اخبار سوريا
موقع كل يوم -بزنس2بزنس سورية
نشر بتاريخ: ٤ أب ٢٠٢٥
تشهد سوريا تحولاً اقتصادياً غير مسبوق بعد سنوات من الحرب التي أضعفت البنية التحتية وأثقلت كاهل المواطنين بأزمات معيشية متلاحقة.
وفي الأشهر الثلاثة الماضية، بدأت الحكومة السورية باتخاذ خطوات جريئة لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، متبنية نهج اقتصاد السوق الحر كخيار استراتيجي للاندماج مجدداً في النظام المالي العالمي.
الانتقال إلى اقتصاد السوق الحر: خطوة مفصلية
أعلنت الحكومة السورية رسمياً اعتماد اقتصاد السوق الحر، في خطوة وُصفت بأنها مفصلية في تاريخ البلاد الاقتصادي.
وشملت هذه الخطوة تحرير التجارة، إلغاء قيود الاستيراد، تحديث السياسات الجمركية، وإلغاء الموافقات الأمنية لترخيص الخدمات النمطية.
كما تم إطلاق بوابات إلكترونية لتسهيل الإجراءات التجارية، ما يعكس توجهاً نحو بيئة أعمال أكثر شفافية وانفتاحاً.
اتفاقيات دولية تعزز الثقة وتدعم الاستثمار
ضمن هذا التحول، وقّعت سوريا مجموعة من الاتفاقيات مع شركاء إقليميين ودوليين، أبرزها مذكرات تفاهم لتطوير قطاع الكهرباء بقيمة 7 مليارات دولار، إلى جانب اتفاقات صناعية وزراعية مع دول الخليج وآسيا.
هذه الخطوات تعزز ثقة المستثمرين وتعيد سوريا إلى خارطة الاستثمار العالمي.
تدفق الاستثمارات الخليجية ومشاريع إعادة الإعمار
شهدت الفترة الماضية وصول أولى الاستثمارات السعودية والخليجية إلى قطاعات الطاقة، الصناعة، والنقل، في ما يشبه 'خطة مارشال' مصغرة لإعادة إعمار الاقتصاد السوري.
وتم الاتفاق على مشاريع مشتركة في المدن الصناعية، وإنشاء مناطق اقتصادية خاصة، وتحسين البنية التحتية الأساسية.
زيادة الرواتب وبرامج دعم معيشية
وفي إطار تحسين الوضع المعيشي، أعلنت الحكومة السورية زيادة الرواتب بنسبة 40% للعاملين في القطاع العام، إلى جانب إطلاق برامج دعم للعائلات ذات الدخل المحدود، وتحسين توزيع المواد التموينية الأساسية، في محاولة لتخفيف الضغوط الاقتصادية على المواطنين.
استقرار نسبي في سعر صرف الليرة السورية
رغم استمرار التذبذب في سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، إلا أن الأسابيع الأخيرة شهدت استقراراً نسبياً مدعوماً بإجراءات نقدية ومالية صارمة.
ومع ذلك، يواجه هذا الاستقرار تحديات كبيرة مثل تراجع الاحتياطات الأجنبية، استمرار العقوبات الغربية، وعدم تكافؤ التبادل التجاري، ما يشكل عقبات أمام التعافي الكامل.
وزارة الطاقة: مشاريع استراتيجية بدعم دولي
أطلقت وزارة الطاقة مشاريع لإعادة تأهيل محطات المياه والطاقة في معظم المحافظات، وبدأ تدفق الغاز الأذربيجاني عبر خط كيليس – حلب بسعة 6 ملايين متر مكعب يومياً، بدعم قطري.
كما وقّعت الوزارة اتفاقيات بقيمة 7 مليارات دولار لإنشاء محطات كهرباء بطاقة 5000 ميغاواط، ما يعزز قدرة الشبكة الكهربائية ويرفع عدد ساعات التغذية اليومية.
وزارة الاقتصاد والصناعة: خطة استثمارية تاريخية
برزت وزارة الاقتصاد والصناعة خلال الـ100 يوم الماضية كمحرك رئيسي للتعافي الاقتصادي، عبر سلسلة مشاريع تهدف إلى إعادة بناء البنية الإنتاجية وتحفيز الاستثمار المحلي والدولي.
وأقرت الوزارة نظاماً جديداً لاستثمار المدن الصناعية، يشمل تبسيط إجراءات الترخيص، تقديم حوافز ضريبية وجمركية، وإنشاء نافذة إلكترونية موحدة لخدمة المستثمرين.
وتم ترخيص 345 مشروعاً صناعياً جديداً خلال الربع الأول من العام، توزعت على الصناعات الغذائية، النسيجية، الدوائية، والهندسية.
كما أعلنت الوزارة عن خطة استثمارية استراتيجية بقيمة 400 مليار دولار، تستهدف تنمية القطاعات الإنتاجية والخدمية، وإعادة تأهيل المناطق الصناعية المتضررة، وإنشاء مناطق اقتصادية خاصة.
وتُعد هذه الخطة من أكبر الخطط الاستثمارية في تاريخ سوريا، ضمن رؤية لبناء 'سوريا جديدة'.
تعزيز التعاون الدولي
شهدت الفترة الماضية توقيع مذكرات تفاهم مع شركاء اقتصاديين من آسيا، أوروبا، والعالم العربي، بهدف تعزيز التعاون الصناعي والتجاري، وتوسيع فرص الاستثمار في مختلف القطاعات.
وزارة الزراعة: دعم مباشر للمزارعين ومشاريع بيئية
وقّعت وزارة الزراعة اتفاقية تعاون مع برنامج الأغذية العالمي (WFP) لدعم أكثر من 33 ألف مزارع في ثماني محافظات متضررة من الجفاف، عبر تقديم مساعدات نقدية وغذائية شهرية.
كما أطلقت خطة لإعادة تأهيل الغابات المتضررة، ونفذت زيارات ميدانية لتقييم الأضرار وتقديم الدعم المباشر للأهالي. وشهدت الوزارة اجتماعات موسعة مع ممثلي المنظمات الدولية لتنسيق الدعم الفني والمالي، مع التركيز على تحسين إدارة الموارد الطبيعية، ودعم الإنتاج الحيواني والنباتي.
وزارة الاتصالات: تقدم ملموس في التحول الرقمي
حققت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات تقدماً ملحوظاً في مجال التحول الرقمي، حيث تم نشر 48 دليل خدمة إلكترونية جديدة على بوابة الحكومة الإلكترونية، إلى جانب إطلاق منصات رقمية تشمل الشكاوى، المبادرات، والمشتريات الحكومية، ما يعزز الشفافية ويُسهّل الوصول إلى الخدمات العامة.
في إطار جهود الإصلاح الإداري والتحول الرقمي، اتخذت الحكومة السورية خطوات نوعية تهدف إلى تحديث البنية التحتية للخدمات، وتسهيل الإجراءات، وتعزيز الشفافية في التعاملات المالية والرقمية.
إلغاء جمركة الأجهزة الخلوية ورفع الحجب عن المواقع الإلكترونية
أعلنت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات عن إلغاء الجمركة على الأجهزة الخلوية للأفراد، في خطوة تهدف إلى تخفيف الأعباء المالية عن المواطنين وتحفيز استخدام التكنولوجيا الحديثة.
كما تم رفع الحجب عن عدد من المواقع الإلكترونية، ما يعكس توجهاً نحو حرية الوصول إلى المعلومات والانفتاح الرقمي.
ضبط حركة الأموال في الصناديق البريدية ومعالجة الثغرات الأمنية
وفي سياق تعزيز الرقابة المالية، ضبطت الوزارة حركة الأموال في الصناديق البريدية بقيمة تجاوزت 35 مليار ليرة سورية، إلى جانب معالجة ثغرات أمنية في منظومة الحوالات البريدية، ما يعزز الثقة في الخدمات البريدية ويحد من المخاطر المالية.
توسيع خدمات الإنترنت وتحديث البنية التحتية الرقمية
وشهد قطاع الاتصالات تطوراً ملحوظاً، حيث تم تركيب 83 ألف بوابة إنترنت جديدة، وتحديث تجهيزات الربط الضوئي، وتفعيل خدمات مركز خدمة المواطن الإلكتروني.
كما أصدرت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد نظام ترخيص جديد لخدمات الإنترنت عبر الألياف الضوئية، ومنحت 75 ترخيصاً لخدمة الواي فاي الخارجي، وألغت الموافقات الأمنية لترخيص الخدمات النمطية، ما يسهم في تحسين جودة الإنترنت وتوسيع نطاق التغطية.
وزارة النقل: رقمنة قطاع النقل وتعزيز التجارة الإقليمية
بينما اتخذت وزارة النقل السورية خطوات جريئة نحو رقمنة القطاع، حيث أطلقت ورشة وطنية حول الذكاء الاصطناعي في النقل الطرقي للبضائع، بمشاركة خبراء محليين ودوليين.
وتم الإعلان عن مشاريع رقمية تشمل:
'وثيقة النقل الإلكترونية'
'نظام التتبع الذكي'
منصة وطنية موحدة لإدارة عمليات الشحن
تعزيز التعاون الإقليمي وتسهيل حركة الشاحنات
عقدت وزارة النقل اجتماعاً رسمياً في تركيا بهدف تعزيز عبور الشاحنات السورية إلى دول الجوار والخليج.
وتم الاتفاق على:
تخفيض الرسوم الجمركية
تبسيط إجراءات التأشيرات
تحديث الاتفاقيات السابقة
هذه الخطوات تهدف إلى دعم التجارة الخارجية، تخفيف الأعباء عن السائقين، وتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي، بما ينعكس إيجاباً على حركة الصادرات والواردات السورية.
رغم التحديات... إرادة سياسية واضحة لإعادة بناء الاقتصاد
ورغم استمرار التحديات التي تواجه الاقتصاد السوري، من العقوبات الاقتصادية الغربية إلى ضعف البنية التحتية، فإن ما تحقق خلال الـ100 يوم الماضية يعكس إرادة سياسية واضحة لإعادة بناء الاقتصاد السوري على أسس حديثة، قائمة على الرقمنة، الانفتاح، وتحفيز الاستثمار المحلي والدولي.
طلال ماضي