اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٤ تشرين الثاني ٢٠٢٥
لم يكن ما كشفه المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن حالات اغتصاب وتعذيب ممنهج لمعتقلين فلسطينيين، بينهم نساء من غزة، مجرد انتهاك عابر، بل يعكس منهجية وحشية يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، في ظل غياب كامل للرقابة الدولية وعدم محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
رغم فداحة هذه الانتهاكات، يكاد الإعلام الغربي يتجاهل القضية، في وقت يرفع فيه شعار 'حقوق الإنسان' و'الكرامة الإنسانية' في مناسبات أخرى، ما يعكس ازدواجية معايير صارخة تجاه الفلسطينيين.
الصمت الغربي وانحياز الإعلام
تقول الدكتورة لينا الطبال أستاذ القانون والعلوم السياسية في قرنسا، إن الصمت شبه الكامل للإعلام الغربي تجاه انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي يمثل دليلا على انحياز واضح، فهو يختار تجاهل الجرائم أو تقديمها في سياق تحييد الاحتلال.
وتؤكد الطبال في حديثها لصحيفة 'فلسطين'، أن هذا الصمت ليس حيادا، بل موقف سياسي متعمد يشرعن الاحتلال ويخفي الجرائم.
الإعلام الغربي، وفق الطبال، يمارس سياسة ناعمة من التغطية التي تمثل 'قناعا للشرعية'، ويعطي صورة مضللة عن الأحداث، في حين يتم تجاهل معاناة الأسرى بشكل متعمد، ما يزيد من معاناتهم ويقلل من فرص محاسبة الاحتلال.
حتى المواقف الرسمية في الغرب غالبا ما تكون سطحية، وتقتصر على بيانات احتجاجية دون خطوات ملموسة، مما يعكس ضعف الإرادة السياسية في مواجهة الانتهاكات. الطبال تصف هذا الصمت بأنه 'إشارة دولية واضحة على التواطؤ السياسي مع الاحتلال، وتجريد الفلسطينيين من الحماية الدولية'.
غياب التغطية الإعلامية يعزز من ثقافة الإفلات من العقاب، إذ يصبح الاحتلال أكثر جرأة في مواصلة سياساته التعسفية. تقول الطبال: 'الصمت الغربي يضاعف معاناة الأسرى ويعطي الاحتلال الضوء الأخضر لممارسة المزيد من الانتهاكات دون خوف من المحاسبة الدولية'.
توصيف الانتهاكات داخل المعتقلات
الشهادات الموثقة للمركز الحقوقي تكشف عن بيئة اعتقال معقدة، حيث يتعرض الأسرى لتقنيات تعذيب جسدي ونفسي وجنسي متنوعة. أسيرة تبلغ من العمر 42 عامًا روت تفاصيل اغتصاب جماعي، التعرية القسرية، الصعق الكهربائي، والتصوير الإجباري، مؤكدة أن ما مرت به كان 'أسوأ من الموت'.
أسرى آخرون أشاروا إلى تعرضهم للضرب المبرح والتهديد بالاعتداء الجنسي، ما خلق حالة من الرعب النفسي المستمر. الطبال تقول إن هذه الممارسات تهدف إلى 'إخضاع الأسرى وكسر إرادتهم، وتحويلهم إلى أدوات لإرضاء الاحتلال السياسي'.
كما وثقت شهادات إضافية حالات اغتصاب باستخدام أدوات خشبية وزجاجية، ما تسبب في إصابات بالغة. الطبال تؤكد أن هذه الجرائم ترقى إلى مستوى جرائم حرب، وتشدد على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لمحاسبة المسؤولين.
الاعتداءات لا تقتصر على الرجال، بل تستهدف النساء بشكل متكرر، مع محاولة كسر كرامتهن الجسدية والنفسية. الطبال تشير إلى أن استهداف النساء يحمل دلالات سياسية ويعكس الوجه الوحشي للاحتلال ضد كل فلسطيني.
دور الصمت الغربي في تكريس الانتهاكات
الصمت الدولي يشجع الاحتلال على الاستمرار في سياساته القمعية، إذ يشعر بأنه لن يتحمل عواقب فعلية. تقول الطبال: 'غياب الردود الغربية الفعلية يمنح الاحتلال حرية أكبر في ممارسة التعذيب دون خوف من العقاب'.
هذا الانحياز يظهر في طريقة تغطية وسائل الإعلام التي تميل لتقديم الرواية الإسرائيلية أو تجاهل مآسي الأسرى، ما يخلق فجوة معرفية لدى الرأي العام العالمي. تقول الطبال: 'الصحافة الغربية أصبحت أداة لإخفاء الجرائم بدلا من كشفها، وهذا جزء من المؤامرة على الحقيقة'.
حتى المنظمات الدولية غير الحكومية أحيانا تتأثر بالضغط الغربي، فتقلل من حجم التغطية أو تخفف من حدة الاتهامات. الطبال ترى أن غياب التغطية المتوازنة يضر بقضية الأسرى ويضعف أي محاولة لتحقيق العدالة.
الموقف الفلسطيني والدولي المطلوب
تشدد الطبال على ضرورة تحرك فلسطيني دبلوماسي وقانوني وإعلامي منسق، يشمل توثيق الجرائم وفق المعايير الدولية، ورفع ملفات رسمية إلى المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة. تقول: 'التحرك المنظم هو السبيل الوحيد لحماية الشهود والضحايا وضمان محاسبة الاحتلال'.
وتضيف أن التحرك الإعلامي الدولي يجب أن يتحول إلى ضغط فعلي على صناع القرار، وليس مجرد تغطية سطحية. تقول: 'الفضح الإعلامي وحده لا يكفي، بل يجب تحويله إلى أداة ضغط لكسر التواطؤ الدولي'.
تعزيز دور الجاليات العربية والإسلامية في أوروبا يمكن أن يغير موازين الضغط على الحكومات الغربية ووسائل الإعلام. تقول الطبال: 'صوت الجاليات يمكن أن يكون المؤثر الحقيقي في فضح الانتهاكات وإحداث ضغط سياسي'.
أهمية التوثيق وحماية الشهود
تؤكد الأكاديمية العربية في فرنسا، أن حماية الشهود والضحايا ضرورة قصوى، لضمان استمرار توثيق الانتهاكات ومنع محاولات الاحتلال لطمس الأدلة. تقول: 'التأمين الكامل للضحايا والشهود يضمن مصداقية الشهادات ويحول دون محاولات الاحتلال لإخفاء الجرائم'.
الوثائق والشهادات المجمعة من قبل المنظمات الحقوقية الفلسطينية توفر مادة قانونية قوية، وتدعم قضايا أمام المحكمة الجنائية الدولية. تقول الطبال: 'التوثيق المستمر يرفع مصداقية الملفات ويزيد فرص المحاسبة الدولية'.
كما ترى أن التركيز على الجوانب القانونية يجب أن يصاحبه تحرك إعلامي عالمي، يشمل وسائل الإعلام والجاليات والبرلمانات. تقول الطبال: 'الضغط الإعلامي الدولي يخلق حالة وعي عالمي ويزيد من تأثير الملفات القانونية على صناع القرار'.

























































