اخبار سوريا
موقع كل يوم -ار تي عربي
نشر بتاريخ: ٢ تموز ٢٠٢٥
كشف مسؤولون إسرائيليون وأجانب أن المحادثات الإسرائيلية-السورية الأخيرة تضمنت مناقشة انسحاب القوات الإسرائيلية واستبدالها بأمريكية وسورية، وتحديث اتفاقيات الحدود بين تل أبيب ودمشق.
ووفقا لموقع 'المونيتور' الأمريكي، فإن المحادثات لا تشمل مرتفعات الجولان المحتلة، كما أفادت المصادر. وأحد الخيارات المطروحة هو إعادة صياغة اتفاقيات الهدنة الموقعة بين دمشق وتل أبيب بعد حرب 1973 باتفاق شبه تطبيع مع انسحاب القوات الإسرائيلية من سوريا.
وفي مثل هذا الاتفاق، يمكن استبدال الوجود الإسرائيلي على جبل الشيخ بقوات أمريكية، بينما تنتشر قوات الحكومة السورية في المنطقة العازلة منزوعة السلاح لمنع الفصائل المعادية من التمركز هناك.
السيطرة على مرتفعات الجولان
احتلت إسرائيل ثلثي هضبة الجولان بعد حرب الأيام الستة عام 1967، وضمتها بقانون عام 1981. بينما لا يعترف المجتمع الدولي بالضم، اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب به عام 2019، وحافظت إدارة بايدن على هذه السياسة.
وجرت آخر جولة رسمية للمحادثات عام 2000 عندما التقى ممثلون إسرائيليون وسوريون في 'شبردستاون' برعاية الرئيس بيل كلينتون، دون التوصل لاتفاق. وفي 2024، بعد الإطاحة بحكومة الأسد، دخلت القوات الإسرائيلية الثلث المتبقي من المنطقة. وتسيطر إسرائيل الآن على الجانب السوري من الجولان وجبل الشيخ والمنطقة العازلة.
ويعتقد العديد من المراقبين في إسرائيل أن الرئيس السوري أحمد الشرع قد يكون منفتحا على اتفاق مع إسرائيل، وقال مصدر أمني رفيع لـ'المونيتور' إنه 'مثل الرؤساء السوريين السابقين، من غير المرجح أن يتخلى الشرع عن جهود سوريا لاستعادة الجولان. فرص استجابة إسرائيل لهذا المطلب ضئيلة، خاصة تحت حكومة نتنياهو، مما يجعل معاهدة سلام شاملة معقدة إن لم تكن مستحيلة'.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في مؤتمر صحفي الاثنين إن مرتفعات الجولان 'ستبقى جزءا من دولة إسرائيل' في أي اتفاق محتمل مع سوريا.
صعوبات وشكوك متبادلة
أكدت مصادر 'المونيتور' أن إسرائيل تجري مفاوضات مباشرة وغير مباشرة مع الحكومة السورية الجديدة. بينما توجد فرصة تاريخية لترتيب سلمي بين الطرفين بعد أكثر من سبعة عقود من العداء، فإن العملية محفوفة بالمخاطر لإسرائيل. رغم حماس أوروبا، لا تزال إسرائيل تشك في نوايا الشرع. ومع ذلك، تشير كل المؤشرات من دمشق إلى تغيير في سياسة سوريا تجاه إسرائيل.
وكشفت دراسة حديثة لمركز 'غلازر'، حللت مئات المقالات المنشورة بين يناير ومايو في صحف ووكالات أنباء سورية، عن انخفاض حاد في حجم التقارير الإخبارية عن إسرائيل منذ إطاحة الشرع بحكومة الأسد في ديسمبر الماضي. وخلال فترة الأسد، ظهرت إسرائيل في 43% من مقالات وكالة 'سانا' الرسمية، بينما انخفض الرقم الآن إلى نحو 7%. كما تغيرت نبرة التغطية، فأصبحت أقل انتقادا، رغم أن إسرائيل لا تزال تُعامل كطرف معاد.
ماذا على الطاولة؟
وفقا لمصادر دبلوماسية إسرائيلية، يبدي الجانبان استعدادا للمضي قدما في المفاوضات، بوساطة المبعوث الأمريكي لسوريا توم باراك.
من وجهة النظر الإسرائيلية، أصبح اتفاق الفصل بين القوات لعام 1974 بين إسرائيل وسوريا غير ذي صلة بعد سقوط الأسد. تقول إسرائيل إنه يجب التوصل لاتفاق جديد مع حكومة الشرع، يتناول الوضع الجديد على الأرض وانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي السورية. قد تطلب إسرائيل ضمانات بإبقاء المنطقة العازلة منزوعة السلاح، أو نشر قوات دولية أو أمريكية. ويرغب مراقبون متفائلون في إسرائيل والولايات المتحدة، وربما أيضا في سوريا، في أن يؤدي مثل هذا الاتفاق في النهاية إلى تطبيع العلاقات بين دمشق وتل أبيب.
'مسار خيالي قبل بضعة أشهر'.. التطبيع بين سوريا وإسرائيل من الترتيبات الأمنية إلى المنتجع الكبير
وقال مسؤول دبلوماسي إسرائيلي رفيع لـ'المونيتور' شريطة عدم الكشف عن هويته: 'المبعوث (الأمريكي) معروف لكلا الجانبين. الجانب الإسرائيلي يثق به تماما، وعلاقته الوثيقة بالرئيس ترامب معروفة جيدا. الجانب السوري، الذي تمثله أحيانا تركيا، يرى أيضا في المبعوث شخصية موثوقة ووسيطا غير منحاز'.
في أبريل الماضي، أكدت مصادر إسرائيلية ومسؤولون أتراك أن تل أبيب ودمشق تعقدان محادثات لإنشاء آلية لمنع التصادم بين الجيشين الإسرائيلي والسوري. من غير الواضح ما إذا كانت أنقرة جزءا من المحادثات الجارية بوساطة أمريكية بين إسرائيل وسوريا. في مايو الماضي، أكد 'المونيتور' تقارير 'رويترز' عن وساطة الإمارات في محادثات بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين، كما أنشأت أذربيجان قناة اتصال خلفية أخرى بين إسرائيل وسوريا.
ووفقا للمصادر الدبلوماسية الإسرائيلية والمسؤولين الأجانب الذين تحدثوا لـ'المونيتور'، هناك أيضا اتصالات مباشرة بين الجانبين.
يمثل الجانب الإسرائيلي وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، وهو حليف مقرب لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو زار تركيا عدة مرات مؤخرا، وفقا للمصادر الدبلوماسية الإسرائيلية. ويشارك أيضا في المحادثات رئيس الموساد دافيد بارنياع ورئيس عمليات الجيش الإسرائيلي اللواء أوديد باسيوك. كما ذكرت المصادر جهودا لعقد قمة بين نتنياهو والشرع، رغم أن مكتب نتنياهو لم يؤكد ذلك.
ووفقا لصحيفة 'إسرائيل هيوم'، أكد مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي الأسبوع الماضي في إحاطة للكنيست أن إسرائيل وسوريا على اتصال مباشر يوميا بشأن التطبيع المحتمل لعلاقاتهما. وقال إنه يشارك في هذه المحادثات حول التنسيق الدبلوماسي والأمني.
شكوك إسرائيلية
تشك إسرائيل في الشرع بسبب صلاته السابقة بتنظيم 'القاعدة' الإرهابي. إلى جانب السيطرة على المنطقة العازلة والجولان السوري، قصفت إسرائيل مرارا أهدافا سورية لمنع وصول الأسلحة إلى أيدي الحكومة الجديدة وأتباعها. ففي 4 يونيو، أطلقت مجموعات صاروخين من جنوب سوريا. وتبنى فصيل فلسطيني صغير مرتبط بحماس وفصيل آخر مرتبط بحزب الله يسمى 'جبهة المقاومة السورية' المسؤولية.
دور ترامب
هذا الأسبوع، رفع الرئيس الأمريكي العقوبات المالية المفروضة على سوريا منذ 20 عاما بسبب برنامجها للأسلحة الكيميائية. ولم يكن الجميع في إسرائيل سعداء بذلك.
وقال مصدر أمني إسرائيلي رفيع لـ'المونيتور' شريطة عدم الكشف عن هويته: 'للرئيس ميل للتصرف بسرعة بدلا من ترك الجزرة معلقة والعصا في حالة استعداد. لكن بشكل عام، رفع العقوبات يزيد من التفاؤل، ونأمل ألا تتراجع الولايات المتحدة إذا تبين أن الأمر لا يتقدم أو أنه كان خداعا من النظام الجديد'.
في غضون ذلك، بدأ المفاوضون مناقشة الجوهر. قال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع لـ'المونيتور' شريطة عدم الكشف عن هويته: 'كل طرف يفهم حدود الطرف الآخر. فهم السوريون أن إسرائيل غير مستعدة لمناقشة الجولان'.
اختلافات حول التفاصيل
وفقا لموقع 'والا'، يمثل الجانب السوري مسؤولون متوسطو المستوى. من غير الواضح ما هو موقف سوريا والنتيجة النهائية التي تريدها. وقال المصدر السياسي الإسرائيلي الرفيع: 'هذا غريب. سيعني ذلك أن على الحكومة السورية التصرف ضد العناصر الإسلامية بينما توجهاتها نفسها إسلامية'.
وأحد الخلافات يتعلق بالجدول الزمني للاتفاق. تسعى إسرائيل إلى تأخير انسحابها من المواقع الاستراتيجية حتى تتأكد من قدرة القوات الحكومية السورية على السيطرة على الأرض وإبعاد القوات المعادية لإسرائيل. كما يختلف الجانبان حول الوجود السوري على طول الجولان المحتل، حيث تصر إسرائيل على أن تقتصر قوة صغيرة من الجنود السوريين على أسلحة خفيفة.
إجراءات بناء الثقة
يناقش الطرفان أيضا إجراءات لبناء الثقة. تريد إسرائيل أن تعيد سوريا رفات الجاسوس الشهير إيلي كوهين، الذي أُعدم في دمشق عام 1965. وفقا لـ'كان'، تسعى إسرائيل أيضا إلى ضمانات سورية لسلامة الأقلية الدرزية في البلاد.
وأثارت المحادثات خططا تفاؤلية، مثل تصدير الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى سوريا باستخدام البنية التحتية الإسرائيلية والأردنية الحالية. يبقى أن نرى ما إذا كان زعيم جهادي سابق يمكنه تطبيع علاقات سوريا مع إسرائيل. يعتمد الكثير على دافع ترامب لإدراج سوريا في مساعيه للتطبيع. وقال المصدر السياسي الرفيع: 'عندما يريد ترامب جائزة نوبل للسلام، يكسب الشرق الأوسط'.
المصدر: المونيتور