اخبار سوريا
موقع كل يوم -بزنس2بزنس سورية
نشر بتاريخ: ١١ حزيران ٢٠٢٥
بعد مرور نحو ستة أشهر على تسلّم الإدارة السورية الجديدة مهامها برئاسة الرئيس أحمد الشرع، بدأت ملامح اقتصاد سوري مختلف بالتشكّل، مدفوعًا بإصلاحات هيكلية وانفتاح غير مسبوق على الأسواق الإقليمية والدولية. بحسب أحدث تقديرات البنك الدولي، من المتوقع أن يسجّل الاقتصاد السوري نمواً بنسبة 1% خلال العام الجاري، بعد انكماش استمر لسنوات، في إشارة إلى عودة تدريجية للاستقرار الاقتصادي، وسط تحولات نوعية في السياسات المالية والتجارية.
من إلغاء الأنظمة الجمركية المعقدة وتحرير سوق العملات، إلى توقيع شراكات استراتيجية كبرى مع دول الخليج وأوروبا، مروراً بهيكلة الوزارات وتحفيز الاستثمارات، تُبنى حالياً أرضية جديدة تُمهد لعودة سوريا إلى الخارطة الاقتصادية العالمية، مع طموحات بتحقيق نهضة عمرانية وتحريك عجلة النمو بوتيرة متسارعة.
إصلاحات اقتصادية جريئة تعيد تنشيط السوق السورية
تتميز الرؤية الجديدة للاقتصاد السوري بإصلاحات واسعة تشمل تبني نموذج اقتصادي حر، حيث تم إلغاء نظام الجمارك المعقد وتحرير تداول العملات الأجنبية. كما تم فتح الباب أمام الاستيراد بشكل أوسع، وإنشاء هيئة المنافذ الحدودية المستقلة عن وزارة المالية، مما ساهم في تسهيل وتحريك عمليات الاستيراد والتصدير. إضافة إلى ذلك، تم إلغاء شرط تصريف 100 دولار على الحدود وإغلاق منصة الاستيراد القديمة، خطوات أسهمت جميعها في تعزيز سعر صرف الليرة السورية بأكثر من 40%.
هيكلة إدارية لتعزيز الكفاءة والاستثمار
شهدت الإدارة الجديدة إصلاحات إدارية مهمة تضمنت هيكلة الوزارات الاقتصادية بتعيين مستشارين اقتصاديين من ذوي الخبرة، ودمج وزارات الصناعة والتجارة الخارجية والداخلية في وزارة واحدة أكثر مرونة.
ساهم هذا التغيير في تبسيط الإجراءات وتعزيز بيئة العمل، بالإضافة إلى عودة الشركات الاستثمارية من الشمال السوري إلى دمشق. كما شملت الخطوات طرح المنشآت الصناعية الخاسرة للاستثمار وإعادة هيكلة صالات 'السورية للتجارة'، لتحول الجهات الحكومية إلى دور منظم ومراقب بدلاً من التدخل المباشر.
استثمارات دولية وتفاهمات استراتيجية تعيد الحياة للاقتصاد السوري
دخلت الشركات الفرنسية بقوة في مجال تطوير الموانئ السورية، مع خطط واضحة لتحسين الأداء والخدمات اللوجستية. وفي خطوة غير مسبوقة، وقع الجانبان السوري والقطري اتفاقية لتنفيذ أكبر مشروع للطاقة الكهربائية في البلاد، بقيمة تقارب ميزانية سوريا السنوية، ما يعد مفتاحاً أساسياً لتحسين إمدادات الكهرباء وتنشيط الاقتصاد الوطني.
كما شكل رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية والأوروبية خطوة تاريخية، فتحت الأبواب أمام سوريا للعودة إلى الساحة الاقتصادية الدولية، مما يعزز فرص جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
انتعاش الأعمال وتحسن الخدمات الأساسية
شهد الاقتصاد السوري نشاطاً غير مسبوق من رجال الأعمال المغتربين والشركات العالمية، حيث بدأ البحث عن استثمارات ضخمة كانت سابقاً سرية. وأُطلقت مبادرات لدعم المستثمرين المحليين من خلال تأسيس شركات متخصصة في إعادة الإعمار، مع تطبيق عقود الإدارة بين الدولة والقطاع الخاص لتطوير البنية التحتية الحيوية.
على صعيد الخدمات الأساسية، شهدت البلاد تحسناً ملحوظاً، مع وفرة كبيرة في المحروقات بجميع أنواعها، مما أدى إلى اختفاء الطوابير لتزويد الغاز وتقليص فترة توزيع أسطوانات الغاز من ثلاثة أشهر إلى شهر واحد.كما تحسنت إمدادات الكهرباء بشكل واضح، ما انعكس إيجاباً على حركة النقل داخل المدن وبين المحافظات.
رغم الإنجازات الاقتصادية الملحوظة، تواجه سوريا تحديات كبيرة أبرزها ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، إلى جانب الحاجة الماسة لاستثمارات ضخمة لإعادة إعمار البنية التحتية المتضررة خلال السنوات الماضية.
ويعلق الاقتصاديون آمالهم على إعادة انضمام المصارف السورية إلى نظام سويفت العالمي، كخطوة حاسمة تفتح أبواب الاستثمارات الأجنبية وتدفق رؤوس الأموال، مما يمهد الطريق لانطلاقة النهضة العمرانية التي من المتوقع أن تحول سوريا إلى واحدة من أكبر ورش العمل في المنطقة.