اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ١٧ أيار ٢٠٢٥
جاء في 'المدن':
بوتيرة سريعة تتطور الأحداث في المنطقة. وتخطو سوريا خطوات سريعة على هذا المسار. وقد تُرجم ذلك في زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى المملكة العربية السعودية ولقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب. هذا اللقاء كان يفترض للبنان أن يشارك فيه، ولكن ذلك لم يحصل. فمنذ بداية التحضير لهذه القمة الثلاثية، كان يفترض أن تكون رباعية بمشاركة رئيس الجمهورية جوزاف عون. وبقي غياب عون عن القمة من دون تفسير واضح، وسط تساؤلات عن تحميل لبنان مسؤولية التأخر عن الالتحاق بركب هذا المسار الجديد في المنطقة.
منذ سنوات، والمداولات الأميركية السعودية حول الوضع في المنطقة تشير إلى تقدّم اليمن في سلم الأولويات وبعده حلّت سوريا، ليندرج لبنان ثالثاً. سارع السعوديون إلى الاتفاق مع إيران وتهدئة الوضع مع الحوثيين، أما بعد الحرب الإسرائيلية على غزة وانخراط اليمن فيها، تولت واشنطن توجيه ضربات عسكرية للحوثيين، قبل الوصول إلى اتفاق تهدئة لم تكن إسرائيل شريكة به، وقد أصبح ملف اليمن مرتبطاً بمسار التفاوض الإيراني الأميركي والوصول إلى اتفاق. أما سوريا فقد شهدت تغيراً استراتيجياً كبيراً أطاح بنظام الأسد وأوصل إدارة جديدة تسارع الخطى نحو تثبيت وضعيتها وانتزاع شرعية دولية وعربية. في هذا السياق، لا يزال لبنان على حافة الانتظار، انتظار انعكاسات هذه التطورات عليه من جهة، وانتظار مآلات الحوار الأميركي الإيراني وكيف سيتلقفه حزب الله.
الموقف الأميركي معلن ومعروف، وقد بلغ مرحلة في غاية الوضوح. قالها ترامب حول ضرورة التحرر من قبضة حزب الله، وقالتها موفدته إلى لبنان مورغان أورتاغوس بأنه يجب نزع سلاح الحزب من كل لبنان. يعلم لبنان بأن قراراً دولياً كبيراً صدر بهذا الشأن، وهناك رأي داخل حزب الله يقرّ بذلك، بينما رأي آخر لا يزال يرفض مجرد التفكير بمثل هذا الاحتمال.
بأي حال، تُلقى المسؤولية على الدولة اللبنانية وما يمكنها القيام به لتحقيق هدف حصر السلاح. وذلك له 3 مستويات.
المستوى الأول، هو استكمال ما يقوم به الجيش اللبناني في جنوب نهر الليطاني، من خلال مداهمات وعمليات تسلم للأسلحة، مع الإشارة إلى أن ما تم انجازه حتى الآن هو تفكيك حوالى 90 بالمئة من كل البنية العسكرية للحزب في جنوب نهر الليطاني، بالإضافة إلى تشديد الإجراءات لمنع إعادة بناء هذه البنية العسكرية لاحقاً، من خلال قطع طرق الإمداد. ثمة إشارات وصلت إلى لبنان بضرورة الإعلان عما تحقق حتى الآن، والوصول إلى نقطة الإعلان عن الانتهاء الكامل من عمليات التفكيك وسحب الأسلحة في جنوب النهر.
المستوى الثاني، هو زيادة الضغط الدولي للانتقال في عمليات الدهم والتفكيك إلى شمال نهر الليطاني. وهذا أمر يرفضه حزب الله بالكامل حتى الآن، بينما هناك تهيب لبنان لمثل هذه الخطوة، كي لا تؤدي إلى صدام مباشر بين الحزب والجيش. وهذا يرتبط بمسار الحوار أو النقاش الهادئ مع الحزب وفق رؤية رئيس الجمهورية. وبحسب المعلومات، فبعد انتهاء استحقاق الانتخابات البلدية سيتفعل الحوار أكثر بين الجانبين، مع دخول رئيس مجلس النواب نبيه بري على خطّ المساعدة في سبيل ذلك، ووضع التصور العام لآلية حصر السلاح بيد الدولة.
عند هذه النقطة لا يزال حزب الله يضع أولوياته لهذا الحوار، فيريد بدايةً انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية كاملة. وبعدها يريد ضمانات بعدم توجيه أي ضربات عسكرية أو عمليات اغتيال. ومن ثم العمل على تفكيك السلاح الفلسطيني، وفي الختام يتم الوصول إلى إطار لوضع الاستراتيجية الدفاعية، التي يصبح فيها سلاح الحزب تحت إمرة الدولة. لكن هذه الأولويات بالنسبة إلى حزب الله، تختلف كلياً عن الأولويات الأميركية. إذ تشير المعلومات الأميركية إلى أن الضغط سيزداد لتفكيك سلاح الحزب قبل انسحاب إسرائيل، وهناك تبرير أميركي للإسرائيليين بأنهم خائفون على أمن مستوطنيهم. ولذلك هم يتمسكون بالبقاء في التلال الخمس إلى حين الوصول إلى تفكيك سلاح الحزب بالكامل.
المستوى الثالث، هو انتظار لبناني على مستوى الدولة، وعلى مستوى حزب الله لنتائج المفاوضات الإيرانية الأميركية، وإمكانية الوصول إلى اتفاق بينهما. هنا تنقسم وجهات النظر، بين من يعتبر أن طهران حينها ستطلب من الحزب تسليم سلاحه، في مقابل رهان الحزب على أن الاتفاق سيسهم في إراحته والاحتفاظ بسلاحه، طالما أن الاتفاق السياسي يضمن الأمن والاستقرار في الجنوب.
ما بين هذه المستويات الثلاثة، يترقب لبنان زيارة أورتاغوس التي من الممكن أن تكون في نهاية الشهر الحالي، وهي التي أكدت أنها حريصة على المجيء كل 6 لـ8 أسابيع. وفي هذا السياق، تشير مصادر متابعة إلى أن زيارة أورتاغوس ستخصص للاطلاع على ما حققه الجيش حتى الآن، والإعلان عن انتهاء العمل في جنوب نهر الليطاني والانتقال إلى شماله، بالإضافة إلى وضع بعض الشروط المتصلة بآليات انتشار الجيش في شمال النهر وتحديداً على ممرات وطرقات أساسية، وإقامة حواجز ثابتة وأخرى جوالة على كل الممرات التي يمكن أن يستخدمها الحزب لإعادة بناء قدراته العسكرية أو تمرير أسلحته. كما أن أورتاغوس تركز اهتمامها أيضاً على برنامج الإصلاح وضرورة إقراره.
أصبح واضحاً ما هو مفروض دولياً على لبنان: إقرار الإصلاحات المطلوبة، وتحقيق حصر السلاح بيد الدولة، وبعدها الدخول في مفاوضات يعتبر ترامب أن هدفها 'إرساء السلام'، فيما لبنان لا يزال يعلن عن استعداده للالتزام باتفاقية الهدنة التي أقرت في العام 1949.