اخبار سوريا
موقع كل يوم -بزنس2بزنس سورية
نشر بتاريخ: ٢٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
في زمن كانت فيه الجلود السورية تُصدّر إلى أوروبا والخليج وتُستخدم في صناعة الأحذية والحقائب الفاخرة، كانت صناعة الدباغة تشكل إحدى ركائز الاقتصاد الوطني.
لم تكن مجرد صناعة، بل إرثاً تراثياً وفرص عمل ومصدرًا للقطع الأجنبي. لكن اليوم، هذا القطاع العريق يواجه تحديات تهدد استمراريته، وسط منافسة شرسة وهجرة للكفاءات وتراجع في القدرة الشرائية.
بلال أيوب، رئيس لجنة الدباغة في غرفة صناعة دمشق وريفها، يروي كيف تطورت هذه الصناعة خلال العقود الأخيرة، حيث تم الدمج بين الدباغة النباتية التقليدية والدباغة بالكروم الحديثة، مع تركيز متزايد على الاستدامة والمسؤولية البيئية.
لكن هذا التطور لم يكن كافياً لمواجهة التحديات الاقتصادية والتسويقية التي باتت تضرب المنتج المحلي في العمق.
الأسواق الآسيوية أغرقت السوق السورية بأحذية بلاستيكية رخيصة، غير قابلة للمنافسة من حيث السعر، ما دفع المستهلك السوري إلى التخلي عن الجلد الطبيعي عالي الجودة لصالح الأرخص. ومع ضعف الترويج الخارجي وغياب المعارض الدولية، فقدت الجلود السورية مكانتها في الأسواق العالمية، خاصة بعد القيود التي فرضها النظام السابق على التصدير.
أيوب يدعو اليوم إلى خطة تطوير وطنية شاملة، تبدأ بدعم حكومي ممنهج للترويج والتصدير، وتفعيل المنصات الإلكترونية، وتشجيع المعارض الدولية. كما يشدد على ضرورة وضع بطاقة تعريفية لكل منتج توضح إن كان جلدياً طبيعياً أو صناعياً، لحماية المستهلك وتعزيز الشفافية وفقاً للوكالة السورية للأنباء 'سانا'.
أما جهاد الشامي، نائب رئيس لجنة الدباغة، فيحذر من أزمة حقيقية قد تؤدي إلى إغلاق العديد من المعامل، مشيراً إلى أن الصناعة تعتمد على ثلاث تقنيات: النباتية، الكرومية، والمختلطة، وتستخدم جلود البقر والماعز والغنم. ويشرح مراحل الدباغة الحديثة، من التمليح والغسل، إلى نزع الشعر والدباغة والتشطيب، مؤكداً أن هذه العمليات تحتاج إلى تقنيات متقدمة وكفاءات مدربة.
الشامي يرى أن فتح باب الاستيراد أمام الأحذية الصناعية والقماشية بأسعار منخفضة، إلى جانب هجرة الفنيين، ساهم في تدهور القطاع. ويقترح إجراءات عاجلة تشمل تأمين مسالخ آلية، وتوفير مصادر مياه صناعية، وإنشاء معاهد تدريب فنية، ودعم الترويج الخارجي، ومنح قروض ميسرة لاستيراد تقنيات حديثة.
ورغم التحديات، لا تزال هناك صادرات من جلود الغنم في مراحل نصف التصنيع إلى إيطاليا والهند، وجلود البقر إلى السوق الإيطالية، ما يؤكد أن الفرصة لا تزال قائمة.
وفاء أبو لبدة، رئيسة القطاع الكيميائي في غرفة صناعة دمشق وريفها، تؤمن أن دعم التصدير والمشاركة الفاعلة في المعارض الدولية هما مفتاح النهوض بهذه الصناعة، مشيرة إلى أن الغرفة تضع تطوير صناعة الجلود ضمن أولوياتها، وتسعى لتحليل التحديات ووضع رؤى واضحة للارتقاء بجودة المنتج السوري.