اخبار سوريا
موقع كل يوم -عكس السير
نشر بتاريخ: ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
قال راديو سويسرا في أحدث تقرير له، إن شرق سوريا يشهد منذ أشهر موجة جفاف قاسية غير مسبوقة، إذ انخفضت معدلات الهطول المطري بنحو 70% وجفّت مجاري أنهار كانت تُعد شرايين الحياة في المنطقة. لكن الكارثة الطبيعية تحوّلت إلى أزمة سياسية – فتركيا، التي ينبع منها نهر الفرات، تقلّص كميات المياه المتدفقة إلى سوريا والعراق.
في ريف الرقة، يقف المزارع نديم أمام سنابل القمح اليابسة والأرض المتشققة تحت شمس حارقة. يقول بحسرة: «لم أرَ في حياتي مثل هذا العام. كانت أرضي خضراء، واليوم بالكاد أزرع نصفها.» فالمضخات القديمة لم تعد قادرة على استخراج المياه، وحتى طبقات المياه الجوفية بدأت بالنضوب.
على امتداد نهر الفرات، الذي يعبر تركيا وسوريا والعراق، تتكرر مأساة نديم. فالنهر الذي كان يومًا شريان المنطقة، تقلص في كثير من المواقع إلى مجرى ضيق، وتحوّلت الحقول إلى أراضٍ قاحلة، فيما يبيع الفلاحون ماشيتهم ويخسر آلاف السوريين مصادر رزقهم. ووفق منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (FAO)، تعاني سوريا هذا العام من عجز في القمح يتجاوز 2.5 مليون طن، أي ما يعادل استهلاك ثلثي السكان تقريبًا.
في محطة معالجة المياه في الرقة، يكافح المهندس أبو عبد القادر لتوفير المياه للمدينة: «المياه هي الحياة»، يقول وهو يراقب أحواض التنقية التي تتسخ بسرعة بسبب انخفاض منسوب الفرات وارتفاع نسبة الشوائب.
لكن السبب لا يقتصر على الجفاف الطبيعي. فتركيا تسيطر عبر 22 سداً على منابع النهر وتتحكم بتدفقه نحو سوريا والعراق، ما جعل من المياه ورقة ضغط سياسية. فكمية المياه المتدفقة اليوم لا تتجاوز ربع ما كانت عليه قبل عشرين عاماً، في وقت تتهم فيه دمشق وأنقرة بعضهما البعض بالمسؤولية.
في الحسكة، حيث تراجعت المياه الجوفية أكثر من ثلاثة أمتار، يحذر مسؤول المياه حسن حسين قائلاً: «إذا لم تمطر هذا الشتاء، ستصبح المدينة بلا مياه في الصيف المقبل.»
ويضيف: «يبدو أنهم يستخدمون المياه كسلاح لإضعافنا.»
ورغم تفاقم الأزمة، لا يلوح أي دعم فعلي من الحكومة المركزية في دمشق، التي تتهمها الإدارات المحلية في الشمال الشرقي بالتقاعس، بل وحتى بالتواطؤ مع أنقرة.
بينما تستمر درجات الحرارة بالارتفاع وتزداد موجات الجفاف حدةً، تتعمق أزمة المياه في سوريا، لتصبح واحدة من أخطر التحديات البيئية والسياسية في البلاد — في وقتٍ يتفاوض فيه النظام والإدارة الكردية على مسار التقارب، بينما يجف نهر الفرات أمام أعين الجميع.




































































