مسؤولٌ رفيعٌ بالموساد: الحرب الطويلة مع ايران ستُقوِّض الاستقرار بالمنطقة وهي أسوأ سيناريو لإسرائيل..

ربّما المشهد الأكثر دلالةً على القلق والخشية والخوف الذين انتشروا في دولة الاحتلال الإسرائيليّ بعد أنْ بدأت إيران بالردّ على العدوان الإسرائيليّ تمثلّ بصورةٍ واضحةٍ، عندما أعلنت قنوات التلفزة العبريّة عن انتقال بثها من الأستوديوهات العاديّة إلى أماكن أخرى أمينةٍ، حيثُ تواصَل البث من خلف الكواليس، فيما ظهرت على الشاشة صورةً للإصابات التي وقعت في تل أبيب، ليلة أمس الجمعة وصباح اليوم السبت، نتيجة الصواريخ الإيرانيّة، علمًا أنّ صفارّات الإنذار دوّت في جميع أنحاء الكيان، وطولب المستوطنين بالبقاء في الأماكن الآمنة والمحصنّة.

وفي هذا السياق رأى المستشرق د. تسفي بارئيل، مُحلِّل الشؤون الشرق أوسطيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، أنّ الهجوم الإسرائيليّ ضدّ إيران قد يجب نتيجةً عكسيّةً، والتي تتمثّل في عودة إيران إلى طاولة المفاوضات، وهو الأمر الذي تفعل إسرائيل كلّ ما لديها من أجل إفشاله.

وتابع المستشرق أنّه في الوقت الذي ما زال الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب يطمح لتوقيع اتفاقٍ مع الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، ويرى في الهجوم الإسرائيليّ رافعة ضغطٍ على طهران، فإنّ الإسرائيليين يعملون من أجل إلغاء الحاجة لوجود اتفاقٍ لأنّ إيران لن يكون بعد الهجوم برنامجًا نوويًا، على حدّ تعبيره.

وشدّدّ بارئيل على أنّ الأطماع في تحقيق هذا الهدف كبيرة، ولكن في المقابل فإنّ إسرائيل فهمت محدودية القوّة، حتى عندما وواجهت قوى صغيرة، فكم بالحري عندما تكون المواجهة العسكريّة مع دولةٍ عظمى مثل إيران، كما قال.

إلى ذلك، قال رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، فيما يتعلق بمسألة الدعم الأمريكي، إنّه أعرب في اجتماعات المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) عن أمله في أن تدعم واشنطن إسرائيل، “لكننا لا نملك خياراً آخر، وإذا لم نهاجم، فسنموت بنسبة مائة بالمائة”.

ومضى قائلاً “لذا، حتى لو لم يكن الأمر مثاليًا، علينا أنْ نفعل ذلك، لأنّنا يجب أنْ نُغيِّر اتجاه التسلح العسكريّ الإيرانيّ، سواء أسلحة باليستية أوْ نووية”، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ “دعم الولايات المتحدة، أو على الأقل عدم معارضتها، أمر مرغوب فيه للغاية”.

وكشف نتنياهو إّنه ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر نجحا في تأمين الدعم الأمريكي في اجتماعات مع شركائهما الأمريكيين، التي لا يزال بعضها سريًا. كما قال نتنياهو إنّه أطلع دونالد ترامب مسبقًا، وإنّه لا يعرف ما الذي سيقرره الرئيس الأمريكي الآن، مُضيفًا أنّ قادة العالم يعترفون بحقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إيران، عل حدّ تعبيره.

قال حاييم تومر، المسؤول الكبير السابق في جهاز الموساد الإسرائيلي، إن العملية التي استهدفت إيران ليلة الجمعة “حققت أهدافًا هامة على مستوى القيادة العسكرية”، معتبرًا أن الموساد والاستخبارات الإسرائيلية يمتلكان تفوقًا نوعيًا في تحديد وضرب الأهداف.

وفي مقابلة مع إذاعة 103FM، أشار تومر إلى أن ما جرى قد يكون بداية فصل جديد من الصراع، موضحًا أن الرد الإيراني المتوقع قد يكون واسع النطاق، مما يفرض على إسرائيل تنسيقًا وثيقًا مع الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين.

ورأى أنّ السيناريو الأسوأ يتمثل في هجوم مضاد منظم من إيران ووكلائها يضع الدفاعات الجوية الإسرائيلية تحت ضغط هائل، محذرًا من أنّ حربًا طويلة مع إيران ستؤدي إلى تقويض فرص الاستقرار في المنطقة.

وأضاف “نحن نتعامل مع مسائل أكثر إستراتيجية، ونتساءل إلى أين تتّجه إسرائيل في الحرب مع إيران التي بدأت الليلة. آمل أن تكون تصريحات الرئيس دونالد ترامب ذات صلة، إذ من المتوقع تنفيذ هجوم إيراني واسع النطاق ردًا على ذلك، ونحن بحاجة إلى التعاون مع الأمريكيين وحلفائهم الآخرين في المنطقة”.

وأضاف “نحن في بداية فصل جديد، ولا نعرف كم من الوقت سيستغرق، وماذا حدث للمنشآت النووية الإيرانية، وأنا أميل إلى الاعتقاد بأن إسرائيل تحركت بناء على معلومات استخباراتية عالية الجودة”.

وأشار تومر إلى أنّ “التحركات القتالية تتكشف في ديناميكية يصعب التنبؤ بها مسبقًا. السيناريو هو أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستسيران سوية في جميع أنظمة الدفاع، وأنّ الولايات المتحدة ستتوصل إلى اتفاق أفضل، هذا هو الطموح. إنّ حربًا طويلة مع إيران سيئة للغاية لإسرائيل، ولفرص أي استقرار إقليمي، وآمل ألا تحدث”.

وقال: “يُعتقد أنه إذا انضمت إيران وحلفاؤها المسلحون إلى هجوم مضاد منظم على إسرائيل من شأنه أن يتحدى أنظمة الدفاع الجوي – فهذا هو السيناريو الأسوأ بالنسبة لإسرائيل”، على حدّ تعبيره.

في الختام تناول المحلل العسكريّ في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة مشكلة النقص في عدد الجنود بجيش الاحتلال وقال: “أحيانًا، يبدو كأنّ الجيش رجل أصلع ينهض كلّ يومٍ ليفكر في قصة شعر تليق به، على الرغم من أنّه يحتاج إلى زرع شعر أولاً. لذلك، فإنّ الخلاصة لا تتغير: إنْ لم يتم إيجاد حلٍّ لقضية الموارد البشرية، فإنّ رئيس هيئة الأركان لن يستطيع تنفيذ الخطط. منذ الآن، يبدو كأنّ الضغط والاستنزاف هما الحديث المركزي في كافة المستويات”، طبقًا لأقواله.