اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٠ شباط ٢٠٢٥
رأى خبراء عسكريون أن انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من محور 'نتساريم' يعكس فشله في تحقيق أهدافه العسكرية في قطاع غزة، ويشكل تحولًا استراتيجيًا لصالح المقاومة الفلسطينية.
وأوضحوا في أحاديث منفصلة مع 'فلسطين أون لاين' أن الاحتلال عجز عن فرض السيطرة الميدانية داخل القطاع، وفشل في تنفيذ مخططاته الاستيطانية التي كان يطمح إلى تحقيقها في شمال غزة.
وشدد الخبراء على أن الانسحاب يُشكل ضربة قاسية للعقيدة العسكرية الإسرائيلية، حيث كانت (إسرائيل) تراهن على هذا المحور لفصل شمال غزة عن جنوبه، لكن المقاومة تمكنت من إعاقة هذه الخطط بالكامل عبر استنزاف قوات الاحتلال في كافة المحاور.
وصباح أمس، أعلن جيش الاحتلال عن اكتمال سحب قواته من محور 'نتساريم' في قطاع غزة، في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
تغيير جوهري
وأكد الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد أن انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من محور 'نتساريم' بالكامل يأتي في سياق عدم قدرته على الحفاظ على زخم عملياته العسكرية في المنطقة.
وأوضح أبو زيد أن هذا الانسحاب يتيح للمواطنين والمركبات حرية الحركة بين شمال وجنوب قطاع غزة، مما يعكس تغييرًا جوهريًا في المشهد الميداني لصالح الفلسطينيين.
وحول المكاسب التي تحققت جراء انسحاب الاحتلال من محور 'نتساريم'، أوضح أبو زيد أن الاحتلال فشل في تحقيق حرية الحركة داخل قطاع غزة وفقًا لمخططاته، حيث كان يسعى إلى فرض نموذج الضفة الغربية على القطاع.
يضاف إلى ذلك، حسب أبو زيد، أن المقاومة نجحت في تجريد الاحتلال من خطوة خلق مساحة جغرافية تمكنه من إحداث وصل جغرافي بين قواعده العسكرية في 'غلاف غزة' وشواطئ القطاع، وإعادة تأطير نموذج الاستيطان الذي كان معمولًا به قبل عام 2005، وما كان يُعرف بمستعمرات 'غوش قطيف'.
ولفت إلى أنه لم يتبقَّ للاحتلال أي قوات في شمال قطاع غزة، حيث انسحب اللواء المدرع 401 من طريق الرشيد، وانسحبت ألوية 'كفير' و'جفعاتي' و'ناحل' من بيت حانون وجباليا، كما انسحبت الفرقة 99 من محور 'نتساريم'، ما يعني تأمين حرية حركة كاملة لسكان القطاع بين شماله وجنوبه، مما يسهم في تسهيل حركة كتائب المقاومة دون أي رقابة برية من جيش الاحتلال.
وتابع أن حاجز 'نتساريم' كان يقسم أراضي القطاع، حيث يفصل 14 كيلومترًا من مدينة غزة الواقعة شمال القطاع عن 27 كيلومترًا من الأراضي الواقعة في وسط وجنوب القطاع، فيما كان طوله يبلغ نحو 6.5 كيلومترات وعرضه 7 كيلومترات، ويعترض الطريق الرئيسي 'صلاح الدين'، أحد الطريقين الرئيسيين اللذين يربطان شمال غزة بجنوبها.
كما أضاف أن الاحتلال كان قد خطط لإنشاء رصيف بحري على شاطئ غزة بالتعاون مع الجانب الأمريكي يرتبط بمحور 'نتساريم'، لكن هذه الفكرة باءت بالفشل بفعل صمود وثبات المقاومة الفلسطينية، مما أضعف خطط الاحتلال بشكل كبير.
ضربة جوهرية
يرى الخبير العسكري والاستراتيجي ناجي ملاعب أن الانسحاب من محور 'نتساريم' يمثل ضربة جوهرية للعقيدة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، خاصة لدى القيادات اليمينية والجنرالات الذين كانوا يراهنون على الاستيطان في شمال غزة.
وأوضح ملاعب أن هذا المحور كان يُعتبر نقطة استراتيجية تفصل شمال القطاع عن جنوبه، وكان يُعتقد أنه لا يمكن التخلي عنه.
وأضاف أن (إسرائيل) لم تتمكن من السيطرة على أي جزء من غزة بالكامل، ومع ذلك كانت تراهن على هذا المحور لفرض واقع استيطاني جديد يعيد المستوطنات إلى الشمال، مؤكدًا أن إزالة هذا المحور تعني إسقاط الحلم الإسرائيلي في الاستيطان بشمال غزة.
ولفت إلى أن محور 'نتساريم' كان يُشكل مساحة استراتيجية تهدف إلى تمكين جيش الاحتلال من الدخول إلى الأنفاق، وفصل شبكة الأنفاق في شمال غزة عن باقي القطاع بهدف رصدها وتدميرها. غير أن قوات الاحتلال، حتى أثناء القتال في شمال غزة، واجهت مقاومة شديدة ومتزايدة في كل مرة، مما يعني أن الأنفاق لا تزال تعمل وتُمد المقاومة بعوامل الصمود.
وشدد ملاعب على أن انسحاب الاحتلال من محور 'نتساريم' يُعد اعترافًا بفشله في تحقيق أهدافه العسكرية. وأضاف: 'الحلم الإسرائيلي باقتطاع شمال غزة وإعادة الاستيطان إليه تلقى ضربة قاسية مع هذا الانسحاب'.
تطور استراتيجي
من جانبه، رأى الخبير العسكري يوسف الشرقاوي أن انسحاب جيش الاحتلال من محور 'نتساريم' يفتح الباب أمام احتمالين: إما أن يكون انسحابًا دائمًا، أو خطوة تكتيكية لإعادة ترتيب الأوراق استعدادًا لاستكمال الحرب على غزة.
وأشار الشرقاوي إلى أن (إسرائيل) سبق وأعلنت أن وجودها في 'نتساريم' 'أبدي'، لكنها اضطرت في النهاية إلى الانسحاب من هذا المحور، الذي يُعتبر أكثر أهمية من محور 'فيلادلفيا' الحدودي مع مصر، ومعبر رفح البري، والشريط الأمني شمال القطاع.
وأضاف أن من تتبع سير المعارك في قطاع غزة على مدار 18 شهرًا، حتى الخبراء والضباط العسكريون الإسرائيليون، يعترفون بأنه لا توجد أي قوة عسكرية، مهما كانت تحصيناتها، يمكنها البقاء داخل قطاع غزة لفترة طويلة.
وشدد الشرقاوي على أن الانسحاب من محور 'نتساريم' يمثل تطورًا استراتيجيًا، نظرًا لأن هذا المحور كان أساسيًا في مخطط (إسرائيل) لفصل شمال غزة عن جنوبها، لافتًا إلى أن تراجع (إسرائيل) عن هذا الهدف يعكس فشلًا في تحقيق أحد الأهداف الرئيسية للحرب، مما يشير إلى تآكل استراتيجيتها الميدانية في القطاع.