اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٢٥ نيسان ٢٠٢٥
سألني الصديق الأديب المغربي الذي يزور بيروت، ونحن على فنجان قهوة في المقهى الذي يفضّله:
- هل تمتص الأزمات التي يمرّ ومرّ بها لبنان من ألق بيروت الثقافي؟
أجبته: لماذا أنت في بيروت؟
قال: لأسلّم مسودة روايتي الجديدة إلى دار النشر ولأشارك في ندوة دُعيت للمشاركة فيها وللالتقاء بالأصدقاء وزيارة الأماكن التي أحبها ولي الكثير من الذكريات في شوارعها ومراكزها الثقافية.
قلت: ها أنت تتكلم عن الألق، فكيف تراه؟
قال: الغريب ان في هذه المدينة سحر غريب وكأني بها تملك نوعاً من المغناطيس الثقافي الذي يجذبني وغيري إليها، ولا أستطيع تفسير ذلك.
قلت: انه التاريخ يا صديقي تاريخ مدينة صانعة للثقافة من أروقتها وأماكنها ولدت أسماء حمّت الأرض العربية وما بعدها، مدينة هي المختبر الحقيقي لمستوى الإبداع وتنوّعه.
كل ذلك لم يأتِ من فراغ أو ادّعاء فحتى ما قبل المطبعة الأولى والمطبوعة الأولى كانت هذه المدينة نقطة التقاء حضارية بينها وبين ما حولها.. وبينها وبين العالم الكبير.
قد يكون الموقع الجغرافي أو لعلّه نوع وتركيبة إنسانها وإنسان هذا الوطن، وهناك من يربط الأمر بالهجرة إلى بلاد الله الواسعة والاحتكاك الحضاري بها مما أوجد حالة حضارية مميّزة وبدت المدينة كنقطة ضوء مشعّة لكل ما حولها.
والسؤال المرتبط بذلك هو (هل ما يحدث اليوم من حراك ثقافي هو استمرار وتواصل الحاضر واستمراره مع الماضي)؟..
قد تكون الأزمات التي تتالت وبعضها كان من العمق بمكان قد أثّرت بنسبة ما على خفوت الضوء ولكن ليس زواله.
فما يحدث من أنشطة ثقافية هو استمرار للدورة الدموية الثقافية حتى وان كان بعضها يعاني من من مثالب أو هشاشة ولكن استمرار وجودها ضروري لاستمرار الدورة الدموية الثقافية، وذلك بانتظار استقرار ضروري اقتصادياً واجتماعياً وكل ذلك على ارتباط عضوي بالمحركات السياسية في منطقة تلد كل صباح حدثاً مختلفاً.
كل ذلك لن يؤثر على الوهج الثقافي لمدينة لها من رصيدها وتكوينها ما يحتّم الدفع إلى استمرار التوهج ومماشاته للتقدّم والتطوّر الحضاري الإنساني العام في عالم ينام على وضع ويستفيق على آخر.