اخبار لبنان
موقع كل يوم -صحيفة الجمهورية
نشر بتاريخ: ٢٨ نيسان ٢٠٢٥
لم تكن قضية لجنة «الرقابة على المصارف» تحتاج إلى طرح نيابي للمساءلة والتحقيق، ليُثار ملف اللجنة وأداء رئيستها مايا دبّاغ طيلة المرحلة الماضية التي تعرّض فيها المودعون إلى نكبة طالت أموالهم.
مع اقتراب موعد نهاية ولاية اللجنة الحالية، وطرح وجوب تعيين لجنة بديلة تستعيد دورها الطبيعي في الرقابة على المصارف، وتتعاطى بجدّية ومسؤولية بعيداً من الحيادية السلبية من جهة، أو عرقلة أسس الاستقرار النقدي الذي نَعِمَ به لبنان منذ سنتَين، بدأت الخلافات تُطلّ إلى الواجهة، وكان آخرها ما حصل منذ يومَين، إثر دعوة نواب إلى إحالة لجنة الرقابة على المصارف إلى التحقيق.
عندما أُنشئت لجنة مستقلة للرقابة على المصارف غير خاضعة في ممارسة أعمالها إلى سلطة المصرف المركزي، فقد تحدّدت مهامها بموجب المادة 9 من قانون النقد والتسليف، كالتحقّق من حُسن تطبيق أحكام النظام المصرفي على المصارف، بالإضافة إلى التدقيق الدوري في أعمال المصارف، وحقها بوضع برنامج لتحسين أوضاع أي مصرف وضبط نفقاته.
ومن هنا يتضح التقصير في عمل هذه اللجنة، التي ردّد أعضاؤها في مجالسهم «أنّ المسؤولية تتحمّلها رئيستهم التي اختصرت عمل اللجنة»، الأمر الذي دعا المودعين إلى رفع الصوت، لضرورة المحاسبة، كما في تصريح جمعية «صرخة المودعين» في الساعات الماضية، التي انتقدت بشدّة طلب تعيين رئيسة اللجنة مايا دبّاغ مجدّداً، معتبرين أنّها «غابت بشكل كامل عن أداء مهامها الرقابية طوال السنوات الماضية، ولم تسعَ إلى تنفيذ حتى التعميمات الصادرة عن مصرف لبنان، خصوصاً التعميم 154».
ويعتبر المودعون، أنّ لجنة الرقابة على المصارف لعبت دور المتفرّج طويلاً، على عملية تذويب الودائع عبر:
أولاً، تعدّد أسعار الصرف الذي دفع ثمنه المودعون والمواطنون اللبنانيّون كافة، قبل أن يستقر السعر في السنتَين الماضيتَين، بفعل انضباطية لم تستسغها دبّاغ نفسها لغاية مجهّلة، وبقيت تحاول التشويش على الآلية التي حققت الاستقرار في السوق.
ثانياً، كانت منصة «صيرفة» تستنزف أموال المودعين، على رغم من أنّ تعميم «صيرفة» كان أوكل لجنة الرقابة على المصارف بمراقبة التقيّد بأحكام التعميم ومتابعة الشكاوى التي يتقدّم بها المتضرّرون. لكنّ اللجنة بقيت تتفرّج على النزيف الذي أصاب الإيداعات.
ثالثاً، المضاربة التي حصلت على الليرة، وتفلّت أسعار الصرف، التي ضبطها المركزي في السنتَين الماضيتَين، بعدما حيّدت لجنة الرقابة نفسها.
وكشف مطّلعون لـ«الجمهورية»، أنّ الجدل اشتدّ في اليومَين الماضيَين من جانب إضافي أيضاً، بعد اكتشاف أنّ «رئيسة اللجنة قدّمت معلومات خاصة لنافذين في صندوق النقد الدولي من خارج المسار الرسمي اللبناني من جهة، وسرّبت من جهة ثانية تقارير سرّية ومجتزأة ضدّ حاكم مصرف لبنان المركزي كريم سعيد، وهو ما اعتُبر أنّه مشاكسة لقرار رئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي يصرّ على اختيار أشخاص يتمتعون بكفاءة ومسؤولية وطنية وسيرة مُنتجة، خصوصاً للمواقع المالية والإدارية الحساسة التي تتطلّب إنتاجية مُستدامة».
وكان اشتدّ النقاش بشأن اللجنة، إذ دعا نواب إلى طرح ملفّها على الطاولة ومحاسبتها على التقصير. وذهب النائب علي حسن خليل إلى القول: «أدعو إلى إحالة لجنة الرقابة على المصارف إلى التحقيق، وفي المقدمة رئيستها».
فهل تُحال اللجنة إلى التحقيق في الأيام المقبلة؟ أم أنّ مجلس الوزراء سيكتفي خلال الأسابيع المقبلة بتعيين لجنة جديدة ويَطوي ملف اللجنة الحالية من دون حساب؟
لم تتضح الإجابات بعد، سوى إصرار رئيس الجمهورية على رفض تعيين أي شخص تدور حوله شبهات، واستكمال التعيينات في الدولة اللبنانية بصورة شفّافة، لتحقيق إنتاجية ونظافة الإدارات على كل الأصعدة.