اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكـالـة مـعـا الاخـبـارية
نشر بتاريخ: ٢٠ أيار ٢٠٢٥
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
ينتظر العالم كله ليعرف اذا كان نتانياهو يصغي للرئيس الأمريكي ترامب ام ان ايتمار بن غفير هو صاحب الكلمة الأخيرة والاعلى في إسرائيل . فاذا كانت كلمة ترامب هي الأعلى فان الحرب سوف تقف سريعا ، واذا كانت كلمة ابن الغفير هي الأقوى فان الحرب سوف تقف بعد حين ولكن بعد ان يثبت الأخير كتلته المتطرفة في الكنيست لتتحول ظاهرة التطرف العنصري من مشكلة عند الفلسطينيين الى ازمة دائمة ومتفاقمة عند الإسرائيليين انفسهم .
سياسيا واخلاقيا ودوليا وقضائيا واسرائيليا انتهى نتانياهو . انتهى بكل معنى الكلمة ومهما فعل ومهما قتل ومهما اعتدى على سوريا ولبنان وغزة وعلى الضفة الغربية فانه لن يعود صالحا للاستخدام عربيا ودوليا بعد هذه المرحلة ، لذلك تراه يجهد بكل السبل لإطالة مدة هذه المرحلة وهو لا يعرف انه كلما اطال بها فانه يتسبب بأضرار لا يمكن إصلاحها على إسرائيل وعلى المنطقة كلها .
جو بايدين قاد اكبر حروب بشعة على وجه الأرض من أوكرانيا الى غزة ونهايته الحزينة كانت متوقعة ، لان البشر لا يريدون رؤية امراء الحروب ولا يرغبون في انتخابهم مرة أخرى ، ومهما كانت درجة الاعجاب بهم فانهم يتحولون الى رموز فاشلة تذكر السكان بالموت ومأساة الحروب .
النهايات لن تقتصر على الأعداء بل على الجميع وعلى العرب عموما وعلى الفلسطينيين خصوصا . وانني اكرر ما كتبته في الأيام الأولى من الحرب : هذه الحرب لن ينتصر بها احد فكل الضحايا كانوا شهودا على فشل السياسيين وعنجهية أفكارهم والمكابرة بعدم تحمّل المسؤولية . وهذا لا يشمل حركة حماس ولا قطاع غزة لوحده ، بل يشمل جميع الحكومات والتنظيمات والسياسيين والمحللين وجميع القيادات التي احتلت الشاشات واحتلت بيوتنا وافكارنا وخيالات أطفالنا .
مستحيل ان تكون النهايات سيئة دائما مثل البدايات . ومن الظلم ان نشاهد على التلفزيون ابطال المستقبل ورموز السلام القادم هم انفسهم ابطال الماضي . فكيف يكون من يهدم مثل من يبني ، و كيف يتساوى من يبني مدرسة او يفتتح عيادة او يعبد طريقا ويبني جسرا مع الذي يجلس طوال العمر يبث التشاؤم وينشر السوداوية والسلبية والعدمية بين الأجيال ؟؟
ليس مطلوب منا ان نعود للبداية كل مرة يظهر فيها قائد او تنظيم ليثبت لنا وجهة نظره . هناك عامل اسمه ' تراكم المعرفة ' وعلى كل قائد جديد ان يبدأ من حيث انتهى الذي سبقه ، وليس ان نعود لنبدأ معه المفاوضات مرة أخرى من الصفر ، او أن نبدأ معه القتال من الطلقة الأولى حيث كنا قبل خمسين عاما !
هذا صراع أجيال وليس مجرد معركة وينتصر فيها طرف على الطرف الاخر وينتهي . وهذا ما يعجز المتطرفون من كل الجهات على فهمه . لا يفهمه المتطرفون في أمريكا ولا في تل ابيب ولا في أي عاصمة عربية .
الصراع في فلسطين بدأته الدول الاستعمارية الكبرى قبل مئة عام ، ولن ينتهي الا بالدول العظمى .. ولقد اثبتت الحرب الأخيرة ان الفلسطينيين لا يحاربون ' اليهود ' ولا يحاربون ' إسرائيل ' ، وان إسرائيل مجرد مندوب لتلك القوى العظمى تؤدي دورا مرسوما بعناية . وحين اشتدت الأمور في 2023 كما في 1967 وكما في تشرين 1973 او في 1982 وغيرها تتقدم حاملات الطائرات والبوارج العملاقة وترسانات الغرب لتقوم هي نفسها بالقتال .
ما لا يفهمه ( الشعبويين ) ان هذا الصراع ليس له حدود ولا مكان محدد ولا وزمان محدود . وقد يستمر لمئة عام أخرى وقد يستمر لأكثر من هذا. وان كل جيل وكل جماعة وكل مبتدئ يعتقد انه هو المكلف الوحيد بالمهمة المقدسة !