اخبار سوريا
موقع كل يوم -الجماهير
نشر بتاريخ: ١١ أيار ٢٠٢٥
الجماهير || أسماء خيرو…
في خضم السباق المحموم بين الطلاب لتحقيق أعلى الدرجات بأقل جهد ممكن، لم تعد الملخصات الدراسية المسماة بالأوراق الذهبية مجرد حل مؤقت، بل تحولت إلى إستراتيجية دائمة تنذر – بحسب تحذيرات الأكاديميين – باختفاء الكتاب الجامعي، لكن كيف تحولت هذه الممارسة إلى 'جائحة تربوية ' تضعف البنية المعرفية للطلاب؟ وما انعكاساتها على مستقبل العملية التعليمية؟
هذه الأداة التي باتت حجر زاوية بدلا عن الكتاب الجامعي في المنظومة التعليمية تطرح تساؤلات ملحة حول مصير التعلم العميق، وتأثير الاعتماد المفرط على التكثيف المعرفي قصير المدى.
• من أداة مساعدة إلى بديل استراتيجي.
من خلال مقابلات أجرتها صحيفة الجماهير مع طلاب من كليات وتخصصات متنوعة، اتضح أن الملخصات باتت أداة لا غنى عنها:
تقول سلام عتال طالبة في كلية الحقوق: 'الملخصات توفر 70% من وقت الدراسة.
ويبرر محمد (أدب عربي) اعتماده عليها كونها تمنحه التركيز على النقاط المهمة وتختصر الكم الهائل للمعلومات في الكتب الجامعية، فيما لا ترى منى والي الطالبة في (قسم التاريخ) ضررا بالاعتماد على الملخصات للنجاح وخاصة أنها من إعداد مدرس المادة أو الدكتور.
بدوره يشرح عمر عاتكة (طالب سنة خامسة في الطب البشري الدافع الذي يضطره وزملائه للاعتماد على الملخصات كخيار مناسب في ظل اضطرار البعض للعمل وكثرة المواد، لا سيما مع وجود ثمانية مواد في الفصل الدراسي الواحد.
• استثناء يستحق الذكر.
على عكس زملائها تفضل مي الأبكع، طالبة في السنة الثالثة بكلية الطب، الاعتماد على الكتب الورقية بدلًا من الملخصات الدراسية، مؤكدة أن فهمها للمعلومات لا يتحقق إلا بدراستها من الكتاب الورقي ، وترى ميّ أن هذه الطريقة تنطوي على مخاطرة؛ إذ إن أي تغيير في أسلوب الدكتور أو محتوى المادة قد يعرض الطلاب لصعوبات خلال الاختبارات ، وتوضح أن الكتب المقرّرة — رغم كثافة محتواها — توفر منهجا متكاملا، لكنها تتطلب بدء الدراسة مبكرًا منذ بداية العام، وهو ما لا يلتزم به معظم الطلاب الذين يؤجلون الدراسة حتى اقتراب الامتحانات، مما يدفعهم للاعتماد على الملخصات سعيا لضمان تحصيل درجات مرتفعة .
• جذور: أنظمة أكاديمية بالية وعوامل اقتصادية.
ويكشف الدكتور مرجان عميد كلية الطب البشري أسباب تحول الظاهرة إلى وباء تعليمي انتقل من الكليات النظرية إلى العملية أبرزها:
– انتشار أسئلة الدورات السابقة، ما يدفع الطلاب لدراستها بدلًا من المنهاج الكامل سعيًا لتحصيل درجات عالية بجهدٍ أقل.
أنظمة التقييم الآلي (الأتمتة) تسمح بالاعتماد على ملخصات مُكررة دون تشجيع الفهم العميق، ما يستدعي إنشاء 'بنك أسئلة' محدَّث باستمرار لمواكبة التطورات العلمية.
البطء في تحديث المناهج، تأخر إصدار الكتب الأكاديمية (كل 5–10 سنوات) وعدم قدرة الأساتذة على إدراج المستجدات العلمية السريعة بسبب بيروقراطية النشر.
الظروف الاقتصادية الصعبة، اضطرار الطلاب على العمل لإعالة أنفسهم أو عائلاتهم، مما يقلل من حضورهم المحاضرات ويعزز الاعتماد على الملخصات كحلّ سريع، فضلا عن عدم توفر الكتاب الجامعي الورقي.
تدني الحضور في الكليات بسبب ارتفاع تكاليف المواصلات وارتباط الطلبة بالعمل، إضافةً إلى فتور إقبال الطلاب نتيجة عدم تحديث بعض الأساتذة لمحتوى محاضراتهم، وانتشار الكتاب الالكتروني pdf
• مطبعة متوقفة وطلبة عاملون.
وترجع مديرة، مديرية الكتب والمطبوعات في جامعة حلب (تكليفا) زينة الجابري، تفشي ظاهرة اعتماد الطلبة على الملخصات إلى تدهور الوضع الاقتصادي، ما دفع 90% من الطلبة (خاصة العاملين منهم) إلى اعتماد مصادر دراسية سريعة رغم تأثيرها السلبي على جودة التحصيل العلمي.
وتشير الجابري إلى تحديات تواجه مديرية المطبوعات تتمثل في نقص في الإصدارات الورقية للكتاب الجامعي، بينما لا يمكن إعادة تشغيل مطبعة المديرية إلا بعد الحصول على الموافقات الرسمية، والتي لا تزال قيد الانتظار، يضاف إلى ذلك توقف المطبعة عن العمل لسنوات، مما يستلزم الحاجة إلى صيانة شاملة للآلات، وإعداد دراسة جدوى اقتصادية.
وتبين الجابري أنه في ظل هذه الظروف، تقوم المديرية بحل مؤقت بالتعاون مع مطبعة الجامعة لتلبية الطلب العاجل على الكتب الورقية، ريثما يتم معالجة الإجراءات الإدارية والفنية اللازمة لإعادة تشغل المطبعة الأصلية.
• تداعيات من الهشاشة المعرفة إلى العجز التطبيقي.
من جهته يحذر الدكتور وليد عرب – الأستاذ المساعد في قسم القانون العام بكلية الحقوق -من تداعيات الاعتماد على الملخصات، معتبرًا إياها أحد الأسباب الرئيسية لانهيار الأساس المعرفي للطلبة خاصة في الكليات الأدبية، مؤكدا أن جذور المشكلة تعود لضعف البنية التعليمية إبان النظام البائد والتي خلَّفت جيلا هشا يعتمد على معلومات مختزلة ومليئة بالأخطاء.
كما يحذر الدكتور مرجان أن الاعتماد على الملخصات يحوّل هدف الطالب من 'الفهم' والتحليل “إلى 'النجاح' فحسب، ما يُسبب فجوةً كبيرة في الجانب التطبيقي للمواد، وخصوصًا في التخصصات العملية كالطب، حيث يُصبح الخريج غير قادر على التعامل مع سيناريوهات واقعية.
• حلول بين الإصلاح الهيكلي وتغيير الثقافة.
طرح عميد كلية الطب الدكتور مرجان حلولًا للحد من الظاهرة منها تحديث المناهج دورياً: عبر ترجمة الأبحاث الحديثة إلى العربية ومراجعة الكتب سنويًّا أو فصليًّا، تقييد أعداد الطلاب لضمان تفاعل فعّال مع الأساتذة، تشجيع الحضور برفع جودة المحتوى الأكاديمي وتدريب الأساتذة على مواكبة التطورات العلمية، الرقابة الصارمة على الملخصات داخل الجامعة عبر تدقيق محتواها وإضافة صور توضيحية لتعزيز الفهم.
فيما طرح عرابي تشكيل لجان سرية محايدة لتقييم جودة الكتب الجامعية قبل اعتمادها، إلزام المدرسين ببناء الامتحانات من المقرر لا من الملخصات، العودة لطبع الكتاب الجامعي الورقي، الحد قليلا من كتاب ال/ pdf /، اعتماد اختبارات قبول تركز على المهارات اللغوية والتحليلية في الكليات الأدبية، تغيير ثقافة التقييم بربط النجاح بالفهم لا الحفظ، وتحفيز الحضور المكثف، توجيه الهيئة التدريسية بالتأكيد على الطلبة الاعتماد على الكتاب الورقي.
#صحيفة_الجماهير