اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٨ نيسان ٢٠٢٥
الرسالة 9
﴿ *أَلا إِنَّ نَصرَ اللَّهِ قَريبٌ* ﴾
البقرة214.
مشهد غزة هو مشهد مئات الآلاف من عصابات الإبادة، محصّنين بآليات عسكرية في الجو، البر، والبحر، 'ظانين أنهم لا غالب لهم اليوم من الله'. وفئة قليلة في غزة، المدينة المسكينة المحاصرة، تواجه الأحزاب برئاسة أمريكا. {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُواْ هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} (الأحزاب 22). وقالوا: {وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (آل عمران 173).
(يا رب فرجك) هتاف حزين يتردد في قلوب أهل غزة، يرافقه يقينٌ راسخ، حيث {ضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} (التوبة 25). أين العرب؟ أين المسلمون؟ أين العالم؟ والله تعبنا… والله متنا. قصص مؤلمة وحزينة لا تتوقف، شاهدها العالم بشكل جزئي عبر وسائل الإعلام، حيث يُقتل أهلنا وأطفالنا وشعبنا تحت أنقاض بيوتهم. بعضهم تبخّرت أجسادهم وأصبحوا رمادًا.
لا مغيث ولا منجد وصمت مطبق يلف العالم العربي الذي استسلم للهزيمة النفسية منذ ربيعه الذي سحقته الدكتاتوريات. {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} (القصص 10). وإن كادت غزة ترفع الراية البيضاء {لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} (القصص 10).
ومع ذلك، لا تزال هناك قلة ثابتة، يثبتهم الله. خرجوا يثبتون من يرفع الآذان، ومن يضيء العتمة، ومن يغيث بطعام أو شراب، ومن يقاوم من نقطة الصفر. وآخرون يهتفون يقينًا: {أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} (البقرة 214)، وآخر يهتف مثلما هتف سعد بن الربيع رضي الله عنه يوم أحد: 'ماذا تفعلون بالحياة بعد رسول الله ﷺ؟ موتوا على ما مات عليه نبيكم.'
وهتاف اليقين من غزة يتعاظم، كسحرة فرعون. {قَالُوا لَن نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} (طه 72). مستمسكون بإرادة الحياة وصبر عجيب: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} (النحل 127). مبتهلين إلى الله تعالى: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (البقرة 250).
الثبات والصبر من الله تعالى يأتي مع المصيبة والزلزلة. هكذا أهل غزة وأرضها، يرجون من الله صبرًا يتناسب مع مصابهم الجلل، ليُثقل ميزانهم في مرحلة الغثائية والهزيمة، لكنهم 'لا يضرهم من خذلهم ولا ما أصابهم وهم على الحق'.
الثبات والصبر مقدمة النصر، كما بين الله تعالى في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(الأنفال 45). ومع اشتداد المحنة بكافة أشكال الابتلاء، {وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (البقرة 155), {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} (آل عمران 141), تلهج غزة كلها بالدعاء لله تعالى ألا يكلفها ما لا تطيق: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (البقرة 286).
كما الأنبياء عليهم السلام، {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُواْ جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} (يوسف 110).
وقد كان هتاف النبي ﷺ: 'اللهم نصرك الذي وعدت'، {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ}(البقرة 214).
ويكأن السماء تهتف لغزة برسالة سكينة وطمأنينة وثقة بوعد الله: {أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} (البقرة 214).