اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكـالـة مـعـا الاخـبـارية
نشر بتاريخ: ٥ تموز ٢٠٢٥
في الجنوب السوري، لا شيء يشبه الأمس، الطرق تُقطع، والقرى تُعزل، والجرافات الإسرائيلية تمضي لتكتب تاريخًا جديدًا على الأرض، هي نية تكاد تكون معلنة لتغيير المعالم، وطيّ صفحة من خريطة سوريا، تمهيدًا لما قد يكون إعلانًا رسميًا لحدود جديدة ترسمها إسرائيل من سوريا، بلغة القوة.
لم تعد المسألة وجودًا عسكريًا طارئًا، بل تحوّلت إلى هندسة سياسية بعيدة المدى، فإسرائيل التي فرضت سيطرتها على مساحات واسعة من الجنوب السوري منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، بدأت تنفيذ خطة عزل ممنهجة، بحسب مصادر ميدانية، قطعت القوات الإسرائيلية الطرق التي تربط القرى الخاضعة لها بالبلدات السورية الأخرى، ورفعت سواتر ترابية شاهقة، كأنها ترسم حدودًا جديدة لا تنتظر اعترافًا دوليًا، بل تفرض نفسها بقوة الواقع.
المشهد لا يتوقف عند الحصار الجغرافي، بل تسير بخطى متسارعة نحو التمكين العسكري، 13 قاعدة أُنشئت منذ ديسمبر، آخرها في 'تل أحمر الشرقي' قرب بلدة كودنة في ريف القنيطرة، في محاذاة قاعدة سابقة في 'تل أحمر الغربي'، هذه القواعد ليست مجرد تحصينات، بل إشارات واضحة على نيّة إسرائيل ترسيخ وجود دائم في المنطقة.
في هذه المناطق، باتت الاقتحامات اليومية بحجة 'البحث عن عناصر إرهابية' جزءًا من الحياة، وتحت هذه الذرائع، تُهدم المنازل، كما حصل في الحميدية، حيث أُزيل 16 منزلًا بدعوى اقترابها من قاعدة عسكرية، السكان المحاصرون بالخوف والعزلة يضطرون للنزوح بصمت، بينما يتعمق التوغل الإسرائيلي بلا مقاومة تُذكر.
هكذا تمضي إسرائيل في مشروعها بثقة مدججة بالسلاح، لا بيانات شجب توقف الجرافات، ولا صرخات السكان تردع الجدران التي ترتفع بين القرى، وفي غياب موقف سوري حازم، يبدو الجنوب وكأنه يُسحب من تحت أقدام أهله، مترًا تلو متر، دون ضجيج يُذكر.