خاص الهديل: انتهى عهد الدبلوماسية وبدأ عهد الغلبة العسكرية!!

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة 

الاعتداء الإسرائيلي على قطر بدّل كثيراً من اصطفاف البيادق فوق صفحة شطرنج المنطقة.. الوزير الأسود لم يعد بمقابل الوزير الأبيض؛ وأصبحت اللعبة في مرحلة كش وزير وكش ملك؛ فيما صف الجنود الذي يحمي اللعبة من الانهيار؛ معرضين للسقوط على رؤوس الجميع كونهم أصبحوا من دون ذخيرة ولم يعد يوجد مربع واحد فوق رقعة الشطرنج ينتقلون إليه.. وعلى هذا قرر كل اللاعبين فوق رقعة الشطرنج إعادة التموضع والبحث عن مظلات حماية جديدة..

.. حتى هذه اللحظة برزت ثلاث مظلات تم ترشيحها لتكون قادرة على تأمين استراتيجية حماية: الأولى هي المظلة النووية الباكستانية؛ والمظلة الثانية هي مساحة دخول تركيا إلى نادي الجيل الخامس الجوي (طائرة كاءان)؛ والمظلة الثالثة هي تجديد الحوار مع أميركا ولكن على أسس جديدة. بخصوص المظلة الأولى الباكستانية فقد جرى منذ أيام تنشيط هذا الخيار من خلال إبرام اتفاق دفاع مشترك سعودي باكستاني. أحد بنود هذا الاتفاق يشبه بمفاعيله البند الخامس من اتفاق الناتو الذي يعتبر أن أي اعتداء على أية دولة في الناتو هو اعتداء على كل حلف الناتو؛ وتطبيقات هذا البند موجودة في اتفاق الدفاع المشترك السعودي الباكستاني؛ وهذا يعني أن القنبلة النووية الباكستانية أصبحت فعلياً قنبلة دفاعية سعودية باكستانية مشتركة. 

واضح أن اتفاق الدفاع المشترك السعودي الباكستاني هو اتفاق دفاعي، ولكنه أيضاً هو رسالة عن أن الرياض تقوم بإجراء استباقي استراتيجي يتمثل بأنها تتحسب من إمكانية أن تتعرض لخيانة من حليفها الأميركي لصالح إسرائيل أو غيرها كما حدث مع قطر. 

بالنسبة للمظلة الجوية التركية فهي تحتاج إلى تسريع وتطوير وتوسيع الاستثمار الإقليمي فيها. وركيزة هذه المظلة هي طائرة 'كاءان' التي تنتمي للجيل القتالي الجوي الخامس؛ وكان تصنيع هذه الطائرة بدأ كمشروع وطني تركي ولكن لاحقاً انضمت إليه باكستان، وهناك حديث اليوم كي تنضم إليه اندونيسيا؛ وهذا يعني أن هذه الطائرة باتت تشكل طموحاً إقليمياً بأبعاد دولية.

كل الفكرة السائدة اليوم في المنطقة هي أن عهد الدبلوماسية انتهى؛ وبدل ذلك دخلت المنطقة مرحلة المعادلات العسكرية؛ أو ما يمكن تسميته حسب مفهوم ابن خلدون بمعادلة الغلبة. واعتداء إسرائيل على قطر لم يكن يستهدف بالعمق قيادة حماس بل كان يستهدف قتل المفاوض باسم حماس من جهة واغتيال الدور الدبلوماسي العالمي لقطر من جهة ثانية.

… وضمن هذا المناخ بخصوص انتهاء عهد الدبلوماسية ترتفع وتزيد نجومية نتنياهو بفضل الدعم الأميركي له؛ فيما اللاعبون الإقليميون الآخرون يسعون لبناء ملاذات دفاعية جديدة قادرة على مواجهة الجيل الجديد من التحديات الأمنية والجيوسياسية غير المسبوقة.