اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٠ حزيران ٢٠٢٥
منذ مطلع مايو/أيار الجاري، أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية تحت اسم 'عربات جدعون'، زاعمًا أنها تهدف إلى تحقيق أهداف الحرب في قطاع غزة، وأبرزها استعادة الأسرى الإسرائيليين و'إسقاط حكم حركة حماس عسكريًا وسياسيًا'.
لكن بعد أسابيع من انطلاقها، لا تزال خطة العملية يكتنفها الغموض، في وقت لم يتحقق فيه أي من أهدافها المعلنة. بل كشفت تقارير من مركز أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب عن وجود تناقضات حادة بين المستوى العسكري والسياسي في إسرائيل، ما يعكس صراعًا داخليًا في دوائر صنع القرار بشأن جدوى العملية وأهدافها الحقيقية.
وفق محللين إسرائيليين، لا يبدو أن هناك نية حقيقية لتنفيذ كامل مراحل 'عربات جدعون'، بل قد تكون ورقة ضغط سياسي على حماس، أكثر من كونها خطة عسكرية مكتملة.
ويشكك مراقبون في قدرة الجيش والحكومة على تحقيق 'حسم عسكري' حقيقي، في ظل تصاعد الخلافات بين رئيس الأركان إيال زامير، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حول مسار الحرب وتكلفتها السياسية.
وفي حين يسعى نتنياهو إلى تحميل الجيش مسؤولية الفشل، يرفض زامير الانصياع لهذه المحاولات، مما يعكس احتدام التوتر داخل القيادة الإسرائيلية، خاصة مع اقتراب انتخابات محتملة في 2026، وتصاعد الضغط الداخلي بشأن ملف الأسرى.
التحليلات الصادرة عن خبراء قانونيين في مركز أبحاث الأمن القومي أظهرت أن الخطة العسكرية قد تنطوي على انتهاكات جسيمة للقانون الدولي.
فعملية 'إجلاء' أكثر من 70% من سكان غزة جنوبًا، وإنشاء مناطق 'إنسانية' بإدارة شركات خاصة وتحت إشراف الجيش، قد تتحول – بحسب المحامية بنينا شارفيت باروخ – إلى تهجير قسري ممنهج يشكل جريمة ضد الإنسانية، أو حتى تطهيرًا عرقيًا.
وفي ظل خطط تتحدث عن 'سيطرة عملياتية طويلة الأمد' على القطاع، فإن إسرائيل قد تواجه مسؤوليات قانونية إضافية كقوة احتلال، خصوصًا في حال فشلها في توفير الغذاء والخدمات الأساسية للمدنيين.
وترى المحللة القانونية تامي كانر أن العملية، رغم إعلان أهداف واضحة، تواجه تصاعد الضغوط الدولية، خاصة من المحكمة الجنائية الدولية، مما يضع إسرائيل أمام معضلة قانونية وأخلاقية في كيفية إدارة حربها ضد حركة حماس دون التورط في جرائم قد تلاحق قادتها مستقبلاً.
وتؤكد أن الغموض والتناقضات الرسمية بشأن الأهداف والتنفيذ، تزيد القلق من وجود نوايا خفية، خصوصًا بشأن فرض واقع ديموغرافي جديد في غزة، وفرض 'هجرة طوعية' أو منع عودة السكان إلى منازلهم، وهو ما يخالف اتفاقيات جنيف ويصنف كجريمة حرب.
تتزامن هذه المعطيات مع تراجع مكانة إسرائيل دوليًا، وتآكل الدعم من بعض الحلفاء التقليديين، بينما تتواصل الأزمات السياسية والاقتصادية داخليًا، خاصة مع اقتراب معركة الميزانية واحتدام الخلافات بشأن قانون الخدمة العسكرية.
وفي ظل كل هذه التحديات، يبدو أن 'عربات جدعون' ليست مجرد مناورة ميدانية، بل مرآة تعكس عمق الأزمة الإسرائيلية في غزة، وفشل خيارات 'الحسم بالقوة' في تحقيق إنجازات ميدانية، وسط تداعيات قانونية وأخلاقية قد تمتد لسنوات.