اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
اتفقت الصحافة الإسرائيلية على مختلف مشاربها على توقع أن تجدد الحرب في لبنان حتمي؛ وعبرت إحدى الصحف عن هذا المعنى بالقول أنه 'لم يعد ممكناً منع الحرب'!!.
والاسباب التي تبرزها إسرائيل عبر إعلامها بوصفها اعتبارات تحتم الحرب أو تجعل منعها مستحيلاً، هي أسباب عديدة؛ ويأتي في مقدمها الإدعاء بأن حزب الله نقل بعد سقوط النظام السوري صواريخ من حمص وحلب ودمشق إلى مواقع وأنفاق له في البقاع، وأنه لم يتسن لإسرائيل تعقبها وقصفها!!. ومن بين هذه الأسباب أيضاً اعتبار يدرجه الإعلام العبري، ويظل هو الأكثر أهمية ومعقولية، ومفاده أن نتنياهو في ظل ظروفه الراهنة بعد وقف حرب غزة واهتزاز صورته الداخلية، يحتاج إلى حرب؛ ومجاله الأساسي لخوضها هي لبنان؛ وتحديداً في البقاع التي هي الخاصرة الرخوة داخل الجبهة اللبنانية اللصيقة بسورية.
.. غير أن التدقيق بحسابات معادلة تجدد الحرب على لبنان انطلاقاً من دخول المنطقة مرحلة ما بعد اجتماع شرم الشيخ ومرحلة ما بعد وقف حرب غزة واستعداد العالم كله وليس المنطقة فقط، للمساهمة في المرحلة الثانية من تنفيذ خطة ترامب – وهي المرحلة الأخطر والأهم في كل مسار رؤيته للاستقرار في الشرق الاوسط – تفرض طرح مجموعة أسئلة وإشكالات حول مدى واقعية أن تشن إسرائيل حرباً واسعة على لبنان؛ وأيضاً تطرح أسئلة عما إذا كان المقصود هنا هو تصعيد عسكري وأمني إضافي يربك الساحة اللبنانية؛ ويخلط التوازنات والأوراق داخل اللجنة الخماسية في الناقورة:
الإشكالية الأولى تتعلق بأن الكلام عن حرب جديدة ضد حزب الله وضد لبنان، لا يستوي ولا ينسجم مع رغبة ترامب القوية بالحفاظ على إنجازه المركزي الذي يعتبر أنه حققه في اجتماع شرم الشيخ؛ وهو طي صفحة الحرب في المنطقة؛ فترامب لم يقل فقط أنه أخمد نيران حرب غزة بل قال أنه أخمد نيران سبع حروب، ومؤخراً يقول ثماني حروب (!!) .. صحيح أنه لا يمكن النوم على وسادة كلام ترامب؛ ولكن الصحيح أيضاً أنه لا يمكن لترامب أن يسمح لنتنياهو بأن يتحدى أهم إنجاز نسبه لنفسه قبل أيام قليلة، وأمام عشرات زعماء الدول، ومضمونه أنه أوقف مرحلة الحرب في الشرق الأوسط؛ وفتح مرحلة التفاوض وتغيير الواقع. وضمن هذا التوجه الذي وضع ترامب المنطقة فيه لا يمكن اعتبار لبنان – دون غيره من دول المنطقة – موجود خارج مظلة منع الحرب التي فتحها ترامب فوق المنطقة.
تجدر في هذه الجزئية العامة ملاحظة أن ترامب في خطابيه بالكنيست وشرم الشيخ تصرف على أنه فخامة رئيس الشرق الأوسط؛ وأنه محرره من ثلاثة أمور حسب إيحاءاته الواضحة: من النفوذ الإيراني المزمن؛ من تغول نتنياهو المتصاعد؛ من دينامية الفوضى وتعثر الدول.
.. وما تقدم يقود لطرح الإشكالية أو السؤال الثاني ذات الصلة بعملية التدقيق باحتمالات الحرب على لبنان، ومفاد الفكرة هنا هي أن أية حرب إسرائيلية جديدة لن تدعم دينامية الحل الترامبي في المنطقة، ولن تدعم حل 'سلام القوة'، بل ستعيد الواقع نفسياً ومادياً إلى مرحلة ما قبل اجتماع شرم الشيخ التي اتسمت بالتشكيك العميق بوعود ترامب، واتسمت بالتسليم لقدرة نتنياهو على التغول عسكرياً في المنطقة وسياسياً داخل الولايات المتحدة الأميركية. وعلى هذا فإن منطق الأمور يقول أن ترامب ليس لديه مصلحة بإعادة عقارب هيبته المكتسبة في الشرق الأوسط بعد اجتماع شرم الشيخ، ثانية واحدة إلى الوراء؛ أو إخضاع هيبته لامتحان إثبات أنه فعلياً رئيس الشرق الأوسط وهو بنفس الوقت الرئيس الأقوى للولايات المتحدة الأميركية وأنه الضامن لعدم تجدد الحروب بعد اليوم في المنطقة، وأن نجاحه في إطفاء الحروب السبع سوف يتوسع ليشمل إطفاء حرب ثامنة هي السودان؛ وليس لفتح حرب كان أطفأها في لبنان..











































































