اخبار مصر
موقع كل يوم -ار تي عربي
نشر بتاريخ: ٣ أيلول ٢٠٢٥
كشف مساعد وزير الداخلية الأسبق مدير مكافحة الإرهاب بقطاع الأمن الوطني المصري اللواء عادل عزب تفاصيل جديدة حول دور مؤسسة 'مرسي للديمقراطية' المسجلة في لندن بتمويل عدة إعلاميين.
وأشار عزب في تصريحات لـRT إلى أن القضية أثارت جدلا واسعا بعد كشف الناشط الإخواني العائد علي حسين مهدي، في سلسلة فيديوهات متداولة، عن تلقيه راتبا شهريًا قدره عشرة آلاف دولار من هذه المؤسسة مقابل مهام إعلامية محددة.
ووفق تصريحات مهدي، فإن المؤسسة، التي يُديرها الإعلامي الإخواني محمد جمال هلال، تُقدّم رواتب مالية كبيرة لعدد من الإعلاميين، أبرزهم:
كما أشار إلى وجود ما وصفه بـ'كشوف رواتب' تشمل صحفيين وإعلاميين آخرين داخل مصر، يُشتبه في عملهم لصالح أجندة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
وأوضح عزب أن وثائق بريطانية مسربة، صادرة تحت عنوان 'Statement of Compliance' وفقا لقانون الشركات لعام 2006، كشفت عن أسماء المؤسسين الرسميين للمؤسسة، وهم:
وأضاف أن صورا متداولة تُظهر مجلس أمناء المؤسسة، وتضم شخصيات من خلفيات دينية وإعلامية وأكاديمية، ما يوحي بأن الكيان لا يقتصر على البُعد الإعلامي، بل يُشكّل شبكة منظمة ذات امتداد سياسي وفكري، تتحرك تحت غطاء إخواني.
وأكد عزب أن ما يلفت الانتباه هو أن هذه المؤسسة تمثل المرة الأولى في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين التي تحمل اسم أحد قياداتها – حتى بعد وفاته – على كيان رسمي.
وأوضح أن الجماعة، منذ تأسيسها قبل نحو قرن، حرصت على تجنّب ربط مؤسساتها باسماء قياداتها، بهدف التمثيل الجماعي والتأكيد على أن 'التنظيم فوق الفرد'. لكن إطلاق اسم 'مرسي' على هذه المؤسسة يُعدّ تحولًا استراتيجيًا، يعكس محاولة استثمار إرثه كرمز سياسي ودعائي، خاصة في ظل تصاعد خطاب 'الاستشهاد السياسي' داخل صفوف الجماعة.
وحذر عزب من أن تمويل المؤسسة لإعلاميين داخل مصر يُشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي، مشيرًا إلى أن الوثائق والتسريبات تفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مدى تورط إعلاميين مصريين في أنشطة هذه الشبكة، سواء بعلم منهم أو من خلال استغلالهم كأدوات لنقل خطاب معاد للدولة.
وأثار الخبير الأمني شكوكًا حول احتمال تورط عناصر في الأجهزة الاستخباراتية البريطانية في تسهيل أو غض الطرف عن نشاط المؤسسة خلال فترة عملها في لندن.
وتساءل: 'هل يمكن فصل قرار بريطانيا الأخير بإغلاق سفارتها في القاهرة – بدعوى تدهور الظروف الأمنية – عن هذه التطورات؟'، معتبرًا أن القرار قد يكون مرتبطًا بحسابات أمنية واستخباراتية أوسع.
وأشار إلى أن هناك صراعا مكتوما على مستويين:
اعتبر عزب أن قرار إغلاق السفارة البريطانية في القاهرة لا يبدو معزولا عن الجدل المحيط بمؤسسة 'مرسي'. ورأى مراقبون أن الخطوة قد تكون استباقية، لتجنّب اتخاذ القاهرة إجراءات أمنية ضد أفراد بالسفارة حال ثبوت تورطهم في دعم المؤسسة.
وفي هذا السياق، برزت أنباء عن نية المؤسسة نقل مقرها من لندن إلى أستراليا، بعد أن بات نشاطها مكشوفًا. ورأى البعض أن هذه الخطوة تُعدّ محاولة من لندن لـ'تنظيف يدها' من الملف، بينما يُحلّل آخرون الانتقال على أنه 'إعادة تدوير جغرافي' منسّق، يُبقي على الشبكة نشطة، لكن في بيئة أقل رقابة، مع الحفاظ على الهدف الاستراتيجي: إدارة حملة إعلامية معادية ضد مصر من الخارج.
ولفت عزب إلى تحوّل مفاجئ في خطاب السفارة البريطانية في مصر، حيث أصدرت بيانًا عبر صفحتها الرسمية على 'فيسبوك' أشادت فيه بـ'الدور الحيوي لمصر في ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة'، وعبّرت عن شكرها للحكومة المصرية وشركائها على الأرض.
وأشار إلى التناقض الواضح بين هذا الخطاب الودي، وقرار إغلاق السفارة الذي اعتمد على 'مخاوف أمنية'. وقال: 'كيف تنتقل لندن من موقف متوجس يُوحي بعدم الثقة، إلى خطاب دبلوماسي مُثني على القاهرة، في غضون ساعات؟'.
وأضاف أن هذا التباين يُظهر اضطرابا في السياسة البريطانية تجاه مصر، ويدل على أن الملف يتجاوز الإجراءات الأمنية الروتينية، ليتداخل مع صراعات داخلية وضغوط استخباراتية وسياسية في العاصمة البريطانية.
في ختام حديثه، تساءل اللواء عادل عزب: 'هل ستختار بريطانيا ومصر معًا سياسة عفا الله عما سلف، فتُغلق لندن ملف المؤسسة وتعيد فتح سفارتها وكأن شيئًا لم يحدث، مكتفية بخطاب دبلوماسي يُشيد بدور مصر في غزة؟ أم أن الوقت قد حان لفتح الملف كاملا، ومحاسبة كل من تورط في التمويل أو التغطية على نشاط المؤسسة، سواء من إعلاميين داخل مصر أو أطراف أجنبية؟'.
وأوضح أن الخيار الأول يضمن استمرار العلاقات الثنائية على السطح دون توتر، لكنه يعني عمليًا تمرير ملف خطير تحت البساط، كما حدث مع قضايا سابقة. أما الخيار الثاني، فيُرسّخ مبدأ سيادة القانون والردع، حتى لو تطلّب ذلك فتح خلاف دبلوماسي مع لندن.
وختم قائلًا: 'في النهاية، يبقى القرار مرهونًا بالتوازنات التي ستختارها الدولة المصرية في إدارة واحدة من أعقدها القضايا التي تتقاطع فيها السياسة والإعلام والأمن والاستخبارات'.
المصدر: RT