اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٩ حزيران ٢٠٢٥
أكد خبير في الشأن الإسرائيلي، أن الحرب التي بدأها الاحتلال ضد إيران أدخلت الجبهة الداخلية الإسرائيلية إلى قلب المعركة، للمرة الأولى في تاريخ الصراعات التي خاضتها (إسرائيل) منذ 1948، موضحًا أن المجتمع الإسرائيلي كاملًا بات تحت النار، ويتكبد أثمانًا بشرية واقتصادية ونفسية متزايدة، مع عجز إسرائيلي عن تحقيق أهدافه المعلنة.
وأوضح د. محمد هلسة لصحيفة 'فلسطين'، أن 'كلما تقدمت هذه الحرب وطال أمدها، ازداد التصدع في جدران التضامن الداخلي الإسرائيلي، وهذا ما بدأنا نلمسه بوضوح، إذ لم يسبق في تاريخ (إسرائيل) أن كانت الجبهة الداخلية بأكملها مادة للقتال'.
وأضاف: ' لطالما خاضت (إسرائيل) حروبها خارج حدود فلسطين المحتلة، دون أن تصل نار الحرب إلى عمقها السكاني، حتى في المواجهات مع حزب الله وغزة، لم تكن كل شرائح المجتمع الإسرائيلي عرضة للتهديد المباشر، بينما اليوم، الجميع يدفع ثمنًا باهظًا'.
وقتل 24 إسرائيليا وأصيب نحو 600 آخرين بجروح جراء الضربات الصاروخية الإيرانية التي استهدفت (إسرائيل) منذ الجمعة الماضي، ردا على الهجوم الإسرائيلي على إيران، وذلك وفق حصيلة جديدة أصدرها ما يسمى 'مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي' في بيان أمس.
إلى ذلك، ذكرت صحيفة يسرائيل هيوم' العبرية أن حجم الدمار هائل في (تل أبيب) الكبرى. فيما قالت صحيفة هآرتس إن بعض الهجمات الإيرانية استهدفت مواقع عسكرية إسرائيلية إضافة إلى بنى تحتية في المدن المحتلة.
وأشار هلسة إلى أن 'هذا الإيذاء العميق للداخل الإسرائيلي قد لا تحتمله (إسرائيل) طويلًا، وربما تصمد لأسبوع أو أسبوعين فقط في ظل تصاعد الصراخ والاحتجاجات، خاصة أن الهدف الأساسي، وهو ضرب البرنامج النووي الإيراني، لم يتحقق، كما أن قدرة إيران على الاستمرار في إطلاق الصواريخ لم تُكسر، مما يقوض الشرعية السياسية في الداخل الإسرائيلي ويُفكك تماسكه، وهو ما تراهن عليه طهران بدقة'.
وفي تشخيصه للمشهد العام، أوضح هلسة أن الطرفين، الإيراني والإسرائيلي، دخلا مسارًا تصعيديًا يصعب التراجع عنه، ما لم يحدث 'كسر' جوهري في توازن القتال أو إرادة الاستمرار لدى أحدهما. وقال: 'من الواضح أن التصريحات والسلوك على الأرض يشيران إلى أن إرادة القتال لا تزال قائمة لدى الجانبين، ما يعني أن وتيرة الحرب ستستمر في التصاعد'.
وعن أدوات كل طرف في معركة كسر الإرادة، قال هلسة إن (إسرائيل) اعتمدت على الضربات الأولى المفاجئة، التي هدفت إلى اختلال توازن إيران وقدرتها على التحكم والسيطرة والتنفيذ. لكن بعد تجاوز طهران لهذه الضربات، لجأت (إسرائيل) إلى استهداف مراكز استراتيجية داخل العمق الإيراني، تحت غطاء ضرب البرنامج النووي، بينما الهدف الحقيقي، بحسب هلسة، هو 'ضرب بنية النظام الإيراني نفسه، ومنعه من مواصلة إطلاق الصواريخ، وخلق حالة من البلبلة والاحتجاجات الداخلية، من خلال التأثير على حياة الناس في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأمنية'.
أما إيران، وفقًا لهلسة، فهي تبني استراتيجيتها على ضرب البنية المدنية والمجتمعية داخل (إسرائيل)، لافتًا إلى أن 'رغم التعتيم الإعلامي الإسرائيلي، إلا أن هناك إشارات بأن طهران استطاعت إصابة أهداف حيوية وعلمية مرتبطة بالأمن. وهناك تركيز إيراني على استهداف مناطق ذات كثافة سكانية عالية، مثل (تل أبيب) و(رمات غات)، حيث يستوطن نحو 4.4 مليون إسرائيلي، في مساحة جغرافية ضيقة، ما يجعلها نقطة ضعف مركزية توليها (إسرائيل) أهمية بالغة'.
ويؤكد هلسة أن إيران تراهن على أن هذا النوع من الاستنزاف لن تحتمله (إسرائيل) طويلًا، وهو ما تعكسه تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، وعلى رأسهم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يحاول طمأنة الجبهة الداخلية بأن الخطط تسير كما هو مخطط لها، وبأن (إسرائيل) ترد وتؤلم، في مسعى للحفاظ على شرعيته السياسية الداخلية.
ويتابع: 'الرهان الإيراني هو أن تصل القيادة الإسرائيلية إلى لحظة إدراك بأن لا البرنامج النووي الإيراني قد ضُرب، ولا قدرة طهران على ضرب (إسرائيل) قد تراجعت، ما يؤدي إلى تفكك الشرعية السياسية، وهو ما يمكن أن يدفع نتنياهو إلى طلب تدخل أمريكي مباشر'.
وفي هذا السياق، يرى هلسة أن (إسرائيل) باتت تضغط على الولايات المتحدة من أجل تدخل عسكري، لكنه استبعد أن يحدث ذلك في المدى القريب، إلا إذا انقلبت موازين الحرب بشكل كبير ضد (إسرائيل). وبيّن أن 'الولايات المتحدة قد تتدخل سياسيًا إذا شعرت أن الكفة تميل بوضوح لصالح إيران، ما قد يهدد مكانة وهيبة هذه 'القاعدة الغربية' المتقدمة في الشرق الأوسط، وهو أمر غير مقبول بالنسبة للغرب'.
ويقدر أن بلورة موقف أمريكي بهذا الاتجاه قد تستغرق نحو أسبوعين، في ظل اشتداد تأثيرات الحرب على الإقليم والعالم، خصوصًا من الناحية الاقتصادية، وأثرها المحتمل على أسواق الطاقة، وتحديدًا إذا قررت إيران إغلاق مضيق هرمز، الذي يُعد شريانًا حيويًا للتجارة الدولية.
وختم هلسة بالقول: 'نحن أمام جولة من الحرب المفتوحة، تُترك نتائجها للميدان والضغوط المتبادلة، وهي من ستحدد سقوفها الزمنية. ما زلنا في بداية هذه المواجهة، والنتائج ستقول كلمتها في النهاية'.