لقاء بن سلمان وترامب والاندفاعة السعودية السياسية والاقتصادية نحو لبنان

سجلت الاندفاعة السعودية تجاه لبنان، قفزة نوعية هذه الايام، سياسياً واقتصادياً، بزيارة الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان على رأس وفد سياسي واقتصادي، وقبله وصول وفد سعودي استثماري للمشاركة في مؤتمر الاستثمار واحد، الذي يعقد في بيروت لاول مرة منذ وقت طويل، وبمشاركة مستثمرين عرب واجانب، بالتزامن مع تصاعد حملات التشكيك الداخلي من سياسيين لبنانيين ومسؤولين اميركيين، من تلكؤ المسؤولين اللبنانيين بتسريع خطى تنفيذ قرار نزع سلاح حزب الله، وتباطؤ جهود استعادة السيادة على كافة الاراضي اللبنانية، وتزايد الشكاوى من استمرار الاحتلال الاسرائيلي للتلال الخمس الاستراتيجية جنوباً، وتواصل الاعتداءات الاسرائيلية ضد لبنان دون توقف.

يصنف المراقبون الاندفاعة السعودية في هذا الوقت بالذات في عدة اتجاهات، الاول اعطاء دفع داعم لمسيرة الدولة، في جهودها ومساعيها لبسط السلطة وحفظ الامن والاستقرار على كل الاراضي اللبنانية، والتأكيد على استمرار تقديم الدعم السياسي والاقتصادي السعودي للسلطة اللبنانية، حكاماً ومسؤولين في جهودهم لإكمال مسيرة النهوض بالدولة، بالرغم من كل العقبات والعراقيل التي تواجهها محلياً واقليمياً.الاتجاه الثاني، إبداء التقدير للمراحل التي قطعتها الدولة في الامساك بمفاصل الدولة، بعد مرحلة الفلتان السابقة، ونجاحها باتخاذ الاجراءات والتدابير اللازمة في منع انطلاق اي عمليات ارهابية او تخريبية من لبنان ضد دول الخليج العربي، ومكافحة مشددة لتهريب المخدرات التي كانت على مصراعيها سابقا. الاتجاه الثالث، اعادة انعاش حركة التبادل الاقتصادي والتجاري، الى ما كانت عليه سابقاً، ورفع الحظر عن تصدير المنتوجات الزراعية والصناعية اللبنانية الى اسواق المملكة، بعد زوال الاسباب التي كانت تحول دون ذلك، بالتزامن مع تشجيع ملحوظ للمستثمرين السعوديين للعودة الى لبنان مجددا، وما ترمز اليه هذه العودة من مؤشرات لمساعدة لبنان على التعافي مالياً واقتصادياً. الاتجاه الرابع، مساعدة لبنان سياسياً وبذل الجهود اللازمة، مع الدول الصديقة للمملكة بالعالم، لاسيما الولايات المتحدة الاميركية للضغط على اسرائيل للانسحاب من الاراضي اللبنانية، وحل المشاكل المتأتية عن الاحتلال الاسرائيلي وتداعياته على لبنان كله.ويعتبر هؤلاء المراقبون ان زيارة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في الوقت الحاضر، الى واشنطن ولقاءه مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب، يشكلان مناسبة مهمة لطرح مشكلة الاحتلال الاسرائيلي واستمرار الاعتداءات التي لا تتوقف على لبنان، وكيفية مساعدة الولايات المتحدة من موقعها الضاغط لانهاء الاحتلال، وحل المشاكل بين لبنان واسرائيل.

وفي المقابل، يشدد هؤلاء المراقبون على انه مطلوب من السلطة اللبنانية بكل مسؤوليها، ان تلاقي الاندفاعة السعودية هذه، بإكمال خطى النهوض بالدولة، والاستمرار باتخاذ الاجراءات المطلوبة لانهاء مشكلة السلاح غير الشرعي، في اي موقع كان، وتشديد الاجراءات اللازمة لمكافحة صناعة المخدرات ومنع تهريبها للدول الشقيقة والصديقة، وإحكام الرقابة على كل مرافق الدولة من دون استثناء، وتثبيت الامن والاستقرار، لإعادة الثقة المفقودة بالبلد، ومنع تكرار اي ممارسات او ارتكابات، قد تؤدي الى زعزعة هذه الثقة مجدداً، والعودة الى الماضي.