اخبار سوريا
موقع كل يوم -الميادين
نشر بتاريخ: ٢٣ أيار ٢٠٢٥
ماذا سيترتب على رفع العقوبات الأميركية عن سوريا؟
واشنطن ستحاول تبديد مخاوف 'إسرائيل' بشأن توجهات النظام السوري الجديد، وما يرتبط بهذا من احتمالية عقد اتفاق للسلام بين دمشق و 'تل أبيب'، والبدء فى مسار شامل للتطبيع.
السعي الأميركي- الإسرائيلي لإعادة تشكيل المنطقة وفق معادلة التطبيع مع 'إسرائيل' واضح المعالم. ترامب يسعى إلى مشروع 'ناتو شرق أوسطي'، هدفه إخضاع المنطقة للقيادة الإسرائيلية عبر الحروب الاستباقية والتهديدات، وإنشاء مناطق عازلة داخل دول الطوق تصب في مسألة إعادة رسم خرائط ومعادلات في المنطقة، التي تعيش حالة من التمزق والنزاعات الداخلية.
هذا ما سيتم تنفيذه بعد استقبال الشرع في السعودية ولقائه ترامب وبعد إبداء استعداده لتطبيع العلاقة مع 'إسرائيل'، ومرافقة وفد سوري لوفد تركي إلى أذربيجان للقاء الإسرائيليين ومفاوضتهم. أتى قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال الاجتماع الذي عقد في السعودية مع ولي عهد المملكة العربية السعودية وحضور الرئيس رجب طيب إردوغان الاجتماع عن بُعد برفع العقوبات. وإن كان الإخراج بدا وكأنّ الرئيس الأميركي قد أعطى لولي العهد بعض النفوذ كون السعودية ستكون إحدى الدول المموّلة للإعمار، لكن الجولاني في الحقيقة جرى إعداده سابقاً في مطابخ الأميركي والبريطاني ومشاركة التركي.
كان لافتاً كشف الولايات المتحدة الأميركية، عبر سفيرها السابق روبرت فورد التواصل مع زعيم 'هيئة تحرير الشام' محمد الجولاني، أي الشرع، عام 2023 و تدريبه على تولي السلطة في سوريا، ترافق التصريح مع مقابلة تلفزيونية مع السفير جميس جيفري، المبعوث الأميركي إلى سوريا وتركيا إبان الحرب، والذي أكد العلاقة مع الشرع قبل سنوات، حيث تمت حمايته في إدلب من النظام، حسب قوله. هذه التصريحات أكدت مسألتين: الأولى، التعاون الأميركي- التركي مع رئيس الاستخبارات التركية آنذاك هاكان فيدان، وهو وزير الخارجية الحالي الذي لعب أدواراً هامة في الوقت الذي كانت تركيا تفاوض في أستانا وتطرح لقاء الأسد. وثانياً، أن الشرع تم تحضيره بواسطة الولايات المتحدة الأميركية ومنظمات بريطانية بشكل مباشر . ثالثاً، هي رسالة إلى الكونغرس الذي كان معترضاً على رفع كل العقوبات بأن الرجل هو من إنتاجنا.
لقاء واشنطن حول سوريا.. ما الجديد؟
حذر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ من اندلاع حرب في سوريا، في غضون أسابيع قليلة، إذا لم يتم تقديم الدعم اللازم لحكومة الشرع.
أراد روبيو ميزانية إضافية لدعم الحكومة السورية ونقل الشؤون السورية، التي تقوم بها حالياً السفارة الأميركية في تركيا، إلى السفارة في دمشق، والتي ستتم إعادة فتحها فوراً، ومتابعة الأمور بشكل دقيق.
كان نائب وزير الخارجية نوح يلماز، وهو اليد اليمنى لوزير الخارجية التركي فيدان، حاضراً في اجتماع مجموعة العمل الخاصة بسوريا مع نائب وكيل وزارة الخارجية الأميركية لانداو، والسفير التركي في واشنطن سيدات أونال، والسفير الأميركي لدى أنقرة توماس باراك في 20 أيار/مايو في واشنطن، وتحدثوا عن حماية وحدة أراضي سوريا والحرب المشتركة ضد 'جميع أشكال الإرهاب' ضد خرائط التقسيم الجديدة التي تم تسريبها.
في هذه الأثناء، كان إبراهيم كالين، رئيس الاستخبارات التركية الحالي يبحث مع الرئيس الانتقالي الشرع في دمشق نزع سلاح وحدات حماية الشعب الكردية بعد إعلان حزب العمال الكردستاني التخلي عن السلاح، فالتحدي الكبير بالنسبة إلى تركيا هو احتمال عدم تنفيذ قوات سوريا الديمقراطية، بنود الاتفاق مع الشرع، إذ تطالب أنقرة بحلّها ودمجها في الجيش السوري، بينما تسعى هذه القوات للحفاظ على كيانها حتى لو انضمت إلى المؤسسة العسكرية.
وهنا، تساور أنقرة شكوك في احتمال أن يكون قرار حل الكردستاني يهدف ضمن ما يهدف إلى حماية 'قسَد' وليس حلها، وإحياء هواجس الفدرالية والإدارات الذاتية وسيناريوهات التقسيم.
تطرق كالين إلى أمن الحدود والبوابات الجمركية، فضلاً عن نقل السجون والمعسكرات التي يوجد فيها أعضاء داعش، وهذا أحد الشروط التي طرحها ترامب في اجتماع الرباعية مقابل رفع العقوبات. وخلال الاجتماع، عرض إردوغان دعم حماية المخيمات وتشغيلها. كالين ذهب إلى دمشق لينفذ ما هو ضروري قبل أن يمضي الوقت من دون المرور على هذه النقطة، بعد أن كان الجيش الأميركي قد برر دعمه لقوات سوريا الديمقراطية بالإشارة إلى حماية المعسكرات التي يحتجز فيها مقاتلو داعش.
وكان فيدان قد أبدى قبل يومين فقط خشيته من عدم التزام قوات سوريا الديمقراطية/وحدات حماية الشعب باتفاقها مع دمشق. كان يشير إلى البروتوكول الموقع بين الشرع وعبدي في 10 أبريل نيسان ، وهو كان يتحدث على أساس تقارير من كالين.
كان جزء مهم من عملية التطبيع في سوريا هو دمج وحدات حماية الشعب في الجيش السوري (ليس كوحدة كردية مستقلة، ولكن من خلال الذوبان فيه)، ولكن على الرغم من مرور أربعين يوماً، لم تنضم وحدات حماية الشعب إلى الجيش، ولم تنقل حقول النفط والغاز والمطارات والبوابات الحدودية والثكنات التي كانت تحتفظ بها بضمان الولايات المتحدة إلى دمشق. وترى تركيا أنه تنفيذاً لقرار حزب العمال الكردستاني بحلّ الكفاح المسلح وإنهائه من المهم أن يكون القرار ملزماً أيضاً للتنظيمات التابعة لحزب العمال الكردستاني في سوريا، وكذلك مسألة إلقاء السلاح.
تراهن أنقرة على أن المضي قدماً في تنفيذ الاتفاق، بين الحكومة السورية الانتقالية وبين قوات سوريا الديمقراطية 'قسد'، وقرار رفع العقوبات الأميركية سيليه قرار محتمل بانسحاب أميركى من شمال شرق سوريا، يعني تخلي الولايات المتحدة عن الحليف المحلي لها في سوريا، أي قوات سوريا الديمقراطية 'قسد'، التي ستكون أمام اختبار وجودي صعب يفرض عليها الاختيار بين ثلاثة بدائل: إما مواجهة تركيا عسكرياً، وإما مواجهة النظام السوري الجديد في حالة عدم استكمال إجراءات تنفيذ الاتفاق معه والموقع في مارس 2025، وإما القبول بتنفيذ الاتفاق والخضوع للإدارة الانتقالية الجديدة، ومن ثم القبول بتفكيك 'قسد' والانضمام كفصائل وليس كتنظيم إلى المؤسسة العسكرية الجديدة.
ستحاول واشنطن أولاً تقييم مدى التزام الإدارة السورية الجديدة بضمان حقوق الأقليات، لا سيما (الكرد، والدروز، والعلويين) وتحقيق الأمن الداخلي ضمن السلم الأهلي واستمرار الحكومة الانتقالية في تقديم دعم أمني واضح للجهود الدولية لمحاربة تنظيم الدولة 'داعش'.
كذلك تبديد مخاوف 'إسرائيل' بشأن توجهات النظام السوري الجديد، وما يرتبط بهذا من احتمالية عقد اتفاق للسلام بين دمشق و 'تل أبيب'، والبدء في مسار شامل للتطبيع والدخول ضمن الاتفاقات الإبراهيمية.
تقليص النفوذ الروسي في سوريا، ما يصعب من عملية التفاوض بشأن استمرار القواعد الروسية فيها من ناحية، تقليص طبيعة الدور الروسي في ظل المتغيرات السورية الجديدة والحد من أي دور للصين على مستوى التعاون الاقتصادي؛ وضع قيود على دور ممكن للشركات الصينية فى مجال إعادة الإعمار .
يمكن عندها صدور قرار الانسحاب العسكري من شمال شرق سوريا، والاكتفاء بدور لوجيستي واستخباري ضمن التحالف الدولي في قاعدة التنف بالقرب من مثلث الحدود السوري العراقي الأردني.