اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٤ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في أحد أحياء قطاع غزة المدمرة، جاءت ثلاث جرافات تتبع إحداها للجنة إغاثية عربية، إلى حي ضيق داخل المخيم وقامت بتنظيف شارع داخلي من ركام المنازل لا يخدم إلا عدد قليل جدًا من سكان الشارع، وعملت على تنظيفه بشكل كامل.
سادت حالة من الغضب بين سكان تلك المنطقة، لاقتصار التنظيف وإزالة الركام لشارع داخلي لا يخدم الحي أو يسهل عبور وخروج المركبات كونه مغلق من الجهة الأخرى، وتركهم للشارع الرئيسي ممتلئاً بالركام وعدم القيام بتنظيفه.
تبين وفقًا لشهادات سكان الحي، أن منزل مسؤول اللجنة الإغاثية العربية في هذا الشارع، وهو وراء جلب الجرافات الثلاث، التي عملت خلال يوم كامل على إزالة الركام من أمام منزله، وإعطائه أولوية على حساب الشارع الرئيسي وأماكن أخرى تحتاج إلى عمل سريع وعاجل.
غادرت الجرافات هذه المنطقة ولم تعمل على إزالة الركام من الشارع الرئيسي الذي يخدم الآلاف من سكان هذ الحي، واقتصر عملها على الشارع الصغير الذي يخدم منزل المسؤول في اللجنة وعدد قليل من جيرانه.
تعكس هذه التصرفات غياب العدالة في التعافي من آثار الحرب 'الإسرائيلية' على قطاع غزة، وعدم وجود أي معايير واضحة في إدارة المرحلة الأولى من إزالة الركام، والعمل وفقًا للعلاقات الشخصية، والمناطق الجغرافية.
وأكد عدد من رؤساء بلديات قطاع غزة، أن المرحلة الأولى من التعافي في البنية التحتية، شهدت غياباً للشفافية والنزاهة، والعمل وفقًا للمصالح الشخصية لمسؤولي المؤسسات الدولية والعربية العاملة في قطاع غزة.
أجمع رؤساء بلدياتٍ على عدم وجود معايير واضحة لإجراءات التعافي في المرحلة الأولى بعد الحرب 'الإسرائيلية' من قبل المؤسسات الدولية والعربية التي تعمل داخل قطاع غزة، ما يؤثر على إجراءاتهم العاجلة لفتح الشوارع وإزالة الركام فيها.
غياب كامل للعدالة
رئيس بلدية خان يونس ونائب رئيس اتحاد بلديات قطاع غزة علاء الدين البطة، أكد غياب كامل للعدالة في إجراءات التعافي الأولية لآثار الحرب 'الإسرائيلية'، خاصة في توزيع الوقود، والآليات، ومشروعات إزالة الركام وفتح الشوارع.
يبين البطة لـ 'فلسطين أون لاين' عدم وجود معايير واضحة في إدارة إجراءات التعافي وتقديم الاحتياجات العاجلة للبلديات، وتوزيع المهام وفقًا للعلاقات الشخصية والمناطقية، ما يجعل الكثير يتعرض للظلم.
يتسبب غياب العدالة في إجراءات التعافي في البنية التحتية، حسب البطة، في تأخير إزالة الركام عن الكثير من المناطق، واقتصار التعافي على مناطق بعينها ما يؤثر على حياة المواطنين.
يضيف: 'من المعيب أن نشهد تمييزًا غير مهني في تقديم المساعدات للبلديات داخل القطاع، وما يجري يعبر عن غياب واضح للعدالة في توزيع الدعم والمستلزمات اللازمة لمرحلة التعافي، وبعض المؤسسات العربية تقدم الآليات والسولار لبلدية واحدة فقط منذ أيام، دون أن تستند هذه المساعدات إلى أسس شفافة أو معايير مهنية تراعي الحاجة الفعلية أو نسبة الدمار أو حجم الضرر، بل توزع وفقًا للانتماء الجغرافي، وهو ما يتنافى مع أبسط مبادئ العدالة والمساواة في إدارة الأزمات'.
يقول البطة: ' منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (في الحادي عشر من أكتوبر)، لم تتلقَ البلدية ومعظم بلديات القطاع أي مساعدة من الجهات العربية أو الدولية لتوفير السولار أو الآليات الضرورية للمساعدة في فتح الشوارع وإزالة الركام'، مشيرًا إلى أنّ العدالة ما تزال غائبة عن مشهد التعافي وإعادة الإعمار في غزة'.
إلى جانب ما ذكره البطة، أكد رئيس بلدية القرارة، المهندس باسم شراب، أن المؤسسات المانحة التي تمر المنح من خلالها لا تقوم بتوزيع أو برمجة المنح بشكل عادل طبقًا للاحتياج وعدد السكان والمساحة الجغرافية.
يقول شراب: 'لا يوجد جهة تنسيقية عليا تشرف على المؤسسات والجمعيات التي تقدم المنح والمبادرات لكي يتم توزيعها لمناطق القطاع بمحددات ومعايير منطقية أو موضوعية'.
ويضيف: 'بالرغم من ذلك يجب أن يكون هنالك استجابة طارئة للمناطق التي تتعرض لأحداث طارئة بشكل خاص وغير مألوف'.
وسط القطاع
رئيس بلدية الزهراء وسط قطاع غزة، الدكتور نضال نصار، أكد أن إجراءات التعافي للبنية التحتية بعد الحرب والمنفذة من قبل عدة مؤسسات دولية وعربية تفتقر إلى العدالة، موضحًا أن المدينة لم تتلقَ أي معدات أو دعم فعلي حتى الآن.
وقال نصار لـ'فلسطين أون لاين': 'مدينة الزهراء كانت مصنفة منطقة حمراء، وكان يمنع دخول المعدات إليها لعدم وجود موافقات من الاحتلال، إلا أنه في الوقت الراهن بدأ يسمح بدخول السيارات ضمن نطاق البلدية بعد انسحاب قوات الاحتلال.
وأكد نصار أن حجم الدمار هائل، إذ دمرت أكثر من 2000 وحدة سكنية ونزح نحو 10 آلاف مواطن لم يعد أي منهم حتى اللحظة، فيما تضررت شبكات الطرق والمياه والكهرباء وجميع مرافق المدينة، بما في ذلك الجامعات والمدارس.
وقال: إن 'غياب العدالة في توزيع الموارد ينعكس سلبا على استحقاقات المناطق المتضررة، مؤكدًا أن الإمكانات المتاحة والآليات الموجودة لا تتناسب مع حجم الدم'.
رئيس بلديتي المغراقة ووادي غزة وسط القطاع، نضال أبو كميل، أكد أيضا وجود غياب واضح للعدالة في إجراءات التعافي في مختلف القطاعات، ولا سيما في قطاع البنية التحتية. وقال أبو كميل: 'هذا الغياب ينعكس بشكل مباشر على قدرة المواطنين على العودة إلى أماكن سكنهم رغم الدمار الشامل، فالمواطنون يشعرون بانتماءٍ عميق لبيوتهم، ويحنون إليها رغم الركام، ولكن العقبات الأساسية تكمن في بطء فتح الشوارع، وعدم إزالة الأنقاض بشكل كافٍ، وتأخر إيصال المياه والخدمات الأساسية'.
وأضاف لـ'فلسطين أون لاين': 'رغم مخاطبتنا المتكرّرة للجهات المعنية بهذه القطاعات، إلا أن الاستجابة ما زالت محدودة، ما يعطل جهود الإيواء ويانة الآبار وتوفير خزانات المياه بمختلف السعات، وهي خطوات أساسية لدعم صمود المواطن الذي أثبت قدرة استثنائية على التحمّل، ويستحق أن نقف إلى جانبه بجدّية أكبر.
ولا يوجد، حسب أبو كميل، معايير مهنية واضحة أو شفافة في توزيع الآليات والمعدات الثقيلة، وهو ما ينعكس على عدالة العمل في الميدان، 'وبعض المناطق تغطى بشكل أفضل من أخرى، في حين تبقى مناطق بحاجة ماسة دون دعم كافٍ'.
وأردف بالقول: 'الأمر نفسه ينطبق على توزيع مادة السولار، إذ لا يوجد نظام واضح لتزويد البلديات بالكميات المطلوبة مسبقًا قبل بدء العمل، ومن غير المنطقي أن يطلب من البلدية إزالة الركام وفتح الشوارع دون أن تتوافر لها كميات الوقود اللازمة لتشغيل المعدات، والأصل أن تصرف هذه المواد قبل بدء الأعمال، حتى نتمكن من تنفيذ مهامنا بكفاءة'.
وأثر غياب العدالة، حسب أبو كميل، بشكل سلبي كبير على جهود البلدية في مرحلة التعافي الأولى، وأثقلت كاهل المواطنين الذين يعانون من أوضاع بيئية وصحية ونفسية صعبة، خاصة أن الدمار في المغراقة ووادي غزة وصل نسبة 100%.
يوضح رئيس بلدتي المغراقة ووادي غزة، أن هذه المعطيات تؤكد أن غياب العدالة في توزيع الموارد وضعف التنسيق بين الجهات العاملة في التعافي يعرقل بشكل مباشر عودة الحياة الطبيعية، ويؤخّر عملية النهوض من الكارثة.
شمال القطاع
بلدية جباليا شمال غزة، أعلنت توقف العمل في فتح الشوارع ورفع الركام، بسبب ما قالت عدم استجابة المؤسسات العربية والدولية للنداءات المتكررة وإصرار البعض منها على تركيز أعمالهم في منطقه واحده فقط، وعدم تزويد باقي البلديات بالسولار.
وأوضحت البلدية أنها استلمت خلال الفترة الماضية، (9) آلاف لتر سولار لصالح البلدية، وذلك خلال (25) يومًا منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ وذلك عبر الهيئة العربية لإعمار فلسطين، وهي كمية لا تكفي ليومين فقط من العمل.
وبينت أن هناك بعض المبادرات العربية الخجولة التي لا ترتقي لحجم الكارثة والإبادة والدمار.
واستغربت البلدية من بعض اللجان العربية على العمل وفق أجنداتها الخاصة دون التعاون مع البلديات التي تعاني من حرب الإبادة 'الإسرائيلية' التي استهدفت الخدمات الأساسية في البلديات.
بلدية غزة وعبر الناطق باسمها حسني مهنا أكدت لـ'فلسطين أون لاين' أنها كانت وما زالت على تواصل مستمر مع المؤسسات المحلية والدولية، مشيرةً إلى أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة زاد من حجم الحاجة للمساعدة الإنسانية.
وأوضح مهنا أن القيود التي يفرضها الاحتلال على عمل المؤسسات الدولية أعاقت في كثير من الأحيان تقديم الدعم والمساندة، في إطار سياساته الرامية إلى تضييق الخناق الكامل على الشعب الفلسطيني.
وأضاف أن حجم الدمار والظروف الإنسانية المعقدة فاق قدرات أي جهة منفردة، ما أدى إلى فجوات كبيرة بين حجم الدعم المحدود والاحتياج الهائل الذي تعانيه المدينة، خاصة أن مدينة غزة تُعد الأكثر اكتظاظًا والأشد تضررًا.
وأكد أن التعاون مع المؤسسات الدولية أمر أساسي، موضحة أنها تواصل العمل لتعزيز التنسيق وضمان أن تكون مدينة غزة ضمن أولويات المساعدات الدولية، بما يتناسب مع مسؤولياتها الممتدة منذ اليوم الأول للعدوان، مشددة على أن طواقمها وقيادتها لم تغادر الميدان رغم الظروف القاسية وأوامر الإخلاء الإسرائيلية.
وحول ما يثار عن استحواذ بلدية غزة على النصيب الأكبر من المعدات في المرحلة الأولى، أكد أن هذا الادعاء غير صحيح، موضحة أنها تعمل بروح الشراكة لا المنافسة، ولم تتسلم أي آليات أو معدات ثقيلة من الجهات المانحة، بل تعتمد على ما يتوفر من معدات القطاع الخاص، وهي محدودة وقديمة ولا تتناسب مع حجم الأضرار والمسؤوليات في المدينة.
وبين أن عملية توزيع المعدات والمساعدات تتم عبر المؤسسات الدولية وفق تقييمات ميدانية ومعايير فنية دقيقة، وليس بناءً على رغبات خاصة.
وشد على أنها مع دعم جميع البلديات للقيام بمهامها، انطلاقًا من موقعها في رئاسة اتحاد بلديات قطاع غزة، ومن كونها البلدية الأكبر على مستوى فلسطين، مشيرةً إلى أنها تقوم بمساعدة البلديات الأخرى بما يتوفر لديها من إمكانيات رغم محدوديتها.
وأضاف: 'هدفنا هو التعاون لإعمار قطاع غزة بالكامل، ونحن مستعدون دائمًا للعمل المشترك وتقاسم الخبرة والمعدات حيثما أمكن'، لافتًا إلى أن البلدية كانت السباقة في دعم بلديات الشمال بالمعدات والوقود خلال العدوان لتعزيز صمودها في مواجهة آلة الاحتلال.
انحياز حسب العلاقات
الدكتور صلاح الدين أبو عبدو، أستاذ مساعد الهندسة المدنية والبيئية واستشاري هندسة المياه والبنية التحتية والبيئة، اعتبر أن المؤسسات الدولية مغيبة عن الواقع بحكم بعدها عن غزة وبالذات أثناء الحرب، وبالتالي هي تعتمد ما يقوم مدراؤها من غزة باقتراحه عليها من مشاريع.
ويقصد أبو عبدو أن المؤسسات الدولية يجب أن تستسقي المعلومات والتحديثات من مدرائها ليس بناء على انطباعاتهم أو معلوماتهم أو ما يسمعونه، وإنما بالرجوع إلى معلومات وحقائق من جهات الاختصاص.
وقال أبو عبدو لـ'فلسطين أون لاين': 'للأسف كثيرًا من المدراء لا يراعون ضرورة شمولية وظيفتهم (أنهم يمثلون قطاع غزة ككل وليس مدينة واحدة أو حيًّا واحدًا)، وكذلك لا يراعون عدالة التوزيع في المشاريع وحجمها وموازناتها، فتجدهم في الغالب متحيزين لمدينة معينة أو حي معين بحكم تواجدهم فيه أو علاقاتهم مع الجهات الرسمية هناك'.
وأوضح أن هذا هو السبب الأساسي في عدم عدالة التوزيع في معظم مشاريع القطاع الحالية، ومنها مشروع إزالة الأنقاض من الشوارع، على الرغم من أنه مشروع صغير جدًا لا يكاد يلبي احتياجات البلديات اليومية، فكيف بإزالة ركام حرب استمرت لعامين وتحتاج سنوات للتمكن من إزالة الركام الخاص بالبنية التحتية أو حتى ركام المواطنين.
وبين أبو عبدو أنه من الضروري وجود لجنة عليا لإدارة مشاريع إزالة الركام والتعافي في البنية التحتية، وأن تعمل هذه اللجنة على توزيع المشاريع بعدالة وحسب الاحتياج وعدد السكان المخدومين وأهمية المشروع في المنطقة بشكل خاص أو القطاع بشكل عام.
وأشار إلى أن المشكلة ليست في عدم وجود خطط، فكثير من المؤسسات عكفت على مدار عامي الحرب إلى إعداد خطط للإغاثة أثناء الحرب وبعدها وللتعافي بعد إيقاف الحرب، وإزالة الركام والإسكان، ولكن في تقديره عدم وجود تفاصيل لتلك الخطط توضح الجهات المستفيدة بشكل واضح وتوزع تلك المشاريع بعدالة على المناطق، وهذا هو ما جعل المشاكل تطفو على السطح بمجرد البدء بالتنفيذ، وجعلنا كمختصين في مجال البنية التحتية والبيئة نتنبه لذلك وندقّ ناقوس الخطر منذ البداية لنُلفت انتباه تلك المؤسسات ومديريها بضرورة وضع خطط تفصيلية لغزة ما بعد الحرب بشكل موحد المصدر يضمن تلبية الاحتياجات العاجلة لكل المناطق والعدالة في التوزيع في آن واحد.
ولفت إلى أنه حال عدم الالتزام بالمهنية وعدالة التوزيع، فإن كثيرًا من المناطق المهمشة في غزة لن تحصل على المساعدة المطلوبة، ولن يتمكن مواطنوها من العودة لها وممارسة حياتهم مثل أقرانهم من المناطق الأخرى، والذين تساووا معهم في نفس المأساة من الإبادة والدمار ولكنهم لم ينالوا العدالة في المعاملة والاهتمام.
ويوصي أبو عبدو، مدراء المؤسسات الإغاثية وممثليها بضرورة العمل بمهنية والاهتمام بكل مدن القطاع على حد سواء، وعدم التحيز لمنطقة على أخرى، والعمل من خلال شبكة عمل متكاملة قادرة على توزيع المشاريع الأولية لتعافي البنية التحتية وإزالة الركام من الشوارع بالعدالة ومن خلال مبدأ السلة الواحدة.
ويقصد أبو عبدو بمبدأ السلة الواحدة بأنها طريقة لتنسيق العمل بين المؤسسات الممولة والداعمة، وهي أن يجتمع تمويل ومشاريع جميع المؤسسات الداعمة في سلة واحدة ومن ثم يتم توزيعها حسب الاحتياج ووفق آلية تضمن الوصل للجميع دون تهميش، وتضمن عدم تكرار الاستفادة لنفس الجهة المستفيدة من كذا ممول لنفس المشروع بسبب عدم التنسيق الواسع.
ردود المؤسسات
واجه معد التقرير كبرى المؤسسات التي تعمل على تنفيذ المرحلة الأولى من التعافي في مجال البنية التحتية، وهي اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، واللجنة المصرية لإغاثة أهالي قطاع غـزة، والهيئة العربية الدولية للإعمار في فلسطين.
المسؤول الإعلامي للجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، عبد الرحمن الخالدي، أكد أن اللجنة تعمل حالياً على إزالة الركام وفتح الشوارع لتسهيل حركة المواطنين، وتمكين مرور السيارات والشاحنات بسلاسة إلى جميع المناطق.
وقال الخالدي لـ'فلسطين أون لاين': ' أما بالنسبة للمساعدات القطرية، فهي تستهدف جميع محافظات قطاع غزة وسكانه دون استثناء'.
معايير الهيئة العربية
الهيئة العربية الدولية للإعمار في فلسطين أكدت أنها تركز على الاستجابة الشاملة لكافة المناطق، وذلك من خلال دراسة واضحة أعدها خبراء مختصّون ضمن استراتيجية الهيئة.
وقالَت الهيئة لـ'فلسطين أون لاين' إنه تم تحديد مراحل التدخل لتشمل جميع المناطق المتأثرة، وهي كالتالي المرحلة الأولى: الاستجابة الفورية والعاجلة، والثانية: الاستجابة الانتقالية والمتوسطة، والثالثة: التعافي المستدام، ثم مرحلة: الدعم والتأهيل.
وبين أن الهيئة تعمل بالتوازي عبر هذه المراحل لتغطية جميع المناطق الجغرافية في قطاع غزة، وتسعى إلى استعادة الدور المركزي لمدينة غزة كما كانت قبل الحرب، كمركز حيوي ورئيسي.
وحول وجود تهميش أو تمييز بين مناطق الجنوب والشمال، قالت الهيئة إن ذلك لم يحدث إطلاقًا، بل على العكس، إذ أظهرت الجهود حجم التضحيات التي بذلت على الأرض.
وحول المعايير الأساسية التي تعتمدها الهيئة العربية في تحقيق الاستجابة والوصول لكافة المناطق، بينت أن هو أبزرها احتياجات جميع مناطق قطاع غزة، مع إعطاء الأولوية للمناطق ذات الكثافة السكانية الأعلى، وتحديد الأولويات بناءً على حجم الاحتياج ومدى قدرة التدخل على خدمة أكبر عدد ممكن من السكان.
وذكرت الهيئة أيضاً أنها تتعامل مع أزمة إنسانية متجددة، وتحدد الأولويات بناءً على حجم الاحتياج ومدى قدرة التدخل على خدمة أكبر عدد من السكان، مشيرةً إلى أهمية قرب المناطق من المستشفيات والمراكز الصحية لضمان استمرار تقديم الخدمات الطبية وتزويدها باحتياجاتها. كما وبينت الهيئة أن مشاريعها شملت جميع مناطق قطاع غزة وخصوصًا المناطق الأكثر تضررًا.
وأكدت أنها واجهت تحديات كبيرة تتعلق بالأوضاع الاقتصادية وظروف الإخلاء، إضافة إلى التواجد العسكري الإسرائيلي الذي أعاق الوصول إلى بعض المناطق.
ومع ذلك، أوضحت أنه تمكنت من الوصول وتغطية المناطق الشمالية بتدخلات مشابهة لما جرى في مناطق الجنوب، مشيرةً إلى أنها لا تميز بين المناطق، بل كان التحدي في كيفية الوصول إليها، وهو ما تم تجاوزه من خلال تنفيذ مشاريع تغطي مختلف مناطق القطاع.
وبينت أن مشاريعها شملت مجالات متعددة مثل نقل مياه الصرف الصحي، وصيانة الآبار، وإنشاء محطات تحلية المياه وغيرها، مركزة على المناطق الأكثر تضررًا.
اللجنة المصرية
اللجنة المصرية، ومن خلال الناطق الإعلامي باسمها محمد منصور، أكد أن اللجنة أعطت بعد انتهاء الحرب الأولوية لافتتاح مراكز إيواء للمتضررين كمرحلة أولى من خطة الإغاثة، كما شرعت في بناء مخيمات جديدة في وسط وشمال قطاع غزة، مع توزيع عشرات آلاف الطرود الغذائية على المتضررين والعائدين إلى مناطقهم في شمال القطاع.
وفيما يتعلق بمعايير تحديد أولوية المناطق في عملية تعافي البنية التحتية، أوضح منصور لـ'فلسطين' أن اللجنة تعمل حاليًا بالتعاون مع الشركاء الدوليين على تحديث البيانات الميدانية ورصد المناطق الأكثر تضررًا، تمهيدًا لوضع خطة طوارئ لمرحلة التعافي السريعة.
ورداً على ما يُثار حول تهميش بعض المناطق مثل الجنوب أو الشمال، نفى منصور صحة تلك المزاعم، مشددًا على أن اللجنة تعمل في جميع مناطق قطاع غزة دون استثناء، حيث فتحت خمسة مستودعات رئيسية: ثلاثة في الوسط والجنوب، وواحد في الشمال، لضمان ضخ المساعدات في وقت واحد إلى مختلف المحافظات.
وأضاف أن فرق اللجنة تعمل كخلية نحل توزع جهودها بين بناء المخيمات وتقديم المساعدات الإنسانية بشكل متزامن في جميع أنحاء القطاع، مؤكدًا أن أعمال اللجنة لا تقتصر على مدينة واحدة، بل تشمل كل مناطق غزة من شمالها إلى جنوبها، ضمن خطة تنسيق وتحديث مستمرة لبناء آلية عمل متكاملة للمرحلة المقبلة.
وتعمل المؤسسات العربية في قطاع غزة على إزالة الركام من خلال آليات ومعدات موجودة مسبقًا في القطاع ولم تدخل لها آليات جديدة بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر الماضي.
مشكلة حقيقية
مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أمجد الشوا، أكد أن هناك مشكلة حقيقية في العلاقة والتنسيق بين منظومة الأمم المتحدة والبلديات في قطاع غزة، موضحًا أن الأدوات والمساعدات لا تُوجَّه مباشرة إلى البلديات.
وقال الشوا لـ'فلسطين أون لاين' إن ضعف التواصل بين الأطراف المعنية وغياب التنسيق الفعال يمثلان أحد أبرز التحديات الحالية، مضيفًا أن كمية الوقود التي تدخل قطاع غزة غير كافية لتغطية الاحتياجات الأساسية.
وأشار إلى أن عدد الآليات المتوفرة قليل جدًا مقارنة بحجم الاحتياج، إضافة إلى أن معظمها قديم ويحتاج إلى صيانة مستمرة.
وأكد أن الأساس يجب أن يكون في وجود آلية واضحة للتنسيق المشترك بين البلديات والجهات التي تقدم الخدمات والمساعدات لضمان توزيع عادل وفعّال.
وشدد على أنه من الضروري أن تحصل البلديات على حقها الكامل في توجيه عملها بشكل أفضل، مشيرًا إلى أن اختلاف الأولويات بين الجهات العاملة يؤدي أحيانًا إلى إرباك الجهود الميدانية، ما يتطلب مراجعة شاملة لآليات التنسيق والتخطيط.
وأمام غياب العدالة في إجراءات التعافي الأولى للبنية التحتية، وتحقيق النزاهة والشفافية، تواجه بلديات صعوبات كبيرة في تحقيق الأعمال السريعة المطلوبة منها لعودة الحياة إلى قطاع غزة.
الحوكمة الرشيدة
الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) نبه من خلال ورقة النزاهة الأساسية في إدارة الأزمات والكوارث في فلسطين
ضمن كتاب المؤتمر السنوي ٢٠٢٤، إلى ضرورة بناء إطار وطني فاعل لتعزيز قيم النزاهة والشفافية والمساءلة في جميع مراحل إدارة الأزمات والطوارئ في فلسطين، بدءًا من الاستعداد والتأهب، مرورًا بمرحلة الاستجابة الفورية، ووصولًا إلى مرحلة التعافي وإعادة البناء.
وتضمنت الورقة إرساء منظومة قيم وممارسات مؤسسية تضمن حسن إدارة الموارد، وعدالة توزيع المساعدات، واستدامة الثقة بين المواطنين، ومزودي الخدمات، خصوصًا في ظل الظروف المعقدة الناتجة عن الاحتلال الإسرائيلي، والحروب المتكررة، والكوارث الإنسانية التي تمس حياة الفلسطينيين.
واعتمدت الورقة على مجموعة من المبادئ التي ينبغي أن توجه العمل المؤسسي والسياسات الوطنية في إدارة الأزمات، وهي دمج مكافحة الفساد في جميع مراحل إدارة الأزمات – من مرحلة التخطيط والتأهب إلى التنفيذ والتعافي، بما يعزز الوقاية من الممارسات غير النزيهة، وتطبيق الحوكمة الرشيدة القائمة على الشفافية، والعدالة، والمساءلة، والمشاركة المجتمعية الواسعة.
وأوصت الورقة ضرورة تعزيز الضوابط الداخلية والإدارية لضمان التزام الموظفين والمسؤولين بالقيم الأخلاقية والمهنية في إدارة الموارد العامة.
وأوصى ائتلاف أمان إعداد استراتيجية وطنية موحدة لإدارة الأزمات تقوم على مبادئ النزاهة والمساءلة، وتحديث القوانين والتشريعات بما يضمن اتساقها مع متطلبات إدارة الأزمات والنزاهة المؤسسية، وتعزيز التعاون والتكامل بين الحكومة، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص في مراحل الاستجابة كافة، وتمكين المجتمع من الرقابة والمشاركة الفاعلة في تنفيذ البرامج والخطط الإنسانية، ودمج قيم النزاهة في السياسات العامة والخطط الإغاثية لضمان العدالة في تقديم الخدمات وتوزيع الموارد.

























































