اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٥ حزيران ٢٠٢٥
يثير نشر مجموعة مرتبطة بزعيم عصابة لصوص يُدعى ياسر أبو شباب، توجد شرق محافظة رفح، فيديو يدعو فيه المواطنين للعودة إلى مناطق تحت نيران الاحتلال في المحافظة بدعوى أنها آمنة وبحماية 'الشرعية الفلسطينية'، تساؤلات بشأن شكل التنسيق بين العصابة والسلطة، ما يتطلب من الأخيرة، وفق مراقبين، إصدار موقف واضح من هذا الادعاء، باعتباره مجرمًا ومشبوهًا ومنبوذًا من عائلته التي أعلنت تبرّؤها منه في بيان رسمي.
وكأحد الأدلة على تورّط العصابة في العمل المباشر مع الاحتلال، ما نشرته كتائب القسام مؤخرًا من مقطع فيديو استهدف مجموعة من المستعربين، ووقعوا بين قتيل وجريح، وتبيّن وجود عناصر من عصابة 'أبو شباب' بينهم. وقد تبيّن أن قتلى العصابة يعملون في أجهزة أمن السلطة، وفق فيديو آخر نشرته العصابة، ونعت فيه أربعة قتلى، وأكّدت أنهم يعملون بأمن السلطة، ما دفع عائلات القتلى للتبرّؤ منهم بعد فيديو القسام، مما يثير التساؤل حول 'العلاقة المشبوهة' بين أجهزة أمن السلطة والعصابة.
ومن المهام التي نفذتها العصابة – كما ظهر في فيديو القسام – قيامهم بتفتيش البيوت بهدف كشف عقد المقاومين القتالية وتفكيك العبوات، لتهيئة الطريق أمام دبابات جيش الاحتلال للمرور بحرية.
وإضافة إلى النبذ العائلي، يرفض الشعب الفلسطيني، بعائلاته وعشائره وفصائله ومؤسساته كافة، الأفعال الإجرامية الخارجة عن مبادئه وعاداته، والتي ترتكبها هذه العصابة التي تستفيد من غطاء جوي وأمني يوفّره لها الاحتلال الإسرائيلي، وتتواجد في المناطق الشرقية لرفح، بالقرب من دبابات جيش الاحتلال.
وعلى مدار الحرب، سرقت عصابة 'أبو شباب' مئات شاحنات المساعدات، ما أدى إلى اشتداد المجاعة وحرمان عشرات آلاف العائلات من حصصهم التي استولت عليها العصابة. ومن أكبر عمليات السطو التي نفذتها، سرقة نحو 150 شاحنة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ما دفع الأجهزة الأمنية في غزة لمهاجمة العصابة بعملية أمنية أسفرت عن مقتل نحو 20 شخصًا من أفرادها، وقبلها بشهر سرقت العصابة 100 شاحنة.
نهب المساعدات
سرقات العصابة المتتالية أدت حينها إلى تصاعد احتجاجات المنظمات الدولية على سماح الاحتلال بعمل لصوص المساعدات بحرية. وقالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن مذكرة داخلية للأمم المتحدة أكدت أن عصابات سرقة المساعدات في غزة 'تستفيد من تساهل – إن لم يكن حماية – من الجيش الإسرائيلي'، وأن قائد عصابة أنشأ ما يشبه قاعدة عسكرية بمنطقة خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي.
وبحسب تلك المذكرة، فإن ياسر أبو شباب هو الطرف الرئيس في النهب المنظم للمساعدات في غزة. وتشير الصحيفة، نقلًا عن عمال إغاثة ومسؤولي الأمم المتحدة، إلى أن قوات إسرائيلية كانت على مقربة من عمليات النهب ولم تتدخل.
وقد لاقى الفيديو الذي نشرته العصابة – والتي تحاول ارتداء اسم جديد تحت مسمّى 'القوات الشعبية' لتضليل الرأي العام الفلسطيني عن جرائمها السابقة – استهجانًا واسعًا من قطاعات شعبية وعشائرية. ويقول رئيس التجمع الوطني للقبائل والعشائر الفلسطينية، د. علاء الدين العكلوك: 'إن الاحتلال يسعى لإيجاد بدائل عن القوات الشرعية التي تدافع عن حقوق أبناء الشعب الفلسطيني'.
وأضاف العكلوك لـ 'فلسطين أون لاين': 'عندما شعر الاحتلال أن شوكته قد كُسرت في ظل الحرب الضروس التي يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني، أصبح لديه توجّه لمحاربة الشعب عبر لقمة العيش والطرد الغذائي، لاستقطاب الناس بما يحقّق نماذج مماثلة'.
وعن الفيديو الذي نشرته العصابة، أكّد أن ذلك ينمّ عن مخطط يُدبَّر بالليل لهذا الشعب، إلا أن الشعب وعشائره يدركون ويتفهمون الواقع والحالة الفلسطينية، ويعلمون المخططات الإسرائيلية والأمريكية، ولا يقبلون أن يأكلوا لقمة العيش من يد 'منبوذة' عشائريًا وشعبيًا، وخارجة عن الصف الوطني.
وتابع: 'إذا كان كل الناس ترفض العمالة والخيانة، فكيف يستجيب من فقد أبناءه شهداء وجرحى، وهُدم بيته، لتلك العصابة؟ التي يريد زعيمها أن يلبس الثوب الفلسطيني'، مستشهدًا بمثل شعبي يصف حالته: 'قال: كبّرني يابا. فقال له: بس يموت اللي بيعرفوك'، أي: من يعرفون ماضيه في الجرائم والسرقة.
مطلوب موقف واضح
بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف، أن ما نشرته العصابة ليس بعيدًا عن سعي السلطة – الذي ليس جديدًا – لبسط هيمنتها وسيطرتها على قطاع غزة، لكنه يأتي الآن في ظروف يرتكب فيها الاحتلال جرائم إبادة جماعية، فضلًا عن الحديث عن الاستعانة بزعيم عصابة تبرّأت منه عائلته.
وشدد عساف لـ'فلسطين أون لاين' على أن المطلوب من السلطة إيضاح موقفها بالتبرؤ من هذا التوجه، ومن التعاون مع أوساط مشبوهة تعادي المقاومة، مؤكّدًا أن المطلوب هو وقف جريمة الإبادة الجماعية والتعاون لصد العدوان، وأن من يحاول إقامة علاقة مشبوهة مع هؤلاء، فإنه يصب في مصلحة الاحتلال ويُعد خائنًا.
ولفت إلى أن هذه ليست المحاولة الأولى لاستخدام المساعدات وحاجات المواطنين لتنفيذ أغراض إسرائيلية معادية للشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن مجازر الاحتلال بمراكز توزيع المساعدات مؤشر على كيف استخدم الاحتلال تلك الحاجات لترويع أبناء الشعب.
ووفق عساف، فإن السلطة ومنذ بداية الحرب تقف موقفًا مناهضًا للمقاومة، وهذا ليس سرًا، فهي تحمّل المقاومة المسؤولية وتعتبر ما قامت به ذريعة للاحتلال في محاولة لتبرئته من جرائمه.
ويجتهد الاحتلال الإسرائيلي – وفق الناشط السياسي والإعلامي بمحافظة رفح محمد الشريف – بكل الوسائل والأدوات العسكرية والأمنية لخلق فوضى في قطاع غزة، من خلال استهداف ممنهج ومركّز لكل مكونات ومفاصل العمل الحكومي والأمني.
وأكد الشريف لـ'فلسطين أون لاين' أن الاحتلال يحاول استغلال هذا الفراغ الأمني، لتجنيد لصوص كبار، وتشكيل ميليشيا أمنية مسلّحة تحت حماية طائراته المُسيّرة، لتنفيذ مهام ومسؤوليات تحت غطاء المساعدات وخدمة السكان، فضلًا عن مهام أمنية كتفتيش البيوت أو تأمين الطريق أمام تقدم جنود الاحتلال، كما أظهرت مشاهد للمقاومة استهدفت عددًا منهم شرق رفح.
وأشار إلى أن ياسر أبو شباب هو أحد العناوين البارزة في هذا المخطط المشبوه، وقد اكتسب شهرته من جرأته في السطو والسيطرة على الشاحنات التي تحمل المساعدات الإنسانية القادمة عبر معبر رفح، في الأشهر الأولى من الحرب.
وأكّد أن أبو شباب مجرد واجهة لمشروع كبير يُدار من الخلف، وبالنظر إلى العناصر المشاركة معه في الميليشيات، ومنهم من يتلقون رواتبهم من السلطة في رام الله، فإن ذلك يؤكد أن السلطة وأجهزتها الأمنية ليست بعيدة عن دور في محاولة العودة إلى غزة على ظهر دبابة.