اخبار لبنان
موقع كل يوم -درج
نشر بتاريخ: ٢٨ أذار ٢٠٢٥
على رغم التحديات، لم تستسلم النساء العاملات في المهن الحرة في لبنان، بل واجهن الخسائر وحاولن التكيّف مع الواقع الجديد. لكن غياب الدعم والتنظيم يتركهن في مواجهة دائمة مع الأزمات.
في هذا التقرير، نسلّط الضوء على تجارب نساء يواجهن هذه الأزمات بصبر وإصرار، مثل غادة فوعاني، التي كانت تحلم بإنشاء مشغل يجمع النساء الحرفيات، وعلا معتوق، التي وجدت نفسها مضطرة إلى إعادة بناء مشروعها من الصفر بعد الحرب. كما نستعرض العوائق البنيوية التي تزيد من هشاشة هذه المهن، وغياب الإحصاءات التي تعكس واقع النساء العاملات في الاقتصاد غير الرسمي. فكيف تواجه هؤلاء النساء هذا الواقع؟ وهل هناك دعم كافٍ لمساعدتهن على الاستمرار؟
غادة فوعاني: حرفة تواجه الحرب
غادة عبدالله فوعاني، من بلدة حولا الجنوبية وتقيم في النبطية، متزوجة وأم لأربع بنات. بدأت رحلتها في مجال الحرف اليدوية منذ ثماني سنوات، متخصصة في التطريز، الكروشيه، الخياطة، وتشكيل الورود الاصطناعية. في البداية، كانت مجرد هواية، لكنها سرعان ما تحولت إلى عمل يمنحها الشغف والمتعة. وكما تقول والدتها: 'غادة، ما تراه عيناها، تنجزه يداها.'
تعرضت النبطية لأكثر من 300 غارة إسرائيلية، ما غيّر ملامحها بشكل كامل وأثر بشدة على اقتصاد بلدة تعد محركة الاقتصاد في الجنوب. وبطبيعة الحال تأثر كل قاطني النبطية بهذا الدمار.
لطالما حلمت غادة بإنشاء مشغل (Atelier) يجمع مختلف المهارات الحرفية، ليكون منصة لتمكين النساء ومساعدتهن على تحقيق الاستقلال المادي. لكن الحرب الإسرائيلية الأخيرة بددت هذه الأحلام، ليس فقط على إثر الدمار، إذ تراجعت الطلبات بسبب الأزمة الاقتصادية، بحيث بات همّ الناس الأول هو النجاة في ظل العدوان، بخاصة في الجنوب اللبناني.
في السابق، كانت غادة تبيع منتجاتها لزبائن وزبونات محليين/ ات ومغتربين/ ات، ما وفر لها مصدر دخل جيد. لكن منذ اندلاع الحرب في أيلول/ سبتمبر الماضي، انخفض الطلب بشكل حاد، لا سيما من المغتربين/ ات الذين تأثروا بالوضع الأمني والاقتصادي، ما أثر أيضاً على حركة المعارض التي كانت تشارك فيها وتبيع منتجاتها من خلالها.
على رغم ذلك، تحاول غادة الاستمرار، مستفيدة من دعم زوجها في المصروف، كما تشارك حالياً في معرض تنظّمه 'جمعية تقدم المرأة' في النبطية خلال شهر رمضان، حيث بدأ الطلب على التطريز والكروشيه يعود تدريجياً، وإن كان محدوداً.
تواجه غادة تحديات كبيرة، أبرزها انعدام الأمان والاستقرار، ما يجعل الاستثمار في أي مشروع جديد مخاطرة. كما أن الأزمة الاقتصادية جعلت أولويات الناس تتركّز على الاحتياجات الأساسية، بينما تراجع الإقبال على المنتجات الحرفية التي تُعتبر كماليات. إضافة إلى ذلك، تقلّصت مشاريع تمكين المرأة التي كانت تعتمد عليها في تدريب النساء على الحرف اليدوية، ما جعل استمرار هذه المبادرات أكثر صعوبة.
يذكر أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أطلق بالشراكة مع وزارة الاقتصاد والتجارة وبدعم من حكومة كندا، مشروع 'التمكين الاقتصادي للمرأة من خلال النهوض بالمشاريع التي تقودها النساء في لبنان'. ويمتد المشروع على ثلاث سنوات ونصف السنة، ويهدف إلى دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تملكها أو تديرها النساء، ما يعزز أمنها الاقتصادي واستقرارها وازدهارها.
تختتم غادة بقولها: 'أتمنى أن يكون هناك دعم أكبر من الجمعيات المعنية بشؤون المرأة'، لمساعدتها على تحقيق الاستقلال المادي وتأمين مصدر رزق يحميها من الحاجة والعوز.