اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ١ تشرين الأول ٢٠٢٥
أشار وزير العدل عادل نصّار إلى أنّ بناء العدالة يجب أن يكون عملًا جماعيًا مشتركًا، وعلى القضاة أن يكونوا صمًّا أمام كل الإغراءات، مهما كان مصدرها.
وأضاف نصّار، في كلمة ألقاها خلال إطلاق وزارة العدل والمعهد الفرنسي في لبنان أول من أمس، العرض الافتتاحي لسلسلة عروض العدالة والسينما: إذا كان للرأي العام والإعلام حق التعبير وحتى حق انتقاد القرارات القضائية، فعليهما في المقابل أن يمتنعا عن تشويه سمعة العدالة أو مهاجمة القضاة بشكل شخصي. هذا هو التوازن الذي يبدو أن فرنسا قد وجدته. وهو أيضًا التوازن الذي علينا على الأرجح أن نسعى لإيجاده.
وتابع الوزير: عندما نتحدث عن استقلالية العدالة، فإننا نقصد تمكين القاضي من اتخاذ قراراته على أساس معطيات القضية فقط، لا استنادًا إلى عوامل خارجية. نحن جميعًا نعلم بضرورة خلق ظروف تمنع السياسيين من التأثير على مسار الدعاوى. وهذا ما عملنا عليه من خلال التعيينات القضائية، وكان هذا أيضًا هدفنا من إعداد مشروع قانون استقلالية القضاء، لكن الاستقلال عن السياسة ليس كل شيء. فهناك أيضًا الضغط الإعلامي، وضغط الرأي العام، ومع تطور التكنولوجيا، و ايضاً ضغط وسائل التواصل الاجتماعي التي صنعت ثقافة جديدة. لن أعود إلى النقد اللاذع الذي وجهه أومبرتو إيكو لوسائل التواصل الاجتماعي. لكن من المفيد أن نستعيد، ولو كانت عباراته قاسية، ما قاله المحامي بول لومبار حول العلاقة بين الرأي العام وقاعات المحاكم: لا تستمعوا إلى الرأي العام الذي يطرق باب هذه القاعة. إنه دخيل يجذب القاضي من كمه، ويجب طرده من محاكمنا، لأنه متى دخل من باب خرجت العدالة من الباب الآخر. إن الرأي العام غالبًا ما يعبّر عن نفسه بالعاطفة، وهي عاطفة مشروعة في معظم الأحيان، إلا أن الإنسان لا يُحاكم بالعاطفة. وقد لخّص ألبير كامو الموقف الواجب اعتماده رغم شرعية العاطفة بقوله: الإنسان عليه أن يمنع نفسه.
كما لفت إلى أنّ تنظيم هذا البرنامج السينمائي له هدف واضح وهو التذكير بأن العدالة هي شأن يخص الجميع، بينما القضاء هو شأن القضاة. إن توعية المواطنين على دور القاضي وتوعية القاضيعلى بأثر قراراته يشكلان هدفًا بحد ذاته، فالقضاة يواجهون في كل ملف معروض أمامهم معضلة ما، ترافقهم طوال مسيرتهم المهنية أن يحسم القاضي قضية ما، يعني أن يختار هذا الاتجاه أو ذاك استنادًا إلى معطيات الملف وبعيدًا من أي ضغوط. ومع كل قرار يتخذه القاضي، ينشأ ساخطون، والأسوأ أنه قد يغامر بالوقوع في الخطأ. لذلك فإن وعي المآسي الإنسانية التي قد تترتب على أي قرار هو أمر ضروري و يجب على القاضي أن يدرك خطورة هذه المسؤولية، لكن على المجتمع أيضًا أن يحترم العبء الثقيل الملقى على عاتقه. إن استهداف القاضي هو في الوقت ذاته منعه من أن يحكم بضمير حي.