اخبار سوريا
موقع كل يوم -الفرات
نشر بتاريخ: ١ تموز ٢٠٢٥
يعد سور الرقة الأثري واحدا من المعالم الأثرية التي تزخر بها منطقة وادي الفرات التي تروي حكاية الحضارة في سوريا .
يقع السور شرقي مركز المدينة، وقد بني في عصر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور في القرن الثامن الميلادي سنة 155هجري و772 ميلادي مع بداية بناء مدينة الرقة، يبلغ طوله نحو خمسة كيلومترات، يوجد بجانبه باب بغداد الأثري الذي بني مع السور، وقصر البنات الذي أقام فيه الخليفة العباسي هارون الرشيد لسنوات.
ويقع على تقاطع طرق القوافل الهامة عند التقاء نهري الفرات والبليخ، ويعد من أهم وأقدم المعالم التاريخية، ولا يزال يحافظ على شكله وتاريخه، ويصل قطر السور المحيط بالمدينة إلى 1300متر، ويبلغ طوله قرابة 5 كم ومع مرور الزمن وبفعل العوامل الطبيعية والبشرية أصبح طوله 3 ونصف كم مربع، ويحصر داخله مساحة تصل لـ 1.47 كم مربع، وجاء شكله الهندسي على شكل حدوة حصان، حيث يلف المدينة من الجهات الشرقية والشمالية وصولاً إلى الجهة الغربية، ويبلغ ارتفاعه الأساسي ما بين 18 ـ12ـ 9 أمتار، حسب طبوغرافيا الأرض، وعرضه 6 أمتار، ويبلغ عرضه في الأعلى 5.90 متر، وفي الأسفل 5.95 متراً.
تأسس السور على قاعدة حجرية مبينة من اللبن النيئ ولُبس بطبقة آجر من كل جهة، ويتكأ على السور مجموعة من الأبراج يبلغ عددها 83 برجاً مستديراً موزعة بانتظام على كامل السور تفصل بينهما مسافة تتراوح بين 26.6 ـ 28 م، شكلها نصف دائري تختلف مقاساتها، وقطر الواحد منها يبلغ 15ـ 16 متراً وعمقها 5.32 متراً.
ويضم السور ثلاثة مداخل وهي، بوابة الجنان التي تقع في الجهة الجنوبية الغربية للمدينة، وسميت بذلك نسبة لوقوعها أمام نهر الفرات، وقد أزيلت البوابة في أواخر القرن التاسع عشر، وبوابة باب بغداد الواقعة في الزاوية الجنوبية الشرقية للمدينة وهي متناظرة لها وتعتبر تسمية حديثة 'لباب السيبال' التي شيدت من مادة الآجر المشوي ضمن السور الخارجي للمدنية.
أما بوابة الرها الواقعة في أقصى الشمال تختلف عن البوابتين 'الجنان' و'باب بغداد' من حيث مادة البناء فهي مبينة من الصخر وتتألف من طابقين ، وبني السور من مادة اللبن ولُبس السور من الداخل والخارج بمادة الطين المحروق، كما أن للسور أهمية عسكرية ودفاعية كبيرة، حيث كان يستخدم كقاعدة وحصن عسكري للحماية من الهجمات الخارجية من الدول البيزنطية.
ويقسم السور إلى قسمين القسم السفلي يضم ممر كبير مسقوف بقبة وفتحتين مغلقتين، أما القسم العلوي يصل ارتفاعه إلى 4.4 متر، وهذا القسم مزخرف بمقرصنات ثلاثية الفصوص وإطارات لها دعائم كثيفة وأقواس مقلوبة وجميعها ترتكز على أعمدة متضمنة في الجدران، ولم يبقى من المقرنصات الإحدى عشر سوى ثمانية في حالة فنية مميزة ولا تزال محافظة على شكلها المعماري الفريد.
وكان السبب وراء بناء هذا السور من هذه المواد السالفة الذكر، هو أن مدينة الرقة شبه صحراوية، لذلك فإن مادتي اللبن المجفف والآجر المحروق بالإمكان تصنيعها بسهولة ويسر، وتعتبر هذه المواد الإنشائية، مواد بيئية وملائمة للحرارة والبرودة أكثر من غيرها.
ومن حيث الشكل الجمالي تميز السور بأنه من أجمل المنشآت المعمارية الدائرية الشكل والمتناسقة، وهو نوع فريد من الطراز المعماري المتبقي من العمارة العربية الإسلامية، تزينه مجموعة من الأبراج النصف دائرية، ويعتبر بشهادة علماء الآثار النموذج الأمثل لطراز العمارة العباسية.
وفي عام 1986 تم ترشيح سور الرقة الأثري لنيل جائزة 'ميلينا ميركوري' من قبل اللجنة الوطنية 'لليونسكو' لاعتبار الرقة المدينة الوحيدة التي حافظت على مثل هذا السور الدائري الشكل في العالم، وقد نالت جائزة منظمة المدن العربية للحفاظ على الآثار والتراث في العالم.
وتم تنقيب السور في زمن هارون الرشيد وكان آخر تنقيب له في عام 1998.
وتعرض السور خلال السنوات الأخيرة للعديد من التصدعات بسبب أعمال الحفريات والهزات الأرضية وعوامل الطبيعة والحروب التي شهدتها المنطقة ، وبات اليوم بحاجة إلى عمليات ترميم وتدخل من قبل مختصين للحفاظ عليه كقيمة تراثية واثرية تحكي قصة حضارة وادي الفرات وعراقة سوريا