اخبار فلسطين
موقع كل يوم -ار تي عربي
نشر بتاريخ: ٢٧ أيار ٢٠٢٥
وسط تقاطعات السياسة الأمريكية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، برز اسم بشارة بحبح كوسيط غير رسمي بين حركة 'حماس' والإدارة الأمريكية.
وأثار نشاط بحبح اهتمام الدوائر السياسية والإعلامية، خاصة في ظل اشتداد الحرب على غزة وتراجع شعبية الديمقراطيين بين العرب الأمريكيين.
ولد بحبح، الصحفي والأكاديمي الفلسطيني الأمريكي، في القدس عام 1958، قبل أن تنتقل عائلته إلى الأردن عقب النكبة، وتستقر لاحقا في الولايات المتحدة في سبعينيات القرن الماضي. حصل على درجة البكالوريوس من جامعة 'بريغهام يونغ'، ثم الماجستير والدكتوراه من 'هارفارد'، وقام لاحقا بالتدريس فيها، كما تولى مناصب بحثية وإعلامية بارزة، من بينها رئاسة تحرير صحيفة 'الفجر' الفلسطينية، والمشاركة في وفد المفاوضات الفلسطينية خلال محادثات السلام في التسعينيات.
رغم استقراره في الولايات المتحدة، لم يقطع بحبح صلته بفلسطين. يقول: 'ولد أطفالي في أمريكا، لكنني سجلتهم لدى الأونروا. عندما أموت، أريدهم أن يقولوا إني فلسطيني. هذا حقنا الأبدي'.
من دعم الديمقراطيين إلى أحضان الجمهوريين
كان بحبح، ككثير من العرب الأميركيين، من الداعمين التقليديين للحزب الديمقراطي. لكن حرب غزة في أكتوبر 2023، وما تبعها من دعم أمريكي غير مشروط لإسرائيل، كانت نقطة تحول بالنسبة له. في يونيو 2024، أعلن انضمامه للحزب الجمهوري قائلا: 'سئمنا من بايدن وتورطه في الإبادة الجماعية ضد شعبنا في غزة'.
أسهم بحبح في تأسيس منصة 'العرب الأميركيون من أجل ترامب'، والتي نشطت في تعبئة أصوات الناخبين العرب لصالح الرئيس ترامب، خاصة في ولايات حاسمة مثل ميشيغان. عمل عن قرب مع ريتشارد غرينيل، مبعوث ترامب الخاص، ورجل الأعمال اللبناني الأميركي مسعد بولس، صهر ترامب. وعقب فوز ترامب، شارك بحبح في صياغة رسالة التهنئة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والتي قادت إلى أول اتصال مباشر بين عباس وترامب.
مع ترامب.. ولكن بشروط
رغم انخراطه في حملة ترامب، لم يتردد بحبح في انتقاده. فقد عارض تصريح ترامب في فبراير 2025 بشأن 'تحويل غزة إلى ريفييرا شرق أوسطية'، وكتب على منصة 'إكس': 'أفكار الرئيس غير مقبولة. غزة ليست عقاراً للبيع، بل وطن للفلسطينيين'. إثر ذلك، غيّر اسم منظمته إلى 'العرب الأميركيون من أجل السلام'.
قناة سرية بين حماس وواشنطن
في أبريل الماضي، تلقى بحبح اتصالا من غازي حمد، القيادي في حماس، بعد وساطة من سهى عرفات. وطلبت الحركة إيصال رسائل إلى واشنطن، مما أدى لاحقاً إلى الإفراج عن الرهينة عيدان ألكسندر. ومنذ ذلك الحين، أصبح بحبح قناة اتصال غير رسمية في مفاوضات وقف إطلاق النار، يتنقل بين الأطراف بعيداً عن التنسيق الإسرائيلي.
وكشف بحبح مؤخراً أنه صاغ بنفسه مقترح وقف إطلاق النار الذي قدّم لإسرائيل ورفضته، ويتضمن هدنة لمدة 70 يوماً، وإفراج تدريجي عن الرهائن، ودخول ألف شاحنة مساعدات يومياً إلى غزة. وقدّم المقترح بالتنسيق مع حماس، دون إبلاغ إسرائيل مسبقاً، وهو ما أثار استياء تل أبيب، حيث وصفه مسؤول إسرائيلي بأنه 'استسلام فعلي لحماس'، لأنه لا يتوافق مع 'مخطط فيتكوف' الذي تتبناه الحكومة الإسرائيلية منذ استئناف العمليات العسكرية في مارس الماضي.
شخصية معقدة بين الولاء السياسي والهوية الوطنية
يجمع بحبح بين الأكاديمية والنشاط السياسي والعمل الإنساني، ويتحرك في مناطق رمادية من الدبلوماسية غير الرسمية، بينما يحتفظ بهويته الفلسطينية كجزء لا يتجزأ من رؤيته ودوره السياسي. في نظر مؤيديه، هو صوت شجاع يسعى للسلام وإنهاء الحرب. أما منتقدوه، فيرون أنه يتجاوز الخطوط الحمراء بتواصله مع حماس على حساب الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة.
في الحصيلة، يبقى بشارة بحبح تجسيدا لتحولات السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، ومرآة للتغير المتسارع في المزاج السياسي لدى العرب الأمريكيين بعد حرب غزة، حيث لم تعد الولاءات الحزبية تقف في وجه الهوية والحق التاريخي كما يراه كثيرون من أبناء الشتات الفلسطيني.
المصدر: RT