اخبار سوريا
موقع كل يوم -الوكالة العربية السورية للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٨ تموز ٢٠٢٥
دمشق-سانا
اغتنى ملتقى الكتّاب السوريين في يومه الأول بالمكتبة الوطنية بنتاجات أدباء ونقاد من مختلف التخصصات والتيارات، فشكلوا تظاهرة جسدت حالة الحراك الثقافي في سوريا الجديدة، وتطلعات الأدباء إلى هامش أوسع من الحرية والتعبير.
أمسية سورية من الشعر الوجداني
وتلاقت إبداعات ثلاثة من الشعراء السوريين، في مساحة تفاعلية، جمعت بين الإبداع والمحبة ووجع الذاكرة، شارك فيها الشعراء محمد زياد شودب وعبد الله العبد وحسن قنطار.
وألقى كل منهم مختارات من قصائده، تنوعت بين الوجداني والسياسي والوطني، حاملة همّ الإنسان السوري وتطلعه نحو الحرية والأمان، ومعبّرة عن تجاربه الذاتية في ظل سنوات الغربة والحنين.
نمدّ جسوراً للتواصل من خلال القصيدة
وفي تصريح لـ سانا، قال الشاعر حسن قنطار، رئيس تحرير جريدة الأسبوع الأدبي الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب: ما قدمناه هو شعر مفتوح على الذات والآخر، نستمع فيه إلى أنفسنا ونتشارك القصيدة مع الحاضرين كنوع من الأدب والمحبة في آنٍ معاً، لنُعيد وصل ما انقطع عبر اللغة.
الأدب في مواجهة الكراهية
وشدد قنطار على دور الأدب في مواجهة خطاب الكراهية، بوصفه النافذة الأوسع التي يدخل منها الناس إلى القيم، والحاضن الأخلاقي والإنساني الذي ينحاز إلى الجمال والمحبة، واعتبر أن الفعاليات الثقافية تساهم في تعزيز النسيج الوطني ولمّ شمل السوريين بعيداً عن التفرقة والطائفية.
أمسية قصصية تغرف من ذكريات الطفولة وآلام الحرب
واستمع جمهور الملتقى إلى قصص قصيرة للأديبين روعة سنبل وخالد شبيب، نسجا أحداثها من سهرات الأسرة والأصدقاء وذكريات الطفولة، ولوناها من صور الماضي وتراث المجتمع السوري.
فيما حاكت قصص أخرى تأثير الحرب على العائلة السورية، مع لمحات عن الحنان المفقود والحزن السرمدي، ونكبات الزمن وآلام الغياب، وانتظار أحبة لن يعودوا أبداً.
ندوة حول شعر الشتات السوري
وفي الندوة الأدبية الأولى التي شهدها الملتقى وحملت عنوان 'شعر الشتات السوري بين الذات وحوار الثقافات' عرض الشاعر عمر منيب إدلبي تطورات الأدب السوري خلال فترة الثورة وما بعدها، مع التركيز على التحولات في الأساليب السردية والمواضيع التي تناولها الكُتاب ومآلات الأحداث، وما خلفه سلوك النظام البائد الوحشي من آثار على البشر والمدن السورية.
وتوقف إدلبي عند تناول الأدب السوري لمعارضة النظام البائد بتكويناتها المختلفة، وتفاصيل الحياة السياسية، وصدى تفشي الفساد في المجتمع والمؤسسات الرسمية، مع غياب مؤسسات نقدية وإعلامية، مشيراً إلى أن الأدب السوري في الشتات اتجه للاعتماد على الواقع في تقديم الرؤى الجمالية بلغة مشحونة بالعاطفة، وبذلك تحولت النصوص زمن الثورة إلى مدونات لذاكرة الضحايا والمعاناة، وتوثيق لواقع مأساوي عكس علاقات وحكايات وأماكن تحمل أرواح الضحايا، داعياً إلى فتح نوافذ صغيرة لفهم أعمق للأدب السوري في زمن الثورة.
الأدب الفلسطيني في الخارج
وبالتوازي أشار الدكتور راتب سكر إلى موضوع الأدب الفلسطيني في الخارج وتأثيره على الثقافة العربية، وخاصة في سياق الشتاتين الفلسطيني والسوري، كما سلط الضوء على أهمية الحوار والتفاعل بين أدباء يعيشون في بلدان مختلفة، معتبراً أن معاناة هؤلاء الأدباء، سواء من حيث السجن أو الهجرة، أثرت بشكل كبير على إنتاجهم الأدبي، ما يتطلب توثيق تجاربهم من قبل المؤسسات الثقافية والحكومية.
عودة الروح إلى الجسد
وعلى هامش الملتقى حاورت سانا عدداً من الأدباء والشعراء الذين حضروا فعاليات اليوم الأول، حيث قالت الكاتبة والباحثة لبابة الهواري: 'يأتي هذا الملتقى بعد غياب طويل عن تنظيم فعاليات مماثلة طوال عقدين'، مشبهة الملتقى بعودة الروح إلى الجسد واستعادة البيت الثقافي السوري، وإعادة وصل ما انقطع بين الكتّاب والجماهير، وبناء مشاريع ثقافية وفكرية حرة، وتحويل ذاكرة الألم السوري إلى ذاكرة نقدية وخطاب جديد للمستقبل.
الدفاع عن الوطن بالكلمة
بدوره الكاتب والشاعر محمد سعيد العتيق نائب رئيس اتحاد الكتاب وجد في الملتقى نوعاً من أنواع الدفاع عن الوطن بالكلمة الطيبة، في وقت تتعرض فيه سوريا لهجمات شرسة، وبالتالي لابد لأصحاب الكلمة أن يمتشقوا سلاحهم من كل الانتماءات، وأن يتواجدوا ويشاركوا في هذه المهرجانات على امتداد الجغرافيا السورية.
أما الشاعرة عائشة بريكات فأكدت أن ملتقى الكتّاب بعد عقدين من الصمت ليس فقط حدثاً أدبياً بل فعلَ مقاومة ناعماً في وجه النسيان، ويُعيدنا إلى فكرة أن الأدب رغم هشاشته فهو إحدى أكثر الأدوات صلابة في بناء الوعي وصيانة الهوية.
الكاتب عبد الله النفاخ أشار إلى أن ما يميز الملتقى اليوم حضور كثير من الوجوه التي غابت خلال 14 عاماً وربما قبل ذلك، وأيضاً ظهور حالة من الحرية في طرح الموضوعات التي كانت دائماً مقيدة إلى حد كبير في الفترة الماضية، مؤكداً أن تلاقح الأفكار شيء ضروري جداً لتهيئة الأرضية الفكرية والثقافية للمرحلة القادمة، وخاصة أننا خرجنا من زمن العهد البائد بحالة مهدمة إلى حد بعيد.