بعثات عسكرية سورية إلى تركيا والسعودية.. تغيّر مفصلي في المشهد الإقليمي

في خطوة لافتة تعكس تحولاً في طبيعة العلاقات العسكرية الإقليمية، التقى وزير الدفاع السوري، اللواء المهندس مرهف أبو قصرة، يوم الأربعاء 22 تشرين الأول، بعثة الطلاب الضباط الموفدين من وزارة الدفاع إلى كل من جمهورية تركيا والمملكة العربية السعودية، ضمن برنامج تأهيل وتدريب يستهدف رفع مستوى الكفاءات العسكرية السورية.

وزارة الدفاع أوضحت عبر معرفاتها الرسمية أن هذه الخطوة تأتي في إطار سعيها لتنمية الكفاءات الوطنية وإعداد كوادر تمتلك معرفة متقدمة في منظومات الأسلحة وأساليب الحرب الحديثة.

وخلال لقائه بالطلاب الموفدين، شدد الوزير أبو قصرة على أهمية الدور الوطني والمهني الذي يتحملونه، بوصفهم ممثلين للمؤسسة العسكرية السورية في الخارج، داعياً إياهم إلى اكتساب خبرات تسهم مستقبلاً في تطوير الجيش السوري.

سياق إقليمي متغير وتعاون بعد قطيعة طويلة

تحمل هذه الخطوة بعداً سياسياً وعسكرياً لافتاً، إذ تأتي بعد سنوات من التوتر والقطيعة بين دمشق من جهة، وأنقرة والرياض من جهة أخرى.

ويرى مراقبون أن إيفاد ضباط سوريين للتدريب في تركيا والسعودية يمثل إشارة واضحة إلى مرحلة جديدة من التعاون العسكري الإقليمي، تعكس تحسناً تدريجياً في العلاقات السياسية، وتفتح الباب أمام شراكات أمنية وأكاديمية مستقبلية.

كما أن اختيار تركيا والسعودية تحديداً يعكس توجهاً سورياً نحو تنويع مصادر الخبرة العسكرية والاطلاع على النظم الدفاعية المتقدمة في المنطقة، خاصة في ظل سعي المؤسسة العسكرية السورية إلى تحديث بنيتها بعد سنوات الحرب.

وفي منشور له عبر منصة “إكس”، قال الوزير أبو قصرة إن وزارة الدفاع تنطلق من إيمانها بأهمية العلم في بناء الجيوش وتطوير منظوماتها، مشيراً إلى أن إرسال هذه البعثة يهدف إلى تعزيز التعاون الأكاديمي والعسكري بين سوريا وكل من تركيا والسعودية.

وأضاف أن الوزارة تتوجه بالشكر والتقدير إلى الحكومتين التركية والسعودية على تعاونهما البنّاء في استقبال البعثة، وعلى ما تبديه مؤسساتهما العسكرية من حرص على تبادل الخبرات وتطوير القدرات الدفاعية المشتركة، بما يعزز الأمن والاستقرار الإقليمي ويسهم في تطوير قدرات الجيش السوري.

تجارب سابقة في التعاون الدفاعي مع تركيا

زار وفد من وزارة الدفاع السورية، برئاسة العميد عبد الرحمن سرحان، في 20 آب الماضي الكلية البحرية التابعة لجامعة الدفاع الوطني التركية، حيث التقى عدداً من الضباط الأتراك بهدف تبادل الخبرات وزيادة التعاون في مجالات التدريب والتدريس العسكري.

ومهدت تلك الزيارة، بحسب مراقبين، لمرحلة جديدة من التنسيق الأكاديمي والعسكري بين البلدين، ما يشير إلى أن إرسال البعثات الطلابية يأتي في سياق خطة متكاملة لتطوير التعليم العسكري السوري عبر شراكات إقليمية.

وينظر محللون إلى هذه الخطوة على أنها جزء من مسار إعادة تموضع سياسي وعسكري لسوريا في الإقليم، يهدف إلى كسر العزلة وإعادة الانفتاح على دول الجوار المؤثرة.

كما تعكس رغبة المؤسسة العسكرية في الاستفادة من التكنولوجيا والخبرة العسكرية الحديثة التي تمتلكها دول مثل تركيا والسعودية، والتي شهدت قفزات نوعية في مجالات الدفاع والطيران والإلكترونيات العسكرية خلال العقد الماضي.

في الوقت نفسه، يرى بعض المحللين أن التعاون الجديد قد يكون تعبيراً عن توافق أمني إقليمي أوسع، يتجاوز الملفات العسكرية ليشمل جهود الاستقرار الإقليمي ومكافحة الإرهاب وإعادة بناء الجيوش الوطنية على أسس مهنية حديثة.