اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٧ نيسان ٢٠٢٥
بعد مرور 18 شهرًا على بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، تكشفت أبعاد الكارثة الإنسانية بشكل أكثر وضوحًا، مع تأثيرات مدمرة على جميع جوانب الحياة، بما في ذلك تراجع متوسط العمر المتوقع للفلسطينيين بشكل غير مسبوق، بحسب تقرير أصدرها موقع 'ميدل ايست آي' البريطاني.
حصيلة الخسائر البشرية
منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، ارتقى أكثر من 51 ألف فلسطيني وأُصيب أكثر من 100 ألف من أصل سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون قبل الحرب. ولا يزال ما لا يقل عن 10 آلاف شخص في عداد المفقودين ويُفترض أنهم تحت الأنقاض.
وقد نزح نحو 90% من سكان غزة، غالبًا أكثر من مرة. ومن بين الضحايا، شكل النساء والأطفال وكبار السن نسبة 56% من الضحايا.
تراجع حاد في متوسط العمر المتوقع
بحسب دراسة نُشرت في مجلة 'لانسيت'، انخفض متوسط العمر المتوقع للرجال الفلسطينيين بنسبة 51.6% ليصبح 40.5 عامًا فقط، بخسارة 34.9 سنة مقارنة بما قبل الحرب. أما النساء، فانخفض متوسط أعمارهن بنسبة 38.6% ليصل إلى 47.5 سنة، أي بخسارة تقدر بـ29.9 سنة.
وأشار الباحثون إلى أن هذه التقديرات 'متحفظة' ولا تشمل الآثار غير المباشرة للحرب، ما يعني أن الخسائر الحقيقية قد تكون أعلى.
ويقل هذا الرقم بـ 14 عاما عن أفغانستان و16 عاما عن الصومال، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها القطاع الذي تعرض لحرب إبادة جماعية شنها الاحتلال الإسرائيلي.
ووفقا للنتائج، فقد انخفض متوسط العمر المتوقع في غزة بمقدار 34.9 عاما خلال الأشهر الـ 12 الأولى من الحرب، أي بنسبة 46.3 بالمئة عن مستوى ما قبل الحرب البالغ 75.5 عامًا.
وكانت الخسائر أكبر بين الذكور، حيث انخفض متوسط أعمارهم بمقدار 38 عاما (51.6 بالمئة)، فيما عانت الإناث أيضا من تراجع كبير بلغ 29.9 عاما (38.6 بالمئة).
وأضاف التقرير أن التقديرات الأكثر تحفظا تشير إلى خسائر تراوحت بين 31.1 عاما (41.1 بالمئة) و39.4 عاما (52.2 بالمئة)، محذرا من أن التأثيرات غير المباشرة للحرب على معدلات الوفيات قد تجعل الخسائر الحقيقية أكبر مما هو موثق.
وشدد التقرير على أن هذه الأرقام تعكس 'كارثة ديموغرافية غير مسبوقة'، مؤكدا أن 'الحرب أدت إلى فقدان أكثر من 30 عاما من متوسط العمر المتوقع، مما خفض مستويات ما قبل الحرب إلى النصف تقريبا'.
وأوضح التقرير أن 'الخسائر الفعلية قد تكون أكبر بكثير، خاصة مع استمرار آثار الحرب على الحياة اليومية والنظام الصحي في غزة'.
نقص الغذاء وسوء التغذية
الحرب دمّرت الزراعة وصيد الأسماك، مما أدى إلى نقص حاد في الغذاء وارتفاع أسعار المواد الأساسية بنسبة تفوق 1000% في بعض المناطق. أغلقت جميع المخابز في غزة بحلول أبريل/نيسان 2025 بسبب نقص الدقيق والوقود.
بحسب منظمة أوكسفام، كان الفلسطينيون في شمال غزة يعيشون في أبريل/نيسان 2024 على متوسط 245 سعرة حرارية يوميًا فقط — أقل من 12% من الحاجة اليومية الطبيعية.
حالات مأساوية بسبب الجوع
اضطر العديد من الفلسطينيين إلى تناول العشب أو استخدام علف الحيوانات لصناعة الخبز. وأفادت تقديرات بأن 60 ألف طفل على الأقل بحاجة لعلاج سوء تغذية حاد خلال العام المقبل. وقد سجلت بالفعل حالات وفاة لأطفال نتيجة الجوع، مثل عزام الشاعر ويزن الكفارنة.
كارثة المياه والصرف الصحي
حتى قبل الحرب، كانت مياه غزة ملوثة وغير صالحة للشرب. ومع تفاقم الوضع، قطعت إسرائيل الكهرباء عن محطة تحلية المياه الوحيدة جنوب غزة، مما خفض إنتاج المياه النظيفة بنسبة 85%.
سوء الصرف الصحي أدى إلى انتشار أمراض مثل التهاب الكبد الوبائي أ، خاصة بين الأطفال الذين يعيشون في خيام قرب مياه الصرف المكشوفة.
النساء الحوامل في دائرة الخطر
أصبحت النساء الحوامل من الفئات الأكثر تضررًا، مع نقص التغذية والرعاية الصحية. بحلول يناير/كانون الثاني 2025، عانت 10-15% من النساء الحوامل في غزة من سوء تغذية حاد.
اضطر العديد منهن إلى الولادة في ظروف غير صحية، فيما أجبرت أخريات على الإجهاض أثناء الفرار من القصف أو بسبب الهجمات.
انهيار النظام الصحي
قبل الحرب، كانت الرعاية الصحية في غزة تعاني بالفعل. ومع الحرب، تدهور الوضع حتى أصبحت 90% من المرافق الصحية متضررة بحلول نهاية 2024.
حظرت إسرائيل عمل الأونروا، واستشهد عدد من الأطباء والمسعفين. وأُجبر مستشفى الأهلي العربي المعمداني، آخر مستشفى يعمل بكامل طاقته، على الإغلاق بعد قصفه.
يعاني الآن آلاف المرضى المزمنين من غياب الرعاية، وسط نقص الأدوية، وأعداد كبيرة من الجرحى الذين لا يجدون سريرًا ولا علاجًا مناسبًا.
دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إلى إنهاء الهجمات على المرافق الصحية، مشددًا على أن المستشفيات والعاملين الصحيين يجب أن يكونوا محميين بموجب القانون الدولي.