اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٦ كانون الأول ٢٠٢٥
كتب غسان ريفي في 'سفير الشمال'
تستمر تداعيات قرار رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بتعيين السفير سيمون كرم رئيسا للوفد اللبناني المشارك في لجنة الميكانيزم، خصوصا بعد أن تحولت مادة للتجاذبات بين من يتحمس لهذه الخطوة بإعتبارها تشكل حماية للبنان، وبين من يرفضها ويعتبرها سقطة كونها لم تبدل شيئا من السلوك الاسرائيلي الإجرامي بما في ذلك إستمرار الاعتداءات على القرى والبلدات الجنوبية (كما جاء أمس على لسان أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم)، وبين من يذهب بعيدا في تبني السردية الإسرائيلية في إعتبار هذا التعيين مقدمة لإتفاقات إقتصادية من شأنها أن تؤدي الى التطبيع والسلام مع العدو الاسرائيلي.
في غضون ذلك، لم تأت زيارة وفد سفراء وممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي الى لبنان بأي جديد، حيث ينتقل اليوم الى الجنوب لتقييم واقع قوات اليونيفيل والبحث في دورها المستقبلي، وللإطلاع على ما نفذه الجيش من خطة الإنتشار وحصرية السلاح بيد الدولة، ويُفترض بحسب المعلومات أن يكون تقييمه وتقريره إيجابيين، لكن ذلك لن يبدل شيئا في المشهد، خصوصا أن هذه الإيجابية المتوقعة يجب أن تأخذ بعين الإعتبار العراقيل التي تضعها إسرائيل لمنع الجيش من إتمام مهماته، وأن تطالب بالإنسحاب الاسرائيلي من النقاط اللبنانية المحتلة، ليستنى للجيش إستكمال تنفيذ الخطة التي تشكل مطلبا أميركيا ودوليا قبل أن تكون مطلبا لبنانيا.
يبدو واضحا في سير الأمور أن مجلس الأمن وممثليه وأميركا والمجتمع الدولي يعتمدون لغة الشعارات مع لبنان، ويقدمون الدعم المطلق لإسرائيل، حيث أكد الوفد الأممي خلال لقائه الرؤساء الثلاثة أمس على أهمية أمن وإستقرار لبنان، في حين أن الطريق لهذا الأمن والاستقرار واضح المعالم ويتعزز بإنسحاب العدو وبوقف إعتداءاته، بما يمكّن العهد من تحقيق ما إلتزم به سواء في خطاب القسم أو بالبيان الوزاري لحكومة نواف سلام.
وفي الوقت الذي يستمر فيه التناقض الأميركي حيال معالجة الأوضاع في لبنان بين من يدعو الى نزع سلاح حزب الله بالقوة وبين من يفضل التعاطي السياسي والدبلوماسي للحفاظ على أمن لبنان والحؤول دون تفجير الوضع الداخلي، يبدو أن أميركا ومعها المجتمع الدولي وكذلك ممثلي مجلس الأمن يتعاملون وفق مبدا الصيف والشتاء على سطح واحد، حيث يشددون على ضرورة إلتزام لبنان بكل الشروط والبنود الواردة في إتفاق وقف إطلاق النار وفي القرار 1701، فيما لا يحركون ساكنا تجاه الغطرسة الاسرائيلية التي تضرب كل الإتفاقات والقرارات وكل الخطوات الايجابية التي قام بها لبنان بعرض الحائط، ولا تقيم وزنا لأية وساطات دولية بهذا الخصوص.
لذلك، فإن ما يشهده لبنان من شأنه أن يؤدي الى إحراج السلطة السياسية أمام شريحة واسعة من شعبها، خصوصا بعد تنفيذ الشرط الأميركي بتعيين مدني في لجنة الميكانيزم من دون إنتزاع أي تعهد بإجبار إسرائيل على وقف إعتداءاتها.
وما زاد الطين بلة هو الإنتقادات التي وجهها الشيخ نعيم قاسم الى هذه الخطوة معتبرا أن “لبنان قدم تنازلا مجانيا من دون أن يحصل على أية مكاسب فيما العدو ما يزال يعتدي ويقصف ويهجر وكأن شيئا لم يحصل”، وقد سبق ذلك عدم إستقبال الرئيس نبيه بري للسفير سيمون كرم، وتأكيده أن “الإسم أو الشخص لا يعنيه، بل ما يعنيه هو سلوكه وأن تكون المفاوضات غير مباشرة وتنحصر بوقف الاعتداءات والإنسحاب وإطلاق الأسرى”، ما يشير الى أن الثنائي يرفضون هذا التعيين من دون أية مواجهة سياسية أو شعبية، بإنتظار ما قد يحصل من تطورات.
هذا الواقع يضع الولايات المتحدة أمام مسؤولية دفع إسرائيل الى وقف إعتداءاتها ووضع حد لجموحها التوسعي تجاه إنشاء المنطقة العازلة وإستمرار الإحتلال وحرية الطلعات الجوية، إلا إذا كانت أميركا تنسج فتنة داخلية هدفها إنتاج فوضى كاملة تُشغل كل الأطراف اللبنانية وتسمح لإسرائيل بتحقيق أهدافها، وهذا السيناريو ليس بعيدا..!











































































