والتوظيف الذكي للموارد لا يقلان أهمية عن الكفاءة التكتيكية. هذا اللقب ليس ثمرة موسم واحد فقط، بل خلاصة عمل دؤوب وتخطيط بعيد المدى وإدارة ذكية في سوق اللاعبين.
لقب ليفربول رقم 20.. الحقائق والأرقام تثبت الاستحقاق
دخل ليفربول موسم 2024-2025 وسط توقعات منخفضة للغاية من قبل الخبراء، ورغم ذلك، قلب الطاولة على الجميع، وتوج بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز، ليحقق لقبه العشرين في تاريخ المسابقة، معادلًا مانشستر يونايتد كأكثر الفرق تتويجا بالبطولة.
قضى ليفربول 234 يوما متصدرا جدول ترتيب الدوري خلال الموسم، وهي ثالث أطول فترة في العقد الأخير بعد الفريق نفسه موسم 2019-2020 (346 يوما)، ومانشستر سيتي موسم 2017-2018 (240 يوما).
تولى الهولندي آرني سلوت تدريب ليفربول خلفًا ليورغن كلوب، وسط شكوك حول قدرته على التأقلم السريع، إلا أنه سرعان ما أثبت عكس ذلك، حيث حقق الفوز في أول ثلاث مباريات له في البريميرليغ دون أن تهتز شباكه، ليصبح أول مدرب يفعل ذلك منذ جوران إريكسون في 2007.
وفاز سلوت بـ8 من أول عشر مباريات له (تعادل واحد وخسارة واحدة)، وهو أفضل سجل في أول 10 لقاءات لمدرب مع ليفربول في تاريخه.
جمع الفريق 28 نقطة بعد 11 مباراة، ولم يتفوق عليه في ذلك سوى ليفربول نفسه في 2019-2020 (31 نقطة).
الهجوم
وسجل ليفربول 80 هدفًا حتى الآن، كأعلى رصيد بين جميع فرق الدوري، حيث سدد لاعبوه 591 كرة نحو المرمى، الأكثر كذلك في المسابقة.
ويمتلك ليفربول أعلى عدد أهداف متوقعة (xG) بإجمالي 75.5، وأعلى xG من التسديدات غير المرتبطة بركلات جزاء (68.4)، كما سدد الفريق 438 كرة من داخل منطقة الجزاء، أكثر بـ72 تسديدة من أي فريق آخر.
مقارنة بالموسم الماضي، قلّ معدل تسديدات ليفربول من 20.8 تسديدة لكل مباراة إلى 17.4، ولكن نسبة تسديداته من داخل منطقة الجزاء ارتفعت من 65.9% إلى 74.1%، ما يدل على تحسن جودة الفرص.
الدفاع
استقبل الفريق 32 هدفًا فقط في 34 مباراة، ثاني أفضل دفاع خلف أرسنال (29 هدفًا).
ويملك ليفربول أقل معدل أهداف متوقعة ضد (xG against) في الدوري، بـ 28.9، متفوقًا بفارق واضح عن أقرب منافسيه، وقلل الفريق عدد التسديدات التي يتلقاها في المباراة من 10.9 الموسم الماضي إلى 9.5 هذا الموسم. أيضًا، قلّ معدل xG ضده من 1.22 إلى 0.85 في المباراة الواحدة.
وسجل ليفربول 14 هدفا عبر الهجمات المرتدة السريعة، وهو أعلى رقم مسجل لأي فريق منذ بدء الإحصاء موسم 2006-2007، كما سجل 10 أهداف من ضغط عالٍ (High Turnovers)، أكثر مما حققه في الموسم الماضي (7 أهداف).
الاستمرارية والاستقرار
لم يبرم ليفربول أي تعاقدات رئيسية مؤثرة في الصيف، باستثناء فيديريكو كييزا، الذي لم يشارك إلا في 33 دقيقة فقط طوال الموسم في الدوري.
كما أن ليفربول كان الفريق الوحيد الذي لم يشرك في التشكيلة الأساسية أي لاعب لم يكن جزءًا من تشكيلته في الموسم 2023-2024، ما منحه تماسكا استثنائًا.
27 نيسان.. ليفربول يدفن جرح جيرارد في يوم نحسه
في ظهيرة يوم 27 نيسان 2014، كانت مدينة ليفربول تعيش على إيقاع الحلم. جماهير الريدز كانت تؤمن أن الانتظار الطويل لإحراز لقب الدوري الإنكليزي للمرة الأولى منذ 1990 سينتهي أخيرا.
موسم استثنائي صنعه المدرب بريندان رودجرز ونجومه، وعلى رأسهم القائد الملهم ستيفن جيرارد. احتشدت المدرجات الحمراء لمواجهة تشيلسي، في مباراة بدت كبوابة إلى اللقب المفقود.
سارت الدقائق الأولى بحذر، قبل أن يحل ذلك المشهد الذي تحول إلى كابوس خالد في ذاكرة أنفيلد.
كرة عادية مرتدة وصلت إلى جيرارد، لكن لحظة واحدة من سوء الحظ غيرت كل شيء. انزلق القائد وهو يحاول استلام الكرة، لينطلق ديمبا با مهاجم تشيلسي منفردًا بالحارس مينيولي، ويودع الكرة في الشباك الباردة، وسط صدمة لا توصف في المدرجات.
بدا أن الزمن توقف، وجيرارد الذي لطالما حلم برفع الكأس، رأى حلمه يتبخر أمام عينيه.
لم ينجح ليفربول في العودة رغم محاولاته المحمومة، بل تلقى هدفًا آخر عبر ويليان في الوقت بدل الضائع، لينتهي اللقاء بخسارة قاتلة.
لم تكن تلك مجرد عثرة قائد؛ بل كانت رمزًا للسقوط المعنوي الذي أطاح بآمال ليفربول في استعادة عرش إنكلترا.
استغل مانشستر سيتي الفرصة وخطف اللقب في الأسابيع القليلة التالية، وبقيت دموع أنفيلد شاهدة على قسوة كرة القدم، ولم يفارق الجرح صدر جيرارد حتى نهاية مسيرته.
لكن كرة القدم، كما تحطم القلوب، قادرة أيضًا على تضميدها. حدث ذلك بعد 11 عاما وفي اليوم ذاته، 27 نيسان، ليكتب ليفربول قصة مختلفة تمامًا عنوانها الفرح والانتصار.
في عصر مختلف، بقيادة مدرب هولندي جديد اسمه آرني سلوت، كان ليفربول يعيش موسما رائعً، مبنيا على إرث يورغن كلوب، لكن بروح جديدة وشجاعة تكتيكية مبتكرة.
في ذلك اليوم الموعود، استضاف الريدز فريق توتنهام على ملعب أنفيلد، وهو يعرف أن الفوز سيمنحه اللقب رسميا.
حقق ليفربول الفوز 5-1 وغنت جماهير أنفيلد بفخر معتاد ومشاعر متجددة 'لن تسير وحدك أبدًا'، وهي ترى لقب البريميرليغ في أيدي نجومها للمرة 20 في تاريخ النادي، معادلًا رقم مانشستر يونايتد.
كان موسم ليفربول غير عادي، تحت قيادة مدرب يخوض تجربته الأولى في هذا الدوري الصعب، في وقت لم تلجأ فيه الإدارة أيضا إلى سوق الانتقالات، بل اكتفت بالأساس الذي بناه سابقه، الألماني يورغن كلوب قبل رحيله.
لقد عانى جيرارد كثيرا وداوى آلامه لدى طبيب نفسي، لكن جرحه الغائر لم يتعاف تماما إلا اليوم، السابع والعشرين من نيسان، حيث دفنت ذكريات انزلاقته للأبد.
تحولت دموع صدمة جيرارد إلى دموع فرح في عيون صلاح وفان دايك والجيل الجديد في أنفيلد، حيث أثبت ليفربول أن الكبوات لا تلغي الأحلام، بل توفر الحافز لتحقيقها ليصبح الإنجاز أكثر حلاوة.
كم تبلغ مكافأة ليفربول بعد التتويج بلقب البريميرليغ؟
ربما يذهب البعض الآن لطرح تساؤل حول الجائزة المالية للريدز بعد التتويج باللقب بنهاية موسم 2024-2025.
الإجابة جاءت عبر الموقع الرسمي للبريميرليغ، الذي نشر اليوم تقريرا للرد على هذا السؤال، حيث أفاد بأنه لا توجد جائزة مالية ثابتة لبطل المسابقة.
لكن متصدر الترتيب (البطل) يحصل على أعلى مكافأة استحقاق من مكافآت الدوري الممتاز، والتي تحسب بناء على ترتيب الفريق في الدوري، من الأول إلى العشرين.
ويحصل البطل على 20 ضعفا من مكافأة الاستحقاق الأساسية، بينما يحصل الوصيف على 19 ضعفا، وصولا إلى النادي الذي يحتل المركز الأخير، والذي يجني أقل مكافأة استحقاق.
وبالنظر إلى الموسم الماضي، سنجد أن البطل مانشستر سيتي حصل على مكافأة بلغت 22.6 مليون جنيه إسترليني، فيما نال شيفيلد يونايتد (الأخير) أقل مكافأة، لم تتجاوز 1.1 مليون.
لكن أرباح بطل البريميرليغ لا تقتصر على المكافآت القادمة من الرابطة، بل ستكون هناك فوائد تجارية من هذا التتويج، إذ تتضمن التعاقدات مع رعاة الأندية بنودا تتمثل في حوافز إضافية، تحصل عليها الفرق عند الفوز بالألقاب.